فلسطين أون لاين

النّزالُ الأكبر في الانتخابات الأمريكيّة!

...
ماهر عبد القادر

لم يتبق إلا أيام قليلة، على موعد النزال الأكبر، بين دونالد ترامب المرشح الجمهوري - الرئيس الأمريكي الأسبق، ومنافسته الشرسة كمالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، على حلبة الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذه المرة هي الأكثر تنافسية في التاريخ الحديث، فلم يسبق أبداً أن تقاربت استطلاعات الرأي في نتائجها إلى هذا الحد بين المرشحين.

وربما لم يكن للصوت العربي والمسلم، في الولايات المتحدة الأمريكية، أهمية كبرى كتلك التي يحظى بها في هذه الانتخابات، حتى أن بعض المراقبين، يرون أن أصوات المسلمين والعرب في الولايات المتحدة، هي التي قد تحدث الفارق على الساحة الانتخابية، في الخامس من نوفمبر المقبل. 

العديد من الناس في أنحاء العالم يتساءلون لماذا كل هذا الاهتمام العالمي بالانتخابات الأمريكية. السبب واضح طبعاً ويتعلق بزعامة أمريكا للنظام العالمي الذي تربعت على عرشه منذ انهيار القطب الآخر (الإتحاد السوفيتي) قبل أكثر من ثلاثة عقود ، وهيمنتها على مقدرات العالم ومصير شعوبه وانتشار جيوشها وأساطيلها وقواعدها العسكرية ودبلوماسيتها ومخابراتها في طول العالم وعرضه.

عدم مشاركة العرب الأمريكيين بالتصويت سيصب لصالح ترامب وسيضعف من فرص منافسته كمالا هاريس. 

كمالا هاريس ليست المرشحة المثالية بالنسبة للعرب الأمريكيين ومؤيديهم فقد أشارت استطلاعات الرأي مؤخراً أن أكثر من نصف العرب والمسلمين لاسيما في الولايات المتأرجحة وبالذات في ميتشغان لا يعتزمون التصويت لصالح هاريس التي أعربت أكثر من مرة عن التزامها بالدفاع عن إسرائيل وتزويدها بكل ما يلزم من أسلحة، كما رفضت السماح لمتحدث أمريكي عربي أو فلسطيني بمخاطبة مؤتمر الحزب الديمقراطي بينما أتاحت الفرصة لمتحدثين إسرائيليين من أهالي الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية بمخاطبة المؤتمر.

هاريس لم تستجب لطلب حركة “غير ملتزم” بالاجتماع مع الأمريكيين من أصل فلسطيني ممن فقدوا ذويهم في غزة، بالإضافة إلى عدم موافقتها على مناقشة وقف شحنات الأسلحة إلى "إسرائيل".

هاريس عبرت عن تعاطفها مع الفلسطينيين وتنتقد بشدة سلوك "إسرائيل" في الوقت نفسه الذي تلتزم فيه بسياسة إدارة بايدن، وهو ما أحبط الناخبين الأمريكيين من العرب والمسلمين. ودعت هاريس يوم الثلاثاء إلى إنهاء الحرب بين "إسرائيل" وغزة وإعادة الأسرى الذين تحتجزهم حماس في غزة. وقالت أيضا إن "إسرائيل" يجب ألا تعاود احتلال القطاع الفلسطيني وعبرت عن دعمها لحل الدولتين.

زعماء الجالية العربية والإسلامية يقولون إن مسؤولي حملة هاريس رفضوا خلال اجتماعات مغلقة في ميشيغان وأماكن أخرى النداءات بوقف إرسال الأسلحة الأمريكية إلى "إسرائيل" أو الحد منها

أما المرشح الآخر، دونالد ترامب، ترامب مؤيد قوي "لإسرائيل" ولن يغير من مواقفه أبدا وهذا يزعج الغرب الأمريكيين.  

لا احد يستطيع أن يتوقع ما يمكن أن يفعله ترمب، ، لذا العالم لا يستطيع أن يضع حدوداً للتغييرات المحتملة التي قد يفرضها خاصه في السياسة الخارجية الأمريكية إذا قدر له الفوز.

في هذا السياق سياسة ترامب في الشرق الأوسط خلال فترة رئاسته الأولى (2016-2020) كانت حاسمه لصالح "إسرائيل" وفرضت تغييرات جذريه في المنطقه، حرب غزه بينت أثار هذا التغير من خلال الصمت العربي المدقع. 

فقد قرر ترمب إقناء رئاسته وبكل بساطة وبجرة قلم الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة "لإسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إليها، كما قرر الاعتراف بسيادة "إسرائيل" على الجولان السوري المحتل ، وذلك خروجاً عن السياسة الأمريكية المستمرة منذ حرب عام 1967. إضافة إلى تبنيه لصفقة القرن التي تؤدي بالضرورة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وقد أضاف إلى ذلك خلال حملته الانتخابية الحالية عزمه على توسيع حدود إسرائيل طبعاً على حساب الدول العربية المجاورة "لإسرائيل" بما فيها الأردن ومصر والسعودية والعراق وسوريا ولبنان، إضافة إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى "إسرائيل" وذلك استناداً إلى الخريطة التي ينشرها اليمين الإسرائيلي وبالذات الوزيران الأكثر تطرفاً في حكومة نتنياهو بن غفير وسموتريتش.

 وعليه ليس من المتوقع أن يصوت لصالح ترامب إلا عدد محدود جداً من العرب الأمريكيين.

نعم وللعلم فقد، نظمت حملة ترامب العشرات من الفعاليات سواء بالحضور الفعلي أو عبر الانترنت للأمريكيين من أصول عربية والمسلمين في ميشيغان وأريزونا لاقناعهم بالتصويت له ولكن دون جدوى. 

رغم تودد كلا المرشحين للأصوات العربيه والمسلمه ، فان زعماء الجاليه العربية في ديترويت أن هذه هي فرصتهم التاريخيه لتوجيه رسالة قوية إلى الحزب الديمقراطي والجمهوري مفادها أنه ينبغي عدم الاستهانة بهم.

الولايات المتحدة قد تدخل في عزلة دولية، إذا فاز ترامب، وتتخلى عن تقديم الدعم للعديد من الدول النامية ولكنها لن تتخلى عن "إسرائيل" والسبب أن الرئيس الأمريكي لا ينفرد بالحكم لوحده بل يشاركه الكونغرس في ذلك وقد شاهد العالم بكل وضوح وفي عدة مناسبات ما تحظى به "إسرائيل" من تأييد منقطع النظير في الكونغرس، وكان آخر هذه المناسبات خطاب نتنياهو أمام الكونغرس والتصفيق الحاد وقوفاً الذي حظي به لأكثر من سبعين مرة خلال خمسين دقيقة. 

أما عن نفوذ اللوبي الصهيوني في الكونغرس وفي الدولة العميقة في الولايات المتحدة فحدث ولا حرج وهو غير مسبوق ولا مثيل له في التاريخ.

 الخيار الثالث هو التصويت لصالح جيل ستاين..

أن الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين الغاضبين من الدعم الأمريكي للهجوم "الإسرائيلي" على غزة يتحولون من تأييد كاملا هاريس إلى دعم المرشحة المستقلة جيل ستاين بأعداد قد تحرم المرشحة الديمقراطية من الفوز في ولايات حاسمة ستحدد مصير انتخابات الرئاسة في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني.

جيل ستاين هي طبيبة يهودية الديانة، ولكنها غير صهيونية سبق أن ترشحت للرئاسة عام 2012 وكررت ترشحها عام 2016 وهي تسعى إلى تغيير نظام الحزبين الذي تعتبره فاشلاً وتحاول إقناع أنصارها بذلك. أما عن سبب إعجاب الأمريكيين العرب بها فهو مشاركتها في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.

وتخوض ستاين حملة دعم قوية لغزة، في حين يلتقي ممثلو ترامب مع المجموعات الإسلامية ويعدون بإحلال سلام أسرع مما تستطيع هاريس تحقيقه.

لكن دعمها لوقف دائم لإطلاق النار في غزة وفرض حظر فوري على الأسلحة الأمريكية "لإسرائيل" ولحركات الطلاب الهادفة لإجبار الجامعات على سحب استثماراتها في الأسلحة جعلها محط الأنظار في الدوائر المؤيدة للفلسطينيين. أما زميلها على بطاقة الترشح بوتش وير، وهو أستاذ في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، فهو مسلم.

يجد الأمريكيون من أصول عربية أنفسهم في موقع فريد ونادر في السياسة الأمريكية هذه الأيام، فالحملات الانتخابية تشتد وتتركز على ولاية ميشيغان حيث يشكل العرب نسبة مهمة من السكان.

وأفاد نحو 4 مليون أمريكي بأنهم من أصل عربي في تعداد الولايات المتحدة لعام 2020، وهو العام الأول الذي تُسجل فيه مثل هذه البيانات. ورغم أنهم لا يشكلون سوى واحد في المئة تقريبا من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 335 مليون نسمة، فإن ناخبيهم قد يثبتون أنهم حاسمون في سباق تظهر استطلاعات الرأي أنه متقارب.

خيارات التصويت، للجاليتين العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، في الانتخابات المرتقبة، سواء في جانب المجموعات التي ستصوت للجمهوريين، أو تلك التي ستصوت للديمقراطيين، أو من سيصوتون لغير القطبين الرئيسيين، وسيمتنعون عن التصويت بالمرة باتت تمثل عاملا أساسيا،

وكان استطلاع للرأي، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز، في منتصف مايو/أيار الماضي، قد أشار إلى أن ملف الحرب في غزة، سيكون المتحكم الأكبر، في الطريقة التي سيصوت بها نحو 70 بالمئة من عرب الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

دأب مرشحو الرئاسة الأمريكية على إعطائهم الوعود خلال حملاتهم الانتخابية، وظل العرب والمسلمون يتأرجحون بين الديمقراطيين والجمهوريين، بانتظار تحقيق الوعود.

ويبقى السؤال في انتخابات 2024، يتمحور حول لمن سيعطي العرب الامريكيين ورقة حسم الانتخابات.