فلسطين أون لاين

"تحرقهم أحياء".. الصَّواريخ تلاحق النَّازحين في "شهداء الأقصى"

...
الوسطى - نبيل سنونو

بعينين تنطقان بقهر كامن في قلبه ينظر والد الشاب وسام اللوح إلى نجله البكر الذي أحرقته غارة شنها الاحتلال على خيام نازحين في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وأصابته بجراح بالغة.

ويلازم وسام سرير المستشفى بعدما أجبرته حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة على النزوح من منطقة سكنه في شرق دير البلح قبل أكثر من سنة، حاله كحال مئات الآلاف من الغزيين.

وللمرة التاسعة قصف الاحتلال الإسرائيلي السبت خيام نازحين في مستشفى شهداء الأقصى الذي يعاني من نقص الإمدادات الطبية، ويتكدس فيه المرضى والمصابون، ما أسفر عن ثلاثة شهداء وعشرات الجرحى، وفق إحصاءات رسمية.

ومع نزوح مئات الآلاف من المواطنين إلى دير البلح وسط القطاع بفعل العدوان المستمر تزايدت الأعباء الملقاة على مستشفى شهداء الأقصى التي لم تسلم هي الأخرى من القصف في داخلها ومحيطها.

وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول وبينما غط مئات النازحين في النوم ليلا داخل خيام معظمها مهترئة بالمستشفى نفسه باغتتهم غارة إسرائيلية أدت إلى إحراق عدد منهم بدرجات متفاوتة، وحولت نحو 30 خيمة إلى أثر بعد عين. 

يقول والد وسام أحد المصابين في القصف: إن ابنيه وسام (33 عاما) وهشام (29 عاما) كانا في خيمتهما كبقية النازحين في المستشفى عندما باغتتهما طائرات الاحتلال بالقصف.

"فجأة آلة الغدر الصهيونية أطلقتها نيرانها على أناس عزل جالسين بأمان الله في خيمتهم.. حسبنا الله ونعم الوكيل"، يضيف الأب المكلوم في حديث مع "فلسطين أون لاين".

ويشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي الذي دمر معظم منازل المواطنين في القطاع خلال سنة وقتل عشرات الآلاف، استهدف نازحين أبرياء في خيامهم.

وأصيب وسام بكسر في الجمجمة وحروق في مختلف أنحاء جسده وتشوهات وفقد القدرة على النطق وحالته توصف بالصعبة جدا، أما هشام فأصيب بحروق بالغة، ويمنع عنه الأطباء الزيارة حاليا نظرا لخطورة حالته، وفق أبيه.

ويتابع: "هشام جسمه كله مشوه وفيه جروح عميقة وممتلئ بالشظايا وخضع لأكثر من عملية طبية".

بصوت متحشرج وقلب يرجو شفاءهما يقول: "ربنا يلطف فيهما".

ويعمل وسام وهشام في مجال بيع البراد عبر ثلاجة صغيرة يتنقلان بها، في ظل الحالة المعيشية الصعبة التي تخلفها حرب الإبادة.

وشتتت حرب الإبادة وسام وهشام وعائلتهما الذين تفرقوا في خيام النزوح. وهشام متزوج ولديه طفلان يبكيان الآن حال أبيهما.

وعندما وقع القصف انهالت الاتصالات على والد وسام وهشام الذي يكسو الشيب رأسه والمثقل بهموم العدوان، لإبلاغه بإصابة ابنيه.

وعن ذلك يقول: "جاءتني اتصالات مفادها: الحق أولادك، وهناك نازحون كانوا مارين في المكان استشهدوا".

ويعاني الأب وعائلته من حالة نفسية يصفها بأنها سيئة جدا.

وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس ضرورة حماية المستشفيات، عقب قصف الاحتلال حرم مستشفى شهداء الأقصى الذي يؤوي نازحين.

وقال غيبريسوس في حينه: إن تقارير رهيبة جاءت من مستشفى شهداء الأقصى في غزة عقب القصف مشيرا إلى استشهاد أشخاص نزحوا إلى المستشفى وإصابة بعضهم بحروق خطيرة.

وأضاف: "ينبغي أن تكون المستشفيات أماكن للعلاج والأمان".

وعمد الاحتلال منذ بدء حرب الإبادة إلى استهداف المستشفيات والمرافق الصحية والكوادر الطبية، وأخرج معظم المستشفيات في غزة عن الخدمة.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 استشهد 43,603 مواطنا وأصيب 102,929 آخرون، وفق وزارة الصحة بغزة.

ومع تكرار استهداف خيام النازحين في مستشفى شهداء الأقصى فإن خطر الحرق والقصف يلاحقهم في ملاذهم الذي ظنوا أنه سيكون آمنا بموجب القوانين الدولية التي يسحقها الاحتلال.