قال المسؤول السابق في الأمم المتحدة، منصف خان، إن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة قد تشجع المزيد من المحاكم الوطنية على استخدام الولاية القضائية العالمية لمقاضاة جرائم الحرب الإسرائيلية.
في 21 نوفمبر 2024، أعلنت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أنها أصدرت أوامر بالقبض على نتنياهو، وغالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وهذا القرار جاء بعد عدة أشهر من التحقيقات، حيث كانت المحكمة قد بدأت النظر في طلب المدعي العام كريم خان بشأن إصدار أوامر اعتقال في وقت سابق.
وأشار منصف خان في مقال بموقع الجزيرة نت باللغة الإنجليزية إلى أن هذه المذكرات تأتي بعد ما يقرب من سبع سنوات من بدء التحقيقات في الجرائم الإسرائيلية المرصودة في فلسطين، والتي بدأتها سلفه فاتو بنسودا. وأوضح أن تباطؤ المحكمة الجنائية الدولية في التعامل مع هذه القضايا يثير القلق، خاصة مع استمرار الفظائع في غزة.
وأضاف خان أن المحكمة الجنائية الدولية قد ركزت في الاتهامات ضد نتنياهو وغالانت على استخدام التجويع كأداة من أدوات الحرب، في حين أن حجم القتل والدمار الذي شهده قطاع غزة، بما في ذلك تدمير المرافق الطبية والمدارس، لا يمكن تجاهله. وأكد أن عدد الشهداء قد يصل إلى 186 ألف شخص، مشيرًا إلى أن التهم التي تم التحقيق فيها كانت مقتصرة على حادثتين فقط يمكن اعتبارهما هجمات متعمدة ضد المدنيين.
وأشار خان إلى أنه من اللافت عدم ذكر جريمة "الإبادة" في الاتهامات الموجهة ضد نتنياهو وغالانت، رغم أن محكمة العدل الدولية قد خلصت في وقت سابق إلى أن أفعال (إسرائيل) قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. واعتبر خان هذا التباين في التصنيفات القانونية مسألة جديرة بالتساؤل.
وونزه الى أنه رغم أن القرار الصادر من المحكمة الجنائية الدولية لا يعني بالضرورة أن نتنياهو وغالانت سيواجهان المحاكمة في المستقبل القريب، إلا أن هذا القرار يمثل خطوة تاريخية. لأول مرة في التاريخ، تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين من دولة غربية، مما يعكس قدرة المحكمة على محاكمة الجرائم المرتكبة من قبل الدول ذات النفوذ السياسي.
وأشار خان إلى أن هذه المذكرات لا تمثل نهاية الافلات من العقاب للجرائم الدولية التي ارتكبتها (إسرائيل) في حق الفلسطينيين، لكنها تشكل بداية لمرحلة جديدة من تحقيق العدالة.
وقال إن هذه المذكرات قد تحفز المزيد من المحاكم الوطنية على استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم الحرب، حتى إذا لم تكن هناك علاقة مباشرة بين الجريمة والدولة المعنية.
وأبرز خان في مقاله أن المجتمع الدولي أصبح اليوم مطالبًا بالمضي قدمًا في محاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة، ويجب أن يشمل ذلك تحقيق العدالة ضد كل من تورط في ارتكاب تلك الجرائم، من القادة العسكريين إلى الجنود.
من جهة أخرى، ذكر خان أن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية تذكر بالعواقب القانونية التي قد يواجهها المسؤولون الإسرائيليون إذا تم القبض عليهم أثناء سفرهم إلى دول يمكنها تطبيق الولاية القضائية العالمية. وأشار إلى أن الأمر قد يكون محفوفًا بالمخاطر بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين الذين قد يتعرضون للاعتقال في دول مثل المملكة المتحدة أو بلجيكا أو سويسرا.
وأكد أن هذه الخطوة التاريخية تشكل بداية لمرحلة جديدة من العدالة، حيث يمكن أن تفتح الباب أمام المزيد من المحاكمات الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الفلسطينيين، مما يشكل أملًا في تحقيق العدالة على المستوى العالمي.