لم يستبعد مراقبون اقتصاديون أن يؤدي فرض ضرائب جديدة وخفض النفقات الحكومية، الذي تضمنته الموازنة الجديدة، إلى احتقان في الشارع "الإسرائيلي" قد يصل إلى حد العنف، مشيرين إلى أن المستوى المعيشي للفرد "الإسرائيلي" شهد تراجعًا حادًا منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وتوسع جبهات القتال.
وفي يوم الجمعة الماضي، وافقت حكومة الاحتلال على ميزانية 2025، التي شملت زيادة في الضرائب، أبرزها رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 18%، بالإضافة إلى خفض الإنفاق العام بمقدار 40 مليار شيكل، ويأتي هذا الإجراء في محاولة للحد من العجز في الميزانية، الذي بلغ حاليا 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
واستعرض الاختصاصي الاقتصادي د. ثابت أبو الروس الضرائب المقررة في دولة الاحتلال والتي ستطالها الزيادة، مشيرًا إلى أبرزها: ضريبة الشركات، ضريبة القيمة المضافة، ضريبة الدخل، وضريبة الأملاك (الأرنونا).
وأوضح أبو الروس لـ"فلسطين أون لاين" أن رفع ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% سيتسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ما يعني أن الإسرائيليين سيدفعون المزيد مقابل مشترياتهم اليومية، وبالتالي سيقل مستوى قوتهم الشرائية.
وأشار إلى أن الضرائب الجديدة تشمل زيادات على الضرائب المباشرة وغير المباشرة، مما يؤثر بشكل غير مباشر على رواتب الأفراد، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقليص الدخل المتاح للأسر، خاصةً الفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وذكر أبو الروس أن حكومة الاحتلال، التي تخوض حربا منذ أكثر من عام، لجأت إلى هذه الخيارات بهدف ضبط العجز المالي إلا أن الحكومة قد تواجه تحديات في الحفاظ على استقرار الاقتصاد ومستوى معيشة السكان في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية.
وحسب المعلومات الواردة عن الموازنة الجديدة، بلغ إجمالي الإنفاق 744 مليار شيكل، منها 161 مليار شيكل مخصصة لخدمة الدين العام. كما تتضمن الميزانية حزمة بقيمة 9 مليارات شيكل لدعم جنود الاحتياط.
وفيما يتعلق بمساعي حكومة الاحتلال لخفض معدل الإنفاق بهدف كبح العجز في الموازنة، يقول الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة إن قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية هي الأكثر تأثرًا بهذه السياسات، ما قد يؤدي إلى نزاع مع النقابات.
وتوقع دراغمة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" حدوث مزيد من التضخم نتيجة لزيادة الضرائب على الباعة ومقدمي الخدمات، ما سيدفعهم إلى رفع أسعار منتجاتهم.
وأشار إلى أن تركيز الحكومة على تغطية العجز المالي قد يحد من قدرتها على استيعاب موظفين جدد، مما قد يؤدي إلى تسريح بعض الموظفين أو تعليق التوظيف، ما يرفع من معدل البطالة ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي.
ونوه دراغمة إلى أن استمرار الحرب قد أثر بشكل مباشر على إنتاجية القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، والزراعة، والبناء، حيث تم استدعاء عشرات الآلاف من الجنود الاحتياطيين، ما أدى إلى تركهم أعمالهم للمشاركة في القتال.
وتوقّع دراغمة أن تؤدي حزمة الإجراءات التقشفية إلى حالة من السخط العام، ما قد يشعل احتجاجات ضد ارتفاع تكلفة المعيشة، كما حدث في احتجاجات سابقة على قضايا الإسكان والمعيشة لدى الاحتلال.
ورغم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها حكومة الاحتلال، يرى الاختصاصي أن هناك ضغطًا سياسيا واجتماعيا قد يدفع الحكومة إلى البحث عن حلول بديلة غير التقشف وحده، مثل زيادة الضرائب على القطاعات الأكثر ثراءً أو تبني استثمارات تنموية لتحفيز النمو الاقتصادي، وبالتالي تخفيف الأعباء على الفئات الأكثر تضررًا.
وأشار دراغمة إلى أن استمرار السياسات التقشفية دون تقديم بدائل مقبولة قد يؤدي إلى صدامات بين الحكومة والسكان، خصوصا إذا استمرت الأزمة دون حلول تخفف من وطأتها على الفئات المتضررة.
وخفضت وزارة المالية "الإسرائيلية" توقعات نمو الاقتصاد لعام 2024 للمرة الثانية هذا العام إلى 0.4%، بعد أن كان التقدير السابق 1.1%. كما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو إلى 0.7% خلال السنة الجارية، بعد أن كانت التوقعات في أبريل/نيسان الماضي 1.6%، وذلك تحت ضغط النفقات العسكرية.
كما خفضت وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية تصنيفاتها للاحتلال هذا العام بسبب المخاوف من احتمال استمرار الحرب على غزة ولبنان حتى العام المقبل.