كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، على لسان مصدر مطلع على قضية تسريب الوثائق الحساسة في مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن هناك مجموعة كاملة بمكتب نتنياهو تعمل في الخفاء وتجند عملاء داخل الجيش وتزور وثائق وتنشر أخبارا مضللة لإحباط صفقة التبادل.
وأوضح المصدر للصحيفة العبرية، أن "الوثائق التي تم إخراجها من خزائن الدولة العسكرية والتي تحتوي على أسرار إسرائيل الأكثر حراسة يتم تداولها دون رادع في أماكن لا حصر لها. هناك من قام بتسريب أمن الدولة، ومن المدهش مدى الازدراء الذي يعاملون به أهم القضايا الأمنية لنا جميعا".
ووفقا لشخص مطلع على سلوك مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فإن "الجهد الأسمى الذي يبذله مكتب نتنياهو ليس إطلاق سراح المختطفين وليس إنهاء الحرب، بل الحفاظ على الحكومة القائمة، ومحاولة لتحويل دفة الأمور أمام الرأي العام، وجعل أهوال 7 أكتوبر تختفي والابتعاد قدر الإمكان عن لجنة تحقيق حكومية، إلى جانب الحفاظ على الائتلاف وحملة ضد الذهاب إلى الانتخابات".
ويقول مسؤول كبير في الاستخبارات العسكرية مطلع على تفاصيل قضية الوثائق السرية التي يتم فيها التحقيق، "تم اعتقال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، وهذا ما يعرفه: مجموعة تجلس في الخفاء، تتآمر، وتجند عملاء في الجيش الإسرائيلي، وتفشي الأسرار وتعرض الأساليب والمصادر للخطر، وتزور الوثائق وتزود وسائل الإعلام بمعلومات مضللة، وكل ذلك من أجل إفشال صفقة المختطفين".
وأضاف المصدر: "كيف يعيش هؤلاء الناس بسلام؟ كيف يمكنهم النظر في المرآة؟ ماذا يقولون لأنفسهم في الصباح"، ويضيف مصدر آخر: "لم يخونوا المختطفين فقط، بل خانوا الجيش أيضًا، وتجسسوا وعطلوا وكذبوا وارتكبوا جرائم جنائية لا تعد ولا تحصى، ولكن أيضا جرائم أخلاقية ومعنوية، وكل هذا يحدث في جو طبيعي، كل شيء مسموح، كل شخص صادق".
وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام عبرية، أنها طالبت محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون برفع الحظر المفروض على ما توصف بأنها "القضية الأمنية الجديدة" التي "تعصف" بالمؤسستين السياسية والأمنية، كما طالب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، برفع الحظر عن نشر تفاصيلها.
وأوردت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" مساء، الجمعة، أنه "سمح بالنشر اعتقال عدد من المشتبه بهم في القضية، فيما أن الشبهات المنسوبة إليهم هي تسريب معلومات حساسة وتعريضها للخطر والإضرار بأهداف الحرب في غزة".
ورد مكتب نتنياهو على ذلك بالقول "خلافًا للتقارير الكاذبة التي تحاول وسائل الإعلام تصويرها، لم يتم التحقيق أو اعتقال أحد من موظفي مكتب رئيس الحكومة".
انتقدت والدة أحد الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، تعامل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مع "الرهائن المحتجزة بغزة"، معتبرة أن نتنياهو يخرب جهود صفقات التبادل متعمدا.
ونقل موقع "واينت" الإسرائيلي عن والدة أحد الأسرى الإسرائيليين بغزة "إن الحكومة ترتكب وعيًا زائفًا وقاسيًا ضد صفقة الاحتجاز وضدنا". وأردفت بتوجيه كلامها لـ "نتيناهو" قائلة "قمت بالتخريب عمدًا لغرض الحرب".
وتابعت والدة الأسير الإسرائيلي بغزة "الحكومة ترتكب عملية احتيال ساخرة تأخذ من أنظمة مظلمة، المعلومات السرية والمشوهة ستؤجج حملة السم ضد العائلات، من أجل وسمنا كعدو وطعن الصفقة بظهر الشعب".
ودعت وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، وبقية الوزراء، ورؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى "مصادرة التعامل مع المختطفين من نتنياهو"، مرجعة السبب إلى أنه غير مهتم بعقد صفقة تبادل، ولا يريد سوى إطالة الحرب.
وفي أكثر من مرة انتقدت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مشيرين إلى أنه "يواصل المماطلة، ولا نية لديه لإنجاز صفقة تبادل أسرى".
واتهمت عائلاتُ الأسرى، في بيان لهم، أمس السبت، نتنياهو بترك أبنائها الأسرى في 7 أكتوبر 2023، مؤكدةً أنّه يتركهم في ما وصفته بـ "السجن القاسي"، في إشارة إلى قطاع غزة، الذي يتعرّض لعدوان إسرائيلي.
وتوجّهت العائلات إلى نتنياهو بالقول: "لقد خنت المخطوفين وخنتنا، وخربت بصورة مقصودة أهداف الحرب".
وتقدر "إسرائيل" وجود 101 أسير بقطاع غزة، بينما أعلنت حركة حماس مقتل العشرات من هؤلاء الأسرى في غارات إسرائيلية عشوائية.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية مفاوضات غير مباشرة بين حركة "حماس" الاحتلال الإسرائيلي، غير أنها لم تسفر عن بلورة اتفاق؛ بسبب رفض حكومة الاحتلال مطالب حماس بإنهاء الحرب، وسحب قواتها من قطاع غزة، وعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع.
ويصر نتنياهو على مواصلة الحرب على غزة، والتمسك باستمرار السيطرة العسكرية على محوري فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وممر نتساريم الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، ما يقلل فرص نجاح مفاوضات الهدنة.
في المقابل، تصر حماس على إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي كاملا من قطاع غزة، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.