قائمة الموقع

​"عطوة المنشد" مصطلحٌ أثار التساؤلات.. فما هو؟

2017-10-21T07:12:35+03:00

كثيرة هي التساؤلات التي يتداولها الفلسطينيون، بعد الأحكام الصادرة عن "عطوة المنشَد العشائري" في قضية مقتل الشابة "نفين العواودة" من بلدة دورا جنوب مدينة الخليل، حول ماهية هذه "العطوة" وتفاصيلها وكيفية تقدير المبالغ المدفوعة، فقد وصلت عطوة العواودة إلى مليون ونصف المليون دولار، و17 كيلو من الذهب الخالص.. هذا كان مدعاة لاستعراض أعراف الصلح المعمول بها في فلسطين في التقرير التالي:

فراش العطوة

قال رجل الإصلاح العشائري في الضفة الغربية الشيخ "مازن دويكات": إن العطوة هي المبلغ الذي يُقدّم قبل الصلح، فيما يتعلق بجرائم القتل، وهناك ستة أنواع: القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، وينقسم إلى قسمين هما خطأ بالفعل، وخطأ بالقصد، بالإضافة إلى ما جرى مجرى الخطأ، وقتل بالتسبب.

وأضاف لـ"فلسطين" أن المُتعارف عليه في حالات القتل العمد وشبه العمد هو أن يأخذ رجال الإصلاح العطوة إلى المقبرة، ومعها يتم الاتفاق على مهلة مدتها ثلاثة أيام وثلث، بعدها يتوجه رجال الإصلاح إلى أهل القتيل لسماع مطالبهم، وفي حال أفصحوا عنها، يطلب رجل الإصلاح تمديد عطوة الدفن، حتى الاتفاق على عطوة تسمى "اعتراف بالحق"، تكون "مفروشة" بمبلغ من المال، وللعطوة أسماء عدة: العطوة الأمنية، أو المسبرات، أو المهربات.

"في العرف، يُقدَّم لأهل القتيل في جريمة القتل العمد (فراش العطوة) ويتراوح من 30 ألفًا إلى 50 ألف دينار أردني، ويُشترط ألا يزيد فراش العطوة عن ثلث الدية، وهذا المبلغ مقدمة لديّة تُدفع لاحقا، وتسمى (فرش عطوة ملحوق)، وتمنع ترحيل أهل القاتل"، بحسب قوله.

القاتل "مُشمس"

وأشار دويكات إلى أن مهمة رجل الإصلاح في القتل العمد منع "فورة الدم" والتي تعنى حرق المحلات، والاعتداء على البيوت من قبل أهل المجني عليه، لافتا إلى أن من يرتكب جريمة من أهل القتيل تُؤخذ منه عطوة جديدة عمّا خرّبه.

وأوضح أن صك العطوة لا يشمل القاتل بل عائلته، فالقاتل بين أمرين إما أن يكون في يد القانون، وأما أن يكون فارا من العدالة، وهنا يكون الجاني "مُشَمسًا"، أي لا يوجد شيء يحميه ويمكن قتله أينما وجد، وذلك لإجباره على تسليم نفسه للسلطات الأمنية.

وبين أن الهدف من العطوة للقتل العمد وشبه العمد "حجز الشر"، ومنع انتشار الفتنة، بالإضافة إلى أنها "سُترة" لذوي الجاني والمجني عليه، على حد سواء.

من أنواع القتل أيضًا، قتل الخطأ مثل حوادث السير أو إطلاق النار في الأعراس، وعن العطوة في هذه الحالة، قال دويكات: إن مقدار فراش العطوة 5 آلاف دينار أدرني، ملحقات من أصل الدية، بالإضافة إلى 1025 دينارًا بدل كفن الميت وأجر القبر وتُسمى عرفًا بـ"المجرفة".

"المَنشد"

ونأتي الآن، إلى شرح عطوة "المنشد" التي أثارت العديد من التساؤلات بعد تطبيقها على قاتل المغدورة "العواودة".

بيّن دويكات أن عطوة "المنشد" كما اصطلح عليها عرفا، تُقدم بحق "فتاة اعتدي عليها من قبل شخص في وضح النهار، وحاول المساس بها، وقد يقلتها ويخفي جثتها، وفي هذه الحالة يجلس الجاني، ولا يُسمح له بالتكلم لأن الطرف المعتدي ليس له حجة"، منوها إلى أن عطوة "المنشد" فيها خلاف لأن القضية تحتاج إلى تثبيتها بأربعة شهود عدول.

وأكد أن "عطوة المنشد لا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولكن يتم تطبيقها في الضفة الغربية، لردع الجناة في ظل غياب القصاص".

وأوضح أن قيمة العطوة لا تختلف من محافظة إلى أخرى في الضفة، مشيرا إلى أن أهل القتيل الذي قتل قصدًا، غالبا يقبلون بأخذ الفدية لغياب تطبيق القصاص غيابا مطلقا من قبل المحاكم في الضفة.

وقال: "القانون يقضي بحبس القاتل عمدا بما يتراوح بين 15 إلى 25 سنة فقط، لذا يأخذ رجال الإصلاح بالعرف، ويتشددون في الدية لردع القاتل، مضيفا: "لذا فإننا، في قضايا القتل، نحاول أن نوقع أشد عقوبة ممكنة حتى وإن كانت مخالفة للقوانين".

ولفت دويكات إلى أن رجال الإصلاح يحاولون تطبيق الشريعة الإسلامية والقانون ضمن إمكانيات "عطوة المنشد"، كما أن هناك محاولات لتعديل بعض المواثيق في عطوة المنشد.

وردا على التساؤلات عن مدى توافق حكم القضاء العشائري مع الشريعة والقانون، أوضح دويكات: "رجال الإصلاح العشائري يطبقون أحكاما كما جرى عليه العرف، وذلك لغياب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بحق القاتل، ويحاولون قدر الإمكان موافقتها مع الشرع".

وبحسب دويكات، توجد ثلاث تصنيفات للنساء المُعتدى عليهن، النوع الأول "صائحة الضحى" وهي التي تستغيث من تمزيق ملابسها، وقيمة "المنشد" لها مليون و250 ألف دينار أردني، أما النوع الثاني "الموشوشة" وهي التي تتعرض لاعتداء، أو محاولة اعتداء، تتحدث سرا لقريبتها، والثالثة هي "المطرية"، أي التي تقبل المنكر، وفي الحالة الأخيرة، إذا قام الأهل بقتل ابنتهم، فإن المُعتدي عليها يدفع الدية لأهلها، بالإضافة إلى مبلغ يقدر بـ 15 ألف دينار لزوجها.

في حالتي "صائحة الضحى" و"الموشوشة"، فإن الجاني، حسب عطوة المنشد، لـ"صائحة الضحى"، أو "الموشوشة"، يأخذ كفنه بيده حتى بيت القتيلة، بالإضافة إلى جملين أبيضين، كما يأتي برجل يكتسي لباسا أبيض يحمل فناجين بيضاء ويصب قهوة بيضاء لمدة عشرة أيام لأي شخص يسير في الشارع منذ ساعات الصباح حتى المساء.

تناولنا في الحديث مع دويكات العطوة المتعلقة بقضايا القتل والاعتداء على النساء، لارتباط الأمرين بقضية العواودة، ويجدر التنويه إلى أن للعطوة تفاصيل أخرى حسب نوع الجريمة.

العطوة في غزة

تختلف عادات تقديم العطوة والدية وتفاصيلها في قطاع غزة عن الضفة، ويتحدث عنها لـ"فلسطين" نائب رئيس المجلس الأعلى للإصلاح في قطاع غزة طارق الأسطل.

قال الأسطل: إن الدية معروفة شرعا، وهي حق معلوم لأهل القتيل، وهي نوعان، دية الخطأ ودية شبه العمد، وهي" مقدّرة مالا".

وأضاف أن الفرق بينها وبين العطوة، أن العطوة هي مقدمة "للعمار"، على سبيل المثال: مشكلة بين طرفين، يُكلّف الطرف المعتدي رجال الإصلاح بالذهاب للمعتدى عليه لأخذ "العمار" منه، وهو "الأمان" ليكون مقدمة للصلح وتقديم الحقوق.

وأشار الأسطل إلى أن العطوة العشائرية لها عدة أقسام، هي "العطوة الصافية" وهي مخالفة للشريعة الإسلامية، وتعطي صاحب الحق الفرصة بالحديث دون منح الطرف الثاني الفرصة في الدفاع عن نفسه".

وهناك عطوة "افتاش" يحق للطرفين، بموجبها، أن يتحاجا أمام القاضي، كل حسب مطلبه وهي موافقة للشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى عطوة الدم و"تؤخذ عند القتل"، وهناك عطوة "منشد" وهي متعلقة بالعرض وانتهاك حرمة امرأة، كما هناك عطوة "الوجه" وهي مقدمة للصلح.

وعن مقدار الدية كما جرى عليه العرف في غزة، قال الأسطل: "الديات تخرج فقط للنطق بالحقوق، ويقدرها علماء الشريعة بمبلغ 35 ألف دينار أردني للقتل غير العمد، أما دية شبه العمد تزيد الثلث، وفي القتل العمد إذا تنازل ولي الدم عن إعدام القاتل يأخذ ما يريد من المال حتى يرضى".

وأكد الأسطل أن جميع العطاوى تخضع للعادات العرفية المتبعة بين الناس.

ونبه إلى أن بعض العطاوى ما تزال تُطبق حسب العرف العشائري، كالعطوة الصافية، وعطوة "فورة الدم" وكلتيهما تخالف الشريعة الاسلامية.

ولفت الأسطل إلى أن رحيل أهل الجاني عن المنطقة بحسب بعض الأعراف، فيه مخالفة صريحة للشريعة الاسلامية، لأن عائلته لا ذنب لها.

وأكد أن القاعدة العامة للصلح أن الصلح جائز بين المسلمين ما لم يحلل حراما، أو يحرم حلالا، مبينا: " في الصلح، أحيانا يجلس رجال الإصلاح مع الطرفين أو كل طرف على حدة، وقد تستغرق القضية أياما أو أشهرا حتى تُنجز".

ونوه الأسطل إلى أن رجال الإصلاح يضعون ثلاثة خيارات أمام الأطراف المتنازعة هي "التراضي لا التقاضي"، أو التحكيم الشرعي، أو إحالة القضية للجهات المختصة، أي المحاكم.

عادة شبه منتهية

وبين أن مقدار الدية يختلف في غزة عن الضفة الغربية، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهل غزة، ونظرا لكون أغلب حالات القتل ناتجة عن حوادث السير، أي أنها قتل خطأ، فهناك إجماع بين العلماء على تقدير الدية بـ 35 ألف دينار أردني، أما في الضفة فتقدر بـ 80 ألف دينار أردني، قياسا على أسعار الذهب.

وأوضح أنه في90% من قضايا القتل الخطأ وشبه العمد، يعفو أهل الحق عن القاتل، ولا يأخذون الدية.

اخبار ذات صلة