مدينة في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، جلها من الأيتام الذين فقدوا أحد الأبوين أو كليهما، والأولوية فيها للناجي الوحيد من حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا، يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023.
مدينة الأيتام هي جهد ومبادرة شخصية أطلقها المدرس محمود كلخ منذ بدأ حركة النزوح القسري من شمال القطاع حتى جنوبه فيما يعرف بالمناطق الآمنة التي زعم الاحتلال عن وجودها هناك.
يقول كلخ ل"فلسطين أون لاين" :"مدينة الأيتام هي مبادرة من سلسلة مبادرات البركة التي بدأتها قبل العدوان "الإسرائيلي"، فمنذ اللحظة الأولى لبدء عملية القتل الممنهجة الغزيين وما تخللها من عملية تهجير قسري، وبحث النازحين عن مأوى بدأت أفكر في إيجاد مكان يؤويهم".
ويضيف: "وكان أكثر النازحين حاجة هم القادمين من شمال القطاع، حيث أقمنا لديهم حتى الآن أربع مخيمات تقع في المنطقة الإنسانية حسب مزاعم الاحتلال وهي منطقة المواصي، بها أكثر من 400 عائلة تضم 2500 طفلا".
ويبين مسؤول مدينة الأيتام أنها تتكفل برعاية الأطفال رعاية كاملة من تعليم، وطعام، وشراب، ودواء حيث تتوفر نقطتان طبيتان تقدم العلاج اللازم للأيتام.
ويشير إلى أن المدينة تضم مدرستان، كل مدرسة تضم 450 طالبا، كما يوجد 25 حلقة تحفيظ ينتظم بها 600 طالبا وطالبة، بالإضافة لبرامج الدعم النفسي، والاجتماعي.
ويؤكد، أن المدينة أقيمت بجهود فردية وتبرعات من الأصدقاء وأهل الخير، على أراضي مستأجرة يتم دفع ايجار لها شهريا.
وتخضع مخيمات البركة الأربع لإدارة نسوية بحتة من زوجات الشهداء الذين ذاقوا الحسرة والمعاناة.
وفي مخيمات مدينة الأيتام قصص، وحكايا لا تنتهي، أبرزها من عانى من الفقد الأبوين معا وعددهم 50 طفلا برفقة أهاليهم من الدرجة الثانية،وفق كلخ.
وتصطدم مبادرة كلخ بعدة عراقيل، يعدد منها توفير الدعم المالي للإنفاق على المخيمات الأربعة حيث تحتاج إلى ايجار شهري 4000 دولار للأراضي المقامة عليها، و5000 دولار حوافز للعاملات في المخيمات، وبحاجة لتوفير 20 كوب من الماء العذب يوميا.
ومن الصعوبات أيضا يتابع كلخ: "ونعاني من مشكلة توفير إنارة للمخيمات الأربعة، حيث تحتاج إلى ألواح طاقة شمسية تصل ميزانيتها لنصف مليون شيكل أي ما يعادل 120ألف دولارا.
ومن أكثر الحكايا إيلامًا، التي يرويها كلخ على لسان جدة هربت من التطهير العرقي الذي يمارسه جنود الاحتلال في شمال غزة، حيث هربت بحفيدها من ابنها الذي أعدمه الاحتلال مع زوجته وأبنائه الذي لم يتجاوز عمره العشرة أشهر لأنه بكى، بالإضافة إلى أعمامه وعدد كبير من العائلة.
والحكاية الثانية يحكيها كلخ لرجل مسن جاء لمدينة الأيتام مع زوجات أبنائه الخمسة حيث استشهد أربع منهم، والابن السادس مفقود.
وعدد الأيتام يفوق القدرة الاستيعابية للمدينة التي أقامها كلخ، حيث يبين أن طلبات الانضمام تجازوت 2000 طالبًا لعائلة شهيد، ولا زالوا ينتظرون دورهم في توفير خيم وأماكن لهم.
واختيار الأيتام تخضع لعدة شروط، يوضح أن الأولوية للتأجير الوحيد من العائلة، والمعيار الثاني وجود أكثر من شهيد في العائلة، وعدد الأفراد الذي تجاوز 6 فما فوق، أما المعيار الرابع تمثل في زوجات الشهداء الحوامل، وزوجات الشهيدين التي لديها أيتام منهما.