لا يتوقف النازح عبد الله نجم عن البحث عن أية مساعدة إغاثية لإعالة أسرته المكونة من 7 أفراد، وذلك بعد توقف المساعدات الدورية التي تقدمها وكالة "أونروا" للنازحين داخل مدارسها ومقراتها.
ويقف نجم (40 عامًا) النازح من بلدة جحر الديك شرق المحافظة الوسطى إلى مدرسة "أونروا" في مخيم النصيرات، في طابور طويل أمام "تكية المخيم" يوميا في محاولة للحصول على طعام لأسرته.
ويشكو الأب الذي غزا الشيب شعر رأسه ولحيته من توقف مساعدات "أونروا" والمؤسسات الدولية منذ عدة شهور للنازحين والمحاصرين في غزة التي تشهد حرب "إبادة جماعية" منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023م.
وقال، إن مساعدات "أونروا" بدأت تتقلص يومًا بعد آخر منذ يونيو/ حزيران وصولًا لهذا الشهر نوفمبر/ تشرين ثان، مشيرًا إلى أنه برفقة زوجته وبعض أطفاله أضحت مهمتهم اليومية "البحث عن الطعام".
ووفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن جيش الاحتلال يغلق معبر رفح البري مع مصر منذ بدء عمليته العسكرية المتواصلة في مدينة رفح في السادس من مايو/أيار الماضي.
وأكد أن القيود "الإسرائيلية" المشددة المفروضة على معبر "كرم أبو سالم" في جنوب شرق رفح تسببت بانخفاض أعداد شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية للمحاصرين برا وبحرا وجوا في الشريط الساحلي البالغ مساحته 360 كم.
ويشكو نجم من تفشّي الأمراض بين أفراد أسرته بين الحين والآخر نتيجة قلة الطعام وتكدُّس أعداد النازحين في مراكز الإيواء عدا عن تدهور القطاع الصحي الذي لا يمتلك الأدوية الطبية لصرفها للمرضى والنازحين.
أزمة دقيق
وفي ضوء استعداد مؤسسات أممية قرب إعلانها المجاعة في شمال قطاع غزة، يشكو النازحين في جنوب القطاع من أزمة دقيق حادة.
وبعد جهود شاهقة في التردد على مركز تموين "أونروا" في مخيم النصيرات، حصل النازح من مدينة رفح هشام الشاعر (50 عاما)، قبل أيام، على حصة أسرته من الدقيق (الدورة الثالثة)، وذلك بعد تأخير دام عدة شهور.
ووصف الشاعر النازح داخل خيمة في بلدة الزوايدة وسط القطاع، عملية الحصول على الدقيق من بين جموع المحاصرين في غزة، بـ"المعركة القاسية".
وقال: تنتظر أسرتي حصتها الغذائية منذ شهرين من قبل "أونروا" التي تبلغ المراجعين لمراكزها بأنه "لا يوجد دقيق"، وأن عملية التسليم ستتم فور وصول شاحنات الدقيق من الجانب الإسرائيلي.
وبحسب إفادة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع يواجه عراقيل "إسرائيلية" كثيرة.
ومن أصل 423 حركة مساعدات إنسانية تم التنسيق لها مع سلطات الاحتلال في الفترة من الأول إلى 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تم تسهيل 151 حركة فقط، ورفض 189، وتم تعطيل البقية.
لا بديل
وسبق أن حصل المواطن محمد أبو الليل (45 عامًا) على حصته الغذائية من قبل (أونروا)، لكن الآن أسرته تواجه "شبح المجاعة"، بحسب وصفه، بعد نفاد غالبية أكياس الدقيق.
وبحسب تجار يبلغ سعر الكيس الواحد من (الدقيق القديم) نحو (40 دولار)، وهو الأمر الذي يعجر الأب لسبعة أفراد عن توفيره لشراء ثمن كيس واحد.
وأكد أن غياب المساعدات الدولية والأممية وتأخير "أونروا" تسليم الحصص الغذائية للمواطنين فاقم من أزمة الغذاء عند مختلف الأسر الغزية.
وعوضًا عن تدفق المساعدات الإنسانية على غرار معبر رفح، شجّعت سلطات الاحتلال على الاعتماد على الإمدادات التجارية عبر "كرم أبو سالم"، زاعمة أنها أكثر فاعلية من المساعدات التي توفرها الأمم المتحدة.
وبحسب أبو الليل العاطل عن العمل منذ بداية الحرب "الإسرائيلية" على غزة فإنه لا بديل عن المساعدات الدولية والأممية للغزين الذين يعيشون ويلات الحرب.
ومجددًا، دعا برنامج الأغذية العالمي إلى اتخاذ إجراءات على الفور لتجنب حدوث مجاعة في قطاع غزة، وحذر من أن الأزمة الإنسانية هناك يمكن أن تتفاقم قريبًا نتيجة لما وصفه بأنه قيود شديدة على تدفق المساعدات.
وذكر أنه مع استمرار تدهور الوضع في شمال غزة، فإن احتمال "تأثر مجموعة أكبر بالمجاعة سيزداد بالتأكيد ما لم تتحسن الظروف على الأرض".
وأفاد بأن لديه نحو 94 ألف طن من الأغذية جاهزة في مصر والأردن تكفي لإطعام مليون شخص لمدة أربعة أشهر، لكنه لا يستطيع إدخالها إلى غزة لأن نقاط الدخول المفتوحة قليلة جدا والبعض الآخر غير آمن بما يكفي.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أن الموافقة "الإسرائيلية" على الشاحنات وسائقي الشاحنات والتأخير عند نقاط التفتيش العسكرية هي من بين القيود الأخرى التي يتعين معالجتها لتحسين تدفق المساعدات للقطاع.