مع اقتراب فصل الشتاء، يعيش مئات الآلاف من النازحين في قطاع غزة مأساة متجددة، خاصة في ظل افتقار مراكز الإيواء والخيام لأبسط مقومات الحماية من الأمطار والبرد القارس.
وتزداد معاناة النازحين مع انعدام الدعم الكافي وارتفاع أسعار المواد الأساسية اللازمة لمواجهة هذه الظروف، مما يثقل كاهل الأسر التي تعاني أصلاً من الفقر وفقدان مصادر دخلها نتيجة الحرب الدائرة منذ أكتوبر 2023.
خيام متهالكة وأسعار باهظة
في مخيم إيواء غرب دير البلح وسط قطاع غزة، يعيش محمد سالم (45 عامًا)، رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد، حالة من القلق والخوف على أسرته مع اقتراب هطول الأمطار. سالم نزح مع أسرته من شمال غزة بعد أن دُمّر منزله بالكامل جراء القصف.
يقول محمد لـ"فلسطين أون لاين": "نحاول تغطية خيمتنا بالنايلون وبعض الأغطية البالية لحمايتها من المطر، لكن كلما جاءت رياح قوية، تُمزّق كل شيء. حاولت شراء شادر لتحصين الخيمة، لكن سعر الشادر الواحد وصل إلى 500 شيقل، وهو مبلغ لا أستطيع توفيره. بالكاد أتمكن من إطعام أطفالي".
يخشى محمد من أن يؤدي تساقط الأمطار إلى إغراق خيمته، خاصة وأن أرضية الخيمة عبارة عن طبقة رملية، ما يجعلها عرضة للغرق وتحولها إلى مستنقع من الطين.
من ناحية أخرى، تواجه أم محمود، التي نزحت مع أطفالها الأربعة من جباليا إلى مخيم السلام وسط دير البلح، وضعًا أكثر قسوة.
واعتقل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" زوج هذه السيدة في بداية الحرب عند حاجز نتساريم، تاركًا إياها تواجه مصيرها وحدها.
وتعيش أسرة أم محمود في خيمة متهالكة بالكاد تصمد أمام الرياح، تتساءل السيدة خلال حديثها مع "فلسطين أون لاين": "كيف ستواجه خيمتي هذه الأمطار، لا أدري أين نذهب وماذا نفعل؟".
وأضافت: "أطفالي ينامون تحت البرد الشديد، وإذا نزل المطر، سأفقد الخيمة وكل ما أملك. لا أعرف إلى أين أذهب أو كيف أحميهم. طلبت المساعدة من أكثر من جهة، لكن لا يوجد دعم كافٍ".
تعيش أم محمود في حالة من الترقب والخوف، حيث إن انهيار الخيمة سيعني بقاء الأسرة في العراء تحت الأمطار والبرد القارس.
من جهته، يؤكد محمد زقوت وهو مندوب مخيم إيواء السلام في دير البلح، أكد أن المخيم يواجه نقصًا حادًا في الدعم اللازم لحماية النازحين من فصل الشتاء.
وقال زقوت لـ"فلسطين أون لاين": "نحن بحاجة ماسة لتوفير الشوادر والأغطية والفرشات للنازحين. معظم الخيام مهترئة، ولا يمكنها الصمود أمام الأمطار. الوضع صعب جدًا، وقد ناشدنا جهات دولية عدة، لكن الاستجابة ضعيفة".
وأشار زقوت إلى أن الأطفال هم الأكثر تضررًا، حيث يعانون من الأمراض الناتجة عن البرد وسوء الأحوال المعيشية، مشددًا على ضرورة التحرك العاجل لتوفير الاحتياجات الأساسية قبل حلول الأمطار الغزيرة.
مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية، وخاصة الشوادر التي تستخدم لحماية الخيام، تجد الأسر النازحة نفسها أمام خيارات معدومة.
وأوضح زقوت أن هذه المعاناة تظهر الحاجة الملحة لتحرك المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتخفيف وطأة الأوضاع القاسية التي يعيشها الآلاف ممن فقدوا منازلهم وأمنهم.
وأكد أن مع حلول الشتاء، ستتحول هذه المخيمات إلى أماكن لا تصلح للحياة، مما يزيد من معاناة الأسر الفلسطينية التي دفعتها الحرب إلى أقصى حدود المعاناة الإنسانية.