منذ السابع من أكتوبر الماضي، لجأت دولة الاحتلال إلى الأسواق المالية بحثاً عن السيولة لتمويل حربها المتواصلة على قطاع غزة ولبنان. وعلى الرغم من نجاحها في تأمين قروض جديدة، إلا أن تكلفة التأمين على هذه الديون شهدت ارتفاعاً ملحوظاً مع توسع دائرة المخاطر المالية والسياسية، ما أثار مخاوف الدائنين من عدم قدرة الاحتلال على سداد التزاماته في المواعيد المحددة.
هذه التحديات ستزيد بلا شك من أسعار الفائدة المترتبة على القروض التي تحصل عليها دولة الاحتلال، ما يعمق من أزمتها الاقتصادية كما يرى مراقبون اقتصاديون.
حيث أوضح الخبير الاقتصادي، د. هيثم دراغمة، أن الأمر لا يقتصر على ارتفاع حجم الديون السيادية، بل يمتد ليشمل أيضاً ارتفاع تكلفة التأمين عليها.
وأشار إلى أن التأمين على الديون السيادية لأي دولة يرتفع كلما زادت المخاطر المحيطة بها، وهو ما يحدث حالياً لدائني دولة الاحتلال الذين يشعرون بالقلق من اتساع رقعة الحرب، خاصة بعد التوترات مع إيران، حزب الله، الحوثيين، والجماعات الإسلامية العراقية.
وأضاف دراغمة لـ"فلسطين أون لاين" أن تكلفة التأمين على عقود الديون "الإسرائيلية" لأجل 5 سنوات ارتفعت إلى 149 نقطة، مقارنة بـ146 نقطة، وهو أعلى مستوى تسجله هذه العقود منذ سنوات.
وأكد أن الارتفاع في تكلفة التأمين سيمهّد الطريق لزيادة الفوائد على القروض السيادية.
وحسب بيانات وزارة المالية "الإسرائيلية"، فقد وصلت ديون دولة الاحتلال إلى 43 مليار دولار في 2023، مقارنة بـ16 مليار دولار في 2022. وأوضح دراغمة أن زيادة حجم الديون تؤدي إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة، ما يشكل عبئاً على الميزانية الحكومية ويحد من قدرتها على الإنفاق في قطاعات حيوية.
وأضاف أن الاستدانة لتغطية نفقات الحروب، كما هو الحال في دولة الاحتلال حالياً، تساهم في زيادة عجز الميزانية، مما يضطر الحكومة لمزيد من الاقتراض لتغطية العجز.
وفي سياق النظرة الدولية تجاه الاقتصاد "الإسرائيلي" وارتفاع الديون السيادية، بين الخبير الاقتصادي د. نائل موسى أن تجاوز مستويات الدين الحدود المعقولة قد يؤدي إلى مزيد من خفض التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال من قبل وكالات التصنيف الدولية مثل "فيتش" و"موديز".
وأوضح موسى لـ "فلسطين أون لاين" أن تراجع التصنيف سيؤدي إلى تراجع الاستثمارات، حيث ستضطر الحكومة لتقليص الإنفاق على المشاريع الاستثمارية لسداد الديون، مما سيقلق المستثمرين الحاليين ويدفع المستثمرين الجدد للبحث عن بيئات أكثر أماناً.
وأشار موسى إلى أن العملة "الإسرائيلية"، التي كانت مستقرة قبل الحرب، قد تتعرض للانخفاض إذا اضطرت الحكومة إلى استدانة مفرطة أو اللجوء إلى طباعة النقود لتغطية العجز، مما سيؤدي إلى التضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.
كما نوّه إلى أن الحكومة قد تلجأ إلى سياسات تقشفية في محاولة منها لخفض الديون، وهو ما سيؤثر على نفقاتها العامة ويزيد من الضرائب، مما يرهق كاهل السكان.
وحسب المعطيات فأن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في دولة الاحتلال وصلت إلى 67%، في حين بلغ العجز الحكومي 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى بكثير من التوقعات السابقة التي كانت عند 6.6%.