حكمت محكمة أمن الدولة الأردنية، يوم الأربعاء الماضي، على النائب السابق عماد العدوان بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة" إلى الضفة الغربية" في إطار دعمه للمقاومة الفلسطينية.
وكان العدوان قد وجهت إليه تهم عدة تتعلق بالتهريب، من بينها تهريب كميات كبيرة من الأسلحة والذهب إلى الضفة الغربية. وحوكم العدوان إلى جانب 13 متهماً آخرين بـ4 تهم، وهي "تصدير أسلحة نارية بقصد استخدامها على وجه غير مشروع بالاشتراك خلافاً للأحكام، وبيع أسلحة نارية بقصد استخدامها على وجه غير مشروع، والشروع بتصدير أسلحة نارية بقصد استخدامها على وجه غير مشروع، والقيام بأعمال من شأنها الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
وفي 22 إبريل/ نيسان 2023، أوقفت سلطات الاحتلال سيارة النائب العدوان على جسر الملك حسين، بهدف تفتيشها، وادّعت وجود كميات من الأسلحة المنوي تهريبها إلى الضفة الغربية.
وقالت مصادر أردنية، إن الاحتلال سلّم العدوان للأردن، ليتخذ إجراءات الاعتقال بعد توجيه تهمة ""تهريب أسلحة" إلى الضفة الغربية".
وفي 7 مايو/ أيار 2023، قرر مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب عماد العدوان بناءً على طلب الحكومة التي وُجه لها طلب بذلك من قبل محكمة أمن الدولة، بعدما أفرجت "إسرائيل" عنه، فيما ذكرت وسائل إعلام عبرية أنّ هذا القرار جاء بطلب من الحكومة الإسرائيلية.
وعلى إثر صدور قرار مجلس النواب برفع الحصانة النيابية عن النائب عماد العدوان، أحالت الجهات الرسمية النائب على المدعي العام الخاص بمحكمة أمن الدولة لـ"اتخاذ المقتضى القانوني بحقه حسب الاختصاص"، ومعه باقي أطراف القضية الموقوفين لحساب نيابة أمن الدولة.
في المقابل أعلنت عائلة النائب الأردني عماد العدوان وقوفها إلى جانبه وتأييده، والضغط بكل الوسائل للإفراج عنه، إلى جانب نشر اقتباسات من خطاباته أمام البرلمان، بما لا يترك مجالًا للشك حول توجهاته السياسية. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أنه كلما مر الوقت على الحادثة كلما ضجت صفحات التواصل الاجتماعي بالمنشورات المؤيدة لعماد العدوان في صفوف الأردنيين والفلسطينيين، الذي يعدونه بطلا ويحاولون ممارسة ضغط شعبي على النظام الأردني لبذل كل ما بوسعه لإطلاق سراحه.
والعدوان (36 عاما) كان أحد أصغر النواب سنًا، وينتمي إلى إحدى أشهر القبائل في الأردن، وهو محام وكان عضوا في لجنة فلسطين بمجلس النواب الأردني وله مواقف سياسية معارضة للحكومة.
وذكرت وسائل إعلام "إسرائيلية" حينئذ أن الأمن "الإسرائيلي" أوقف العدوان على جسر الملك حسين (اللنبي) وضبط كميات من الأسلحة والذهب في سيارته خلال توجهه إلى الضفة الغربية.
وفي هذا السياق، تواصل السلطات الأردنية منذ بدء عام 2023 اعتقال ثلاثة من مواطنيها بتهمة محاولة تزويد المقاومة الفلسطينية في الضّفة الغربية المحتلة بالسلاح.
ووفقًا لما قالته هيئة الدفاع عن معتقلي دعم المقاومة في الأردن، فإن السلطات الأردنية تتهم المعتقلين الثلاثة خالد المجدلاوي وإبراهيم جبر وحذيفة جبر بمد المقاومة في الضفة بالسلاح، وسط استمرار اعتقالهم دون محاكمة وفق "قانون منع الإرهاب" الأردني.
وفي الأول من أيلول/سبتمبر، عُقدت جلسة محاكمة للمعتقلين الثلاثة في محكمة أمن الدولة في عمّان، وجرت مناقشة أول شهود النيابة العامة من قبل هيئة الدفاع، في ظل معاناة المعتقلين من ظروف اعتقال غير قانونية تفتقد لأسس العدالة.
وأشارت هيئة الدفاع عن المعتقلين إلى أن المعتقلين الثلاثة وذويهم تعرضوا لانتهاكات قانونية جسيمة تمثلت في حرمانهم من الزيارة، والإهمال الصحي غير المبرر.
وأكدت الهيئة أن المعاملة الغليظة التي يُعامل بها المعتقلون وذووهم في هذه القضية خصوصًا، وفي قضايا دعم المقاومة عمومًا، لاسيما أن توجيه تهمة محاولة تهريب السلاح إلى المقاومة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية لهم تتنافى مع الواجب الأخلاقي والإنساني والعروبي والإسلامي تجاه حرب الإبادة على قطاع غزة وعدوان الاحتلال الغاشم على الضفة".
ودعت الهيئة، الحكومة الأردنية للإفراج عن "الموقوفين على ذمة الدعوى لعدم وجود قرار حكم ضدهم ولعدم وجود مبرر قانوني لتوقيفهم".
وأشارت إلى أن الأفعال المنسوبة لهم إن ثبتت صحة نسبتها إليهم فهي أفعال مشروعة قانونًا وواجبة أخلاقيًا، ولا يجوز تجريمهم بالاستناد إليها بأي شكل".
ووفقًا للملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن في الأردن، فإن محكمة أمن الدولة جرّمت منذ عام 2007 نحو 37 شخصًا في 13 قضية على خلفية قيامهم بفعل مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو دعم المقاومة، من بينهم أربعة أشخاص ما زالوا يقضون محكومياتهم وثلاثة أحيلوا حديثًا إلى محكمة أمن الدولة، إذ تراوحت الأحكام بين الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عام، والأشغال الشاقة المؤبدة.
وأكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين لدعم المقاومة المحامي عبد القادر الخطيب، أنّ السلطات الأردنية اعتقلت عشرة من مواطنيها على خلفية دورهم في دعم المقاومة، بُعيد اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أفرجت عن سبعة منهم، وأبقت على ثلاثة آخرين.
وقال الخطيب، في حديث صحفي: إن "المخابرات الأردنية عذبّت المعتقلين وأرغمتهم على التوقيع على أوراق بيضاء، لانتزاع اعترافات وهمية، بعدما تعرضوا لتعذيب جسدي ومعنوي". وأضاف أن "هذا التعذيب يتنافى أولًا مع القوانين الدولية والمحلية، وثانيًا فإن مجرد اعتقالهم أيضًا هو أمر مخالف للقانون، ولدستور القوات المسلحة الذي يُؤكد حق الشعب الأردني في مقاومة الاحتلال".
وكشف الخطيب عن إضراب سيخوضه معتقلون في السجون الأردنية على خلفية دورهم في دعم المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أن المعتقلين هم إبراهيم جبر، ونجله حذيفة، وخالد المجدلاوي، مبينًا أن إبراهيم سيبدأ بخوض الإضراب المفتوح عن الطعام يوم الأحد القادم، رفضًا لسياسة التنكيل والتعذيب التي يتعرض لها مع بقية المعتقلين.
وكشف القيادي والمعتقل السابق في السجون الأردنية خالد الجهني عن تفاصيل مأساوية لظروف واقع اعتقال عدد من يتهمهم النظام بدعم المقاومة، قائلًا: "إنهم يتواجدون في معتقل لا يليق بهم وفق الظروف الآدمية، ولا ينسجم مع القوانين الأردنية أساسًا".
وأضاف الجهني في حديث لوكالة "صفا"، أنّ "المعتقلين الثلاثة تعرضوا للتعذيب، على خلفية دورهم في دعم المقاومة، حيث تهجمت عليهم القوارض، وهم يقبعون في سجون مكتظة، وفي ظروف غاية في السوء".
وأكد أن دعم المقاومة طبع أصيل أدرني لم يتخلّ عنه الشعب الأردني طوال تاريخه الممتد، وأن العلاقة بين الشعبين "أكبر من أي جهة دولية أو اجتماعية أو سياسية تزرع الفتن أو تدق الأسافين بينهما".
ووفقًا للجهني، فإن "هناك عملية لتحويل وتبديل القوانين الأردنية بما ينسجم مع اتفاقية وادي عربة؛ التي تنص على أن دولة الاحتلال هي صديقة، وتحتم على السلطات منع أي إجراءات للمقاومة من قبيل الدعم والتهريب، وغيرها".
وأوضح أنّ "هذه القوانين باتت تلاحق حتى الكلمة في الأردن، حيث تم توقيفي على تهمة دعم المقاومة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية".
وحذر الجهني من خطورة هذه القوانين، التي تكمن في أنها "باتت تتبنى الاحتلال كطرف صديق ودولة جوار".
وشدد على أنّ اتفاقية وادي عربة لن تؤدي بأي حال لمسح ذاكرة الشعب الأردني، وأن كل هذه الإجراءات المعدلة لن تُغير من عقيدة الشعب الأردني تجاه الاحتلال.