لم يسلم مخيم النصيرات من الغارات الجوية والمدفعية منذ اندلاع الحرب "الإسرائيلية" الوحشية على غزة، وزاد الأمر مع التوغل البري وسط القطاع (محور نيتساريم) وفصله شمالًا وجنوبًا.
وبذريعة حماية الجنود والآليات العسكرية التي توغلت لـ(محور نيتساريم) في 27 أكتوبر/ تشرين أول 2023م، دمر الجيش الأبنية والمنشآت السكنية والاقتصادية والصحية والتعليمية والسياحية في تلك المنطقة وعمّد على توسعتها من جميع الجهات.
وطال الدمار الإسرائيلي آنذاك (جنوب المحور) شرقًا: بلدة جحر الديك والأبراج الإسكانية القطرية والتركية وتخوم مخيم البريج، وغربا: بلدة المغراقة ومدينة الزهراء وصولا لتخوم مخيم النصيرات وتحديدا (وادي غزة).
ولاحقًا تعرضت الناحية الشرقية والشمالية لمخيم النصيرات للتوغل البري يناير/ كانون ثاني 2024م مع تلك العملية التي شملت مخيم البريج تحديدا، وفي مارس/ آذار من ذات العام تعرض "المخيم الجديد" لعملية عسكرية وحشية.
وأسفرت العملية آنذاك عبر مراحل عن تدمير مدينة الأمل (الأسرى) غرب المخيم، وأبراج ومنازل سكنية ومؤسسات اجتماعية في "المخيم الجديد" و"أرض المفتي".
اعتداءات يومية
ورغم ذلك، لم يخرج المواطن عبد الله درويش من مدرسة إيواء "أونروا" في "المخيم الجديد" كعشرات الأسر النازحة في مدارس الوكالة الأممية رغم العمليات والاعتداءات العسكرية المتكررة على تلك المنطقة.
ويصّر الابن الذي فقد والده مختار عشيرة درويش "أبو الرائد" شهيدًا في التوغل "الإسرائيلي" بداية العام الحالي على البقاء في المخيم رغم هدم طائرات وجرافات الاحتلال منازل العائلة السكنية.
ويصف الحياة اليومية في شمال النصيرات بـ"الصعبة جدا" والمحفوفة بالمخاطر؛ إزاء توسيع جيش الاحتلال لـ"محور نيتساريم" حتى أطراف مخيم النصيرات.
وينفذ جيش الاحتلال يوميا عمليات عسكرية في محيط "المخيم الجديد" سواء بتفجير المنازل السكنية أو التوغل بالدبابات على أطرافه وإطلاق النار وقذائف المدفعية على البيوت ومدارس الإيواء.
ولا يقتصر نزوح عبد الله وحده داخل المخيم، بل يعيش برفقة ثمانية أسر آخرين من أشقائه وشقيقاته الذين فقدوا 5 أبناء شهداء بقصف ونيران الاحتلال على "المخيم الجديد".
ويتساءل: "ألم يطلب جيش الاحتلال من المواطنين شمال وادي غزة بالنزوح جنوبا؟" نحن في المنطقة الواقعة جنوب الوادي.
وسبق أن طلب جيش الاحتلال من المواطنين في مدينة غزة وشمالها النزوح إلى المناطق السكنية الواقعة جنوب وادي غزة.
ويؤكد أنه لا مكان آمن في غزة، فالدمار والقتل شمال الوادي وجنوبه، ولا يوجد حاليا مكان بديل عن "المخيم الجديد" للنزوح إليه؛ كون جميع المناطق مليئة بالدمار أو النازحين.
ورأي درويش أن ما ينقص "المخيم الجديد" هو عمل طواقم "أونروا" فيه؛ لبث الطمأنينة وتقديم خدماتهم الطبية والإغاثية للمواطنين والنازحين.
سلسلة مجازر
المهندس يحيي فرج الله هو الآخر من سكان "المخيم الجديد" وفقد 50 فردا من أبناء عائلته شهداء جراء الاعتداءات "الإسرائيلية" المتكررة والمجازر الوحشية.
وتعرضت منازل عائلة فرج الله الذي تتلاصق ببعضها البعض لدمار كبير عبر مراحل من الاعتداءات المتكررة في محيط وادي غزة الذي يمتد من بلدة جحر الديك شرقا حتى النصيرات غربا.
وأشار فرج الله إلى أن الغارات الجوية وضربات المدفعية "الإسرائيلية" المتكررة يوميا على "المخيم الجديد" و"أرض المفتي" وغياب "أونروا" عن المنطقة، دفعت العائلة للنزوح.
وذكر أن عشرات الأسر من العائلة تعيش حاليا في خيام داخل بلدة الزوايدة وسط القطاع، وذلك في محاولة لإغاثة كبار السن والجرحى من العائلة الذين يقدر عددهم بالعشرات.
ووصف المهندس المدني منطقة سكناه بـ"المنكوبة" جراء القصف اليومي والدمار والركام المتناثر في الطرقات، وغياب "أونروا" عن العمل وكذلك المياه الصالحة للشرب عدا عن تدمير الاحتلال خمسة مساجد في المخيم.
لا مقومات حياتية
الناشط الشبابي في "المخيم الجديد" رمضان نصار، أكد غياب الجهات الفاعلة والمسؤولة عن "المخيم الجديد" والمناطق السكنية في محيطه.
وقدّر وجود أزيد عن 1500 أسرة نازحة داخل مدارس "أونروا" لا يتلقون أية مساعدات إغاثية أو إنسانية عدا عن إغلاق عيادة الوكالة أبوابها منذ نحو أربعة شهور؛ بذريعة أنها تتعرض لاعتداءات يومية.
وأشار إلى أن سكان المخيم أو النازحين بداخله أو داخل مدارس الإيواء يواجهون الموت يوميا جراء التوغلات الإسرائيلية في المحيط وإطلاق قذائف المدفعية عشوائيا على المنازل ومدارس الإيواء.
وناشد نصار وكالة "أونروا" والمؤسسات الإغاثية والمبادرين بضرورة الوقوف على مسؤولياتهم تجاه شمال مخيم النصيرات ودعم مقومات الحياة للسكان والنازحين في المنطقة.
وشمال مخيم النصيرات، يقصد به تلك الأراضي الزراعية والمناطق السكنية المحاذية لوادي غزة (أرض أبو ستة، أرض المفتي، المخيم الجديد، أرض أبو خوصة، أرض أبو معلا، أرض أبو مهادي، حي الرحمة) وغالبيتها ذات طابع سكاني.
وكانت آخر عملية عسكرية وحشية على منطقة شمال النصيرات، 1 نوفمبر الجاري والتي أسفرت عن ارتقاء 50 شهيدا ودمار العديد من المنازل السكنية.