قالت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، إن المجتمع الدولي مطالب بدعم الجهود الإنسانية في قطاع غزة، وبناء الأساس للسلام المستدام في غزة ومختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وأكدت في كلمة افتتاحية لها خلال في المؤتمر الدولي لتعزيز الاستجابة الإنسانية لغزة الذي ينعقد في القاهرة اليوم الإثنين الاستعداد لوقف إطلاق النار المحتمل، والبدء في إرساء الأساس للتعافي وإعادة الإعمار. وأضافت: “إن هذا لا يمكن أن يحدث في وقت قريب بما فيه الكفاية فبينما نجتمع في القاهرة، فإن الإنسانية نفسها تخضع للاختبار”.
وأضافت أن الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في غزة مروعة وكارثية، فقد قُتل أكثر من 44 ألف إنسان معظمهم من النساء والأطفال، ونزح سكان غزة بالكامل تقريباً، وانتشر سوء التغذية على نطاق واسع. وفي الأشهر الأربعة الماضية وحدها، تم إدخال ما يقرب من 19 ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، وهو ما يقرب من ضعف الحالات في النصف الأول من العام.
المجاعة وشيكة
وأكدت محمد أن “المجاعة وشيكة. وفي الوقت نفسه انهار النظام الصحي. وغزة لديها الآن أعلى عدد من الأطفال مبتوري الأطراف للفرد الواحد في أي مكان بالعالم، والكثير منهم فقدوا أطرافهم وخضعوا لعمليات جراحية دون تخدير. إن ما نراه قد يرقى إلى أخطر الجرائم الدولية”.
وأوضحت أن هناك منعا لوصول المساعدات الإنسانية بشكل فاضح، قائلة “إن دخول البضائع إلى غزة في أفضل الأحوال غير كاف على الإطلاق، وغير منتظم وغير قابل للتنبؤ، وهو بمثابة قطرة في بحر من الاحتياجات.
وكشفت المسؤولة الدولية أن “المساعدات الاستثنائية ليست إنسانية ولا فعّالة في إنقاذ الأرواح، وأي مساعدة تصل إلى غزة تتعرض للنهب، في حين يعرقل تسليمها الذخائرُ غير المنفجرة، فضلاً عن الطرق المدمرة والمزدحمة. وفي الشهر الماضي، تعرضت 90% من شاحنات المساعدات للنهب عند معبر كرم أبو سالم”.
واعتبرت أن هذا الانهيار هو نتيجة مباشرة للفشل في ضمان النظام العام والسلامة. ولكن الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون تستمر في التفاقم. وفي شمال غزة، يزداد الوضع خطورة يوماً بعد يوم”.
وقالت أمينة إن العمليات الأمنية الإسرائيلية العسكرية في الضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات، والإخلاء، والهدم، وعنف المستوطنين، والتهديدات بالضم، تتسبب في المزيد من الألم والظلم. ويستمر الفلسطينيون في الخضوع لقيود صارمة على حركتهم ووصولهم إلى الخدمات وسبل العيش والأراضي الزراعية.
وحددت محمد مجالات العمل في المرحلة القادمة بثلاث:
أولا: يجب أن نطالب جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، ويجب أن يكون تسليم المساعدات متوقعاً ومستداماً، ويجب ضمان أمن العاملين في المجال الإنساني والعمليات الإنسانية، ويجب منح الوصول إلى جميع المحتاجين، أينما كانوا، ويجب على الأطراف أن تتمسك بمسؤوليتها عن السماح وتسهيل المرور السريع وغير المعوق للمساعدات الإنسانية.
ثانيا: يجب أن نتحدث بصوت عال وواضح دفاعاً عن نظام المساعدات الإنسانية، وخاصة الأونروا. إن الأونروا هي شريان حياة لا يمكن تعويضه لملايين الفلسطينيين. وشبكتها الواسعة من الموظفين والبنية الأساسية مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى. فلا يوجد كيان آخر لديه القدرة على تقديم المساعدات المنقذة للحياة والخدمات الاجتماعية والتنموية على النطاق والعرض المطلوب في غزة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام. وإذا أُجبرت الأونروا على الإغلاق، فإن مسؤولية استبدال خدماتها الحيوية، وتلبية الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين في غزة ستقع على عاتق إسرائيل كقوة احتلال، وليس الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي بل إسرائيل وحدها.
ثالثا: نحن بحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حل سياسي لإنهاء هذا الكابوس. لقد حان الوقت لوقف إطلاق النار الفوري والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، وإنهاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة كما تصورته محكمة العدل الدولية وطلبته الجمعية العامة، ولنحقق حل الدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع عيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام وأمن، والقدس عاصمة لكلا الدولتين.
واختتمت نائبة الأمين العام كلمتها قائلة: “إن الكارثة في غزة ليست أقل من انهيار كامل لإنسانيتنا المشتركة. لا بد أن يتوقف الكابوس ولا يمكننا أن نغض الطرف. لقد حان الوقت للتحرك”.