قائمة الموقع

​عائلات بلا هوية يحدوها الأمل بلم شمل تعيده المصالحة

2017-10-22T06:27:41+03:00

تُقلّب المواطنة ولاء كمال (29 عاماً) أحلامها الوردية، التي تبددت بعد قدومها من الأردن إلى قطاع غزة، لتتزوج من أحد أقاربها قبل أكثر من عشرة أعوام.

هذه الفرحة لم تكتمل حينما وجدت "ولاء" نفسها وسط عالم مجهول لا تملك حرية التنقل والسفر عبر معبر رفح الحدودي لزيارة أهلها كحق كفلته المواثيق الدولية.

وتروي ولاء لصحيفة "فلسطين"، ما وصفتها بـ "رحلة اللاعودة"، عندما وصلت إلى القطاع عبر معبر رفح عام 2006، بهدف الارتباط بابن خالها، ومن ثم إكمال تعليمها الجامعي.

ولا تمتلك السيدة العشرينية هوية فلسطينية رسمية أو جواز سفر كذلك، وكل ما تحمله جواز سفر أردني مؤقت لم تفلح محاولات تجديده.

وبدا حديث "ولاء" مفعماً بالحنين وهي تسرد تفاصيل حياتها: "نحن أشخاص نعيش بلا هوية أو وطن نعيش في عالم مجهول الهوية لا نملك أي حق من حقوق الإنسانية المشروعة".

وتزداد الحسرة في قلب الأم لثلاثة أطفال لم يلمسوا وجه جديهما، حينما تُفكر إلى متى ستبقى تنتظر مصيرا غير معلوم برؤية تحترق شوقاً لرؤيتهم.

وتشير إلى أن معاناتها تتضاعف عند حاجتها لأبسط الحقوق كالرعاية الصحية، بسبب عدم امتلاكها وثائق إثبات الشخصية (الهوية/ الجواز) وفق تعبيرها.

وتتساءل باستياء رسمته تقاسيم وجهها "إلى متى سنبقى بهذا الحال؟! (..) والداي كبار في السن ويعانون من أمراض كثيرة، ولا أتمكن من مجالستهم ورؤيتهم رأي العين للاطمئنان عليهم؟".

ومع اكتمال كل فصول المعاناة وقسوة الحرمان والحنين لأغلى ما تملك، لم تفقد "ولاء" الأمل ولا زالت تنتظر خبر يُدخل البسمة على محياها، بعد إتمام المصالحة الفلسطينية.

وتضيف "مع إتمام المصالحة انتابني بصيص من الأمل أو شعاع من نور يضيء ظلام الواقع الأليم الذي اعيشه ويمنحني الأمل من جديد لحياة ومستقبل أفضل بإذن الله".

وفي خضم سردها لحكايتها تبتهل "ولاء" إلى الله بأن يجعل من المصالحة بريق أمل لكل من تلوع اشتياقاً لأهله، بأن يحظو بحل من خلال منحهم الهويات الفلسطينية، حتى ننعم بحقوقنا الإنسانية كباقي البشر".

الأمل ذاته يحدو والدتها "أم أحمد" دون أن تتوارى تعبيرات الحسرة على ما آل إليه الحال، قائلاً: إنهم بذلوا جهوداً كبيرة للحصول على الرقم الوطني أو الهوية الفلسطينية دون جدوى.

وتضيف الأم: "يعتصر قلبي ألماً لرؤية ابنتي وعدم حصولها على الهوية حتى اللحظة".

وثمة عشرات الحالات كقصة "ولاء" تقطعت بهم سبل الوصال مع ذويهم في أقطار العالم وتحولوا إلى نازحين يتجرعون كأس وحشة البعد عمن يحبون.

فأم حازم صالح التي قدمت إلى غزة قبل عدة أعوام حكاية أخرى لم تختلف في تفاصيلها لكن غصة عدم تمتعها بأبسط حقوقها الحياتية كان على ذات القدر من الحرقة.

وتوضح الثلاثينية صالح لصحيفة "فلسطين"، أنها قدمت إلى القطاع من المملكة العربية السعودية عند بيت أحد أقاربها، بهدف إكمال دراستها الجامعية قبل قرابة 12 عاماً، لم يكن أمامي أي فرصة للعودة، لعدم تمكنها من الحصول على هوية فلسطينية رسمية، لتبدأ تفاصيل المعاناة والحنين.

تقول: "بعد عدة أشهر من انتهاء تعليمها الجامعي ارتبطت بشاب من أقارب، ومنذ ذلك الوقت لم أجالس أو أرَ أهلي، الأمر الذي انعكس سلباً على حياتي".

وتشير "أم حازم" إلى أن طفليها لا يعرفان عائلتها حتى الآن، معربة عن خشيتها من أن يدفعها الحنين للخروج "وبعدها لن أتمكن من رؤية أبنائي للأبد، أم أنني سأعيش بقية عمري في حسرة على أحبتي في الخارج؟".

ومع إتمام المصالحة الفلسطينية، تنتظر السيدة الفلسطينية بفارغ الصبر لحظات قد تشهد حلاً لقضيتها والعشرات من أمثالها، مطالبةً بأن تكون قضية "لم الشمل" على سلم أولويات الحكومة حين استلام عملها في غزة.

وأشارت إلى أن استخراج هويات دائمة "ضرورة كحد أدنى لتيسير شؤون حياتها اليومية".

أما الحاج عبد الله عبد القادر (62 عاماً) الذي لم يتمكن من رؤية أبنائه المتواجدين في السعودية منذ عدة سنوات نتيجة عدم قدرته السفر.

ويعيش عبد القادر في قطاع غزة منذ 5 أعوام هو وعائلته، بينما بقي اثنان من أبنائه في السعودية، آملاً أن تكون قضية "لم الشمل" ضمن اهتمامات من سدة الحكم في القطاع.

وطالب هيئة الشؤون المدنية ممثلة بوزيرها حسين الشيخ، بضرورة إيجاد حل جذري لهذه المعاناة التي امتدت لسنوات طويلة.

وتبقى الأيام القادمة هي من تحدد مدى جدية الحكومة في "فكفكة" أزمات القطاع، التي أرهقت شرائح كبيرة من الأهالي وأثقلت كاهلهم، وفاقمت من معاناتهم، والتي من بينها قضية جمع العائلات المشتتة في دول متفرقة.

اخبار ذات صلة