فلسطين أون لاين

الجولة الأخيرة هدفت لاستقراء مواقف الحركة بعد استشهاد "السَّنوار"

تقرير محلِّلون سياسيُّون: "الهدنة المؤقَّتة" فخَّ أمريكا والاحتلال لم تقع به "حماس"

...
محلِّلون سياسيُّون: "الهدنة المؤقَّتة" فخَّ أمريكا والاحتلال لم تقع به "حماس"
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يرى محللون سياسيون أن "الهدنة المؤقتة" التي تحاول أمريكا الوصول إليها برعاية وسطاء، هي بمثابة "فخ قديم جديد" يُقدم بصيغ سياسية مختلفة دون الوصول إلى اتفاق شامل لوقف الحرب، تحاول إيقاع حركة حماس فيه، إلا أن الحركة تصرُّ على التمسك بوقف إطلاق النار ضمن اتفاق شامل.

وتحاول أمريكا، وفق مختصين تحدثوا إلى موقع "فلسطين أون لاين" الوصول لاتفاق شكليّ فيما يتعلق بإبرام صفقة تبادل بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، يسمح للاحتلال فيما بعد باستكمال الحرب وقتل الفلسطينيين، فيما يماطل الاحتلال في إبرام صفقة لكسب الوقت واستخدام المفاوضات غطاء لاستمرار حرب الإبادة الجماعية في غزة.

وفي أغسطس/آب الماضي، قدّمت حماس عدة بنود رئيسية ضمن ورقة التفاوض، وتضمنت الورقة اشتراط وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة كجزء أساسي من الاتفاق. كما دعت حماس إلى الإفراج المتبادل عن الأسرى، بحيث يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، إضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق معينة في غزة، وفتح المعابر لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.

وخلال جولات التفاوض الحالية، أكدت الحركة تمسكها بالورقة المقدمة في أغسطس/ آب الماضي، وقالت على لسان قيادات عديدة فيها إن "الشعب الفلسطيني لا يمكنه قبول صفقات جزئية اليوم. يجب أن يبدأ أي جهد لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس بوقف إطلاق النار".

وأكد القيادي بحركة حماس سامي أبو زهري، أن هدف الحركة هو انسحاب الاحتلال من قطاع غزة وإبرام صفقة تبادل عادلة وعودة النازحين، وأن الحركة لن تسلم الأسرى والاحتلال يواصل قتل شعبنا، وأن العرض المقدم لا يلبي مطالب الشعب، وأن الاحتلال غير جاهز لأي اتفاق حاليا، معبرا عن رفض الحركة استعادة الاحتلال لأسراه ضمن اتفاقية تبادل ثم معاودة القصف.

استقراء مواقف المقاومة

ويرى مدير مركز "يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية" سليمان بشارات، أن تجديد أمريكا والاحتلال للمسار التفاوضي، تم بتوافق بين الطرفين لاستقراء مواقف المقاومة بعد استشهاد يحيى السنوار، نتيجة الضغط العسكري والتطورات الميدانية والإقليمية، مع ممارسة ضغط إضافي لإجبار حماس على الرضوخ للشروط الإسرائيلية.

وقال بشارات لموقع "فلسطين أون لاين": إن "الهدف الثاني والأبرز لهذا التجديد، هو محاولة أمريكا لفصل المسارات السياسية بين الجبهات، فكان الحراك بشكل متزامن بين غزة ولبنان، وعندما لم تجد أمريكا منفذا لتطبيقه تم الحديث عن فشله".

ويعتقد أن أمريكا والاحتلال تريدا إحداث نوعًا من الخديعة لأطراف المقاومة، بتفكيك الساحات عبر الذهاب لاتفاقات سياسية منفصلة، وهذا واضح حتى بطبيعة السلوك العسكري الإسرائيلي وطريقة الاستهداف المختلفة بين لبنان وغزة، لإيصال قناعة أن كل جبهة منفصلة، فيما ترفض المقاومة الوقوع في هذا الخداع الذي تحاول أمريكا نصبه.

ولفت إلى أن (إسرائيل) ترى بالحراك السياسي المتعلق بصفقة التبادل حالة تعطي تطمينات للجبهة الداخلية، وتحاول شرعنة كل ما تقوم به من إبادة والتي تمارسها تحت غطاء وجود حراك دبلوماسي وسياسي، كما تحاول استثماره لتعزيز علاقتها بأطراف إقليمية ودولية، وتحوليهم لأوراق ضاغطة على المقاومة.

وعن الموقف الأمريكي، رأى أنها راغبة باستمرار الحرب، بالرغم من تقديمها لنتنياهو أنه صاحب القرار والمعضلة في وقف الحرب، رغم أنها بالحقيقة تشاركه في صناعة القرار، وهي تحاول الوصول لشرق أوسط جديد، لإزاحة العقبة الأساسية من أمام المشروع الأمريكي بطرح (إسرائيل) كجزء من الشرق الأوسط وتعزيز التطبيع، والذي أحدثت المقاومة مشكلة في هذا المشروع عندما نفذت هجوم 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023.

وبحسب بشارات، لا يوجد أمام المقاومة سوى خيار الصمود والمقاومة ورفض كل ما يملى عليهم من أمريكا والاحتلال أو أي أطراف إقليمية أو دولية لأنه لا يوجد شيء تخسره المقاومة، فأي تضحية بما قدم يعني حالة استسلام أمام الضغط العسكري مما يفتح الباب أمام ضغوط إضافية بهدف التخلص من القضية الفلسطينية بشكل كامل.

وأكد أن تعامل حماس والمقاومة وإصرارها على وقف الحرب، يعطي فهمًا وإدراكًا لكل المخططات التي تحاول (إسرائيل) وأمريكا فرضها، ورأى أن المعضلة أن هذا الوعي من قبل المقاومة لا يوجد من يسانده من العمق العربي والإسلامي الذي يمكن أن يشكل ضغطا لوقف الحرب.

ورأى أن حالة الصمت العربي على ما يجري بغزة وعدم اتخاذ خطوات ضاغطة على الاحتلال يجعل المقاومة بمفردها أمام كل هذه الوحشية، مشددًا على ضرورة حدوث تغير في الموقف العربي والإسلامي تجاه العدوان المستمر على غزة.

حلقة مفرغة

فيما يرى الكاتب والمختص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور، أن رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لأطروحات التبادل يعود لاعتبارات "شخصية" لا يمكن إغفالها كونه معني بالبقاء في حالة حرب وهذا يحافظ على حكم اليمين المتطرف، ويكسبه وقتًا إضافيًا، ولأنه يريد إبقاء اليمين في الحكم وأن نظرته لغزة لا تتوقف في مسألة القضاء على المقاومة.

وأشار منصور لموقع "فلسطين أون لاين" إلى أن هناك أسباب سياسية وعسكرية متعلقة بأهداف الحرب، خاصة ما يتعلق بالقضاء على حماس تجعله يرفض الوصول لصفقة، في المقابل تتمسك حركة حماس بمطالب الشعب الفلسطيني وعدم التراجع وتراهن على تراجع الموقف الإسرائيلي أمام هذا الصمود، أو حدوث تطورات بالمنطقة تجعل الفرصة أنسحب لصالحها".

ورأى أن الحركة منفتحة في موضوع الصفقة وأبدت مرونة بالعديد من القضايا، معتبرا جولات التفاوض الحالية، دائرة مفرغة يجب حدوت تغيير في آلية التفاوض فيها مع تتغير في الحالة الفلسطينية المختلفة، بحيث تتوحد جهود حماس والسلطة وفق رزمة سياسية شاملة يدعمها العرب والعالم.

وعد أن أي صيغة مؤقتة قد تتحول لـ "فخ" إذا لم يكن هناك رابط بينها وبين الهدف الأساسي الذي يريده الشعب الفلسطيني والعالم وتتمسك به حركة حماس بوقف الحرب، بالتالي الهدنة المؤقتة ستصبح هدية لنتنياهو.