خلَّف اجتياح ما تسمى "الفرقة 162" في جيش الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جباليا وبلدات أخرى في محافظة شمال قطاع غزة، أوضاعًا مأساوية على المواطنين الصامدين هناك رغم المجازر البشعة التي ارتكبها جنود الاحتلال.
ورصد موقع "فلسطين أون لاين" على مدار أيام الاجتياح الذي بدأ مساء 5 أكتوبر/ تشرين أول الحالي، مشاهد عدة أظهرت فظاعة ما يتعرض له أهالي محافظة شمال القطاع وأدى إلى استشهاد أكثر من 800 مواطن.
وهذا الاجتياح لمحافظة شمال قطاع غزة هو الثالث منذ بدء حرب الإبادة يوم 7 أكتوبر 2023، والممتدة للسنة التالية على التوالي.
وتعمد جيش الاحتلال قطع الاتصالات والانترنت منذ بدء عمليته البرية المستمرة، في خطوة رآها مراقبون أنها تهدف إلى عزل شمال القطاع عن العالم، إلا أن العديد من المشاهد التقطها مواطنون وصحفيون ووثقوها بالصوت والصورة.
وتنوعت طبيعة الاستهداف الإسرائيلي للأهالي هناك بين عمليات قصف المنازل واستهدافها بالمدفعية، والقتل العمد للمواطنين بأسلحة مختلفة، إضافة إلى عمليات الاعتقال والتهجير القسري.
ولم يسلم أحد من الاستهداف الإسرائيلي، حتى أن الصحفيين والفرق الطبية والإسعاف والطوارئ وكذلك أطقم الدفاع المدني كانت ضمن بنك أهداف جيش الاحتلال وطائراته الحربية.
وأظهرت فيديوهات تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي كيف مارس جيش الاحتلال عمليات نسف المنازل من خلال وضع براميل بها مواد شديدة الانفجار في الشوارع وبين الأحياء السكنية قبل تفجيرها.
وألحقت هذه البراميل دمارًا كبيرًا بمنازل المواطنين وممتلكاتهم لاسيما في منطقة مخيم جباليا، والصفطاوي، وغيرها من بلدات شمال القطاع.
كما رصد مراسل "فلسطين أون لاين" قيام جيش الاحتلال بإجبار المواطنين على مغادرة مراكز النزوح والتوجه عبر طريق صلاح الدين إلى مراكز الإيواء في مدينة غزة.
كما لجأ جيش الاحتلال إلى اعتقال أعداد كبيرة من الرجال وجمع النساء والأطفال من بلدتي جباليا وبيت لاهيا ومنطقة المشروع في حفرة كبيرة حفرتها آلياته العسكرية قبل إجبارهم على مغادرة محافظة الشمال.
من جهته، أكد مدير عام جمعية العودة الصحية والمجتمعية رأفت المجدلاوي، استمرار الهجمة العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال على محافظة شمال القطاع، وقد خلفت مئات الشهداء وأعداد كبيرة من الجرحى والمفقودين.
وبين المجدلاوي في تصريح صحفي مكتوب تلقى موقع "فلسطين أون لاين" نسخة عنه، أن مستشفى العودة في تل الزعتر تعرض منذ بداية الهجمة على شمال القطاع لاستهداف مباشر لأقسام المبيت في الطوابق العلوية ما أدى إلى إصابة أحد الموظفين، وتضرر غرف الإقامة في أقسام المبيت، وخزانات المياه ومحطة فلترة وتعقيم المياه وسيارة الإسعاف الموجودة في باحة المستشفى.
ونبَّه إلى أن محيط مستشفى العودة يخضع للحصار من كافة الجوانب ما يحول دون وصول المواطنين للحصول على الخدمات الصحية، ومنع المستشفى من تقديم خدماتها الصحية لهم.
وناشد المجدلاوي العالم الحر والمؤسسات الإنسانية والحقوقية للضغط على الاحتلال وإلزامه بالقوانين الدولية والمعايير الإنسانية في أوقات الأزمات والحروب وفقًا للمقررات الحقوقية والإنسانية، وتوفير الحماية للطواقم الطبية والمرافق الصحية باعتبارها أعيان مدنية يتوجب حمايتها وتحييدها، والضغط من أجل فتح ممر آمن لتزويد مستشفى العودة ومستشفيات شمال قطاع غزة بالإمدادات والأدوية والمستهلكات الطبية والوقود والطعام والمياه.
كما شدد على ضرورة رفد مستشفيات شمال قطاع غزة بالكوادر والكفاءات الطبية المطلوبة لتعزيز قدرة المستشفيات على الاستجابة وتقديم الخدمات الصحية اللازمة للمرضى والمصابين، خصوصًا في ظل الارتفاع الكبير لأعداد الجرحى والمصابين وتعدد طبيعة هذه الإصابات.
والظروف الصعبة التي يمر بها مستشفى العودة تنطبق تمامًا على المستشفى الاندونيسي قرب مدينة الشيخ زايد، وكذلك مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا.
وتعرضت جميع هذه المستشفيات إلى حصار مطبق فرضه جيش الاحتلال واستهداف مباشر تزامن مع المطالبة بإخلائها دون توفير ممر آمن يسمح بإجلاء الجرحى والمصابين والمرضى خاصة فئة الأطفال.
وحسبما علم مراسل "فلسطين أون لاين" من مصادر صحفية ميدانية في شمال القطاع، فإن عدد كبير من المواطنين أصيبوا بنيران جيش الاحتلال ولم تتمكن فرق الإسعاف والطوارئ من الوصول إليهم ما أدى إلى استشهادهم.