على رصيف قريب من شاطئ دير البلح تفترش مسنتان نازحتان الأرض بعدما شردتهما قوات الاحتلال من حي الشجاعية شرق غزة، وتسخران من مرشحي الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وكامالا هاريس بالقول: "إنهما حشرتان".
المسنة زهية العرقان (75 عاما) ورفيقتها فتحية العجل (70 عاما) كانتا جارتان في الحي ذاته، وهما الآن تجاوران بعضهما أيضا في خيمتي نزوح إجباري حالهما كحال مئات الآلاف من الغزيين بفعل حرب الإبادة المستمرة بدعم أمريكي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ترتسم على وجهي زهية وفتحية تجاعيد تحمل هموم وطن احتلته العصابات الصهيونية منذ 1948، ومعاناة حرمان من المأوى والعلاج ومقومات العيش وتجويع وتعطيش.
وهاريس هي نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يصف نفسه بأنه صهيوني، وهي بذلك صاحبة أرفع منصب من إدارته التي دعمت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
أما ترامب الرئيس الأمريكي السابق فقد اعترف بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) في 2017، وكرر في إطار حملته الانتخابية دعمه المطلق لها.
ويتنافس الاثنان على رئاسة الولايات المتحدة بانتخابات تجرى غدا الثلاثاء.
تقول فتحية لـ"فلسطين أون لاين": نريد العودة إلى بيوتنا، لكن ترامب وهاريس سيدعمان (إسرائيل) ولن يفعلا شيئا لمصلحة الفلسطينيين.
وتقلل زهية من جهتها من شأن ترامب وهاريس، واصفة إياهما بأنهما "حذاءان".
وتتساءل: ما ذنبي وذنب هؤلاء الأطفال والنساء والمسنين حتى نتعرض لحرب الإبادة؟
تذرف دموعا ساخنة على واقعها، قبل أن تتنهد وتقول: "بدنا نروح لدورنا وملكنا وأراضينا نشوف الخراب اللي عملوه.. دمروا أشجار التين والزيتون والليمون وقتلوا الأرانب والدجاج".
وتذكر زهية أن إدارة بايدن التي تضم هاريس هي التي واصلت تسليح قوات الاحتلال الإسرائيلي لشن ومواصلة حرب الإبادة، بينما منح ترامب (إسرائيل) ما لا يملك لمن لا يستحق وهي القدس.
وتشير بيدها إلى أحفادها الذين يفتقرون إلى مستلزمات الحياة ومنها الملابس لمواجهة البرد القارس، وقد شردتهم قوات الاحتلال ودمرت منازلهم ومنعتهم من العودة إلى ما تبقى منها.
وتتطابق وجهة نظر فتحية وزهية مع النازح من غزة إلى دير البلح نهاد إسليم (46 عاما)، الذي يقول: إن ترامب وهاريس وجهان لعملة واحدة.
وفي دردشة مع "فلسطين أون لاين" يضيف إسليم: إن ترامب وهاريس يحابيان (إسرائيل) ويسعيان لإرضائها كل بطريقته وأن كلاهما يتلاعبان بالقضية الفلسطينية لتحقيق مصالح انتخابية.
ويرى أن المرشحين الرئاسيين يبحثان عن القضايا الحساسة في العالم ويحاولان أن يكون ذلك طريقهما للنجاح.
ويؤكد أن هاريس وترامب لن يفيدا الشعب الفلسطيني، وأن الأخير سيواصل نضاله من أجل إنهاء الاحتلال وتحرير فلسطين.
ويتفق معهم صبحي أبو كميل (47 عاما) وهو مالك ورشة لدهانات السيارات، قائلا: إن هاريس وترامب يعكسان صورة واحدة.
ويوضح لـ"فلسطين أون لاين": أن ترامب وهاريس سيتبعان السياسة الأمريكية نفسها التي لم تنفع القضية الفلسطينية يوما، وعلى النقيض دعمت (إسرائيل).
ويشير إلى أن هذه السياسة "ذبحت" الشعب الفلسطيني ووفرت الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي.
ومن منظوره فإن أمريكا تتصرف وكأنها هي العالم كله، ذاكرا أن عملية المفاوضات التي انخرط فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات كانت نتيجتها "صفر"، رغم أنه مد يده لواشنطن لتحقيق "تسوية" مع الاحتلال الإسرائيلي.
كذلك ترى دكتورة صيدلانية نازحة في دير البلح أن هاريس وترامب لا فرق بينهما بالنسبة للشعب الفلسطيني.
وتقول الصيدلانية العشرينية التي طلبت عدم ذكر اسمها: إن كلا المرشحين يتراقصان على دماء الشعب الفلسطيني وهمومه.
وتعمل هذه الشابة في خيمة حولتها إلى صيدلية بعدما أجبرها الاحتلال على النزوح من مدينة غزة.
وتشير استطلاعات رأي في أمريكا إلى أن 60% من الناخبين الأمريكيين غير راضين عن خياراتهم من المرشحين، في وقت تحظى هاريس بـ 49% من أصوات الناخبين المحتملين وترمب على 46% ما يعكس الاستقطاب الشديد.
وسواء أفاز ترامب أو هاريس في الانتخابات فإنهما لا يقلان في نظر الغزيين عن صفة "مجرم حرب".