فلسطين أون لاين

"بكيتُ لفقدان بعضهم وقرّرتْ النّهوض من جديد"

من وسط رماد الحرب.. المُعلّمة إيمان بشير تعيدُ طلابَها لمقاعد الدّراسة

...
غزة/ هدى الدلو

بعد ما يقارب تسعة أشهر من اندلاع الحرب اللعينة على قطاع غزة، سيطرت على الشابة إيمان بشير حالة من اليأس والضعف والحزن لاستشهاد ثلة من أطفالها كما تعتبرهم، فهم من طلابها في مرحلة رياض الأطفال، وفقدانهم بالنسبة لها كالأم التي فجعت بفلذات كبدها، فقررت أن تعود وتنهض مجددًا لأجلهم ولشغفها ولاستمرار الحياة، فقامت بعمل روضة مصغرة داخل منزلها.

بشير منذ تخرجها عام ٢٠٠٦ من تخصص آداب لغة عربية وهي تعمل كمعلمة في رياض الأطفال، حيث كرست وقتها لتعليم الأطفال وغرْس بذور الأمل والابتسامة في قلوبهم الصغيرة، فقد كان شغفها بالأطفال لا يوصف، وكانت تعيش كل يوم بينهم كأنه مغامرة جديدة مليئة بالتحديات والفرح.

تقول بشير لموقع "فلسطين أون لاين": "اندلعت الحرب وانتشرت أصوات القصف والدمار في كل مكان وأغلقت المدارس أبوابها ودبّ الخوف والقلق قلوب الأطفال، لكني كنت مصممة على ألا يكون هذا هو الفصل الأخير في حياتي المهنية".

ورغم الجرح النفسي التي تعاني منه بشير بسبب الحرب، إلا أنها تؤمن بدورها كمعلمة وأنها لا يمكن لها أن تتوقف عند حدود الدمار بل يجب أن تكون نبعًا جيدًا للحياة بتعليم الأطفال ومحاولة لشفاء النفوس الصغيرة من الحرب.

وتوضح أنها استهدفت في روضتها الصغيرة الواقعة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، الفئات العمرية من ٤ سنوات حتى ٧ سنوات، حاولت جاهدة أن تعمل على توفير بيئة مناسبة لهم بأقل الامكانيات.

وبرفقة زميلتها إسراء بدأت بمجموعتين، الأولى لأطفال التمهيدي (تأسيس من الصفر)، والثانية لأطفال الصف الأول (تأسيس منهاج الصف الأول).

وبكل حماس، فتحت بشير مجموعات لتعليم الأطفال في حيها، ولم تركز فقط على تعليمهم الأساسيات ١الأكاديمية، بل أيضًا على تعزيز قدراتهم النفسية والاجتماعية التي حطمتها الحرب، وتعليمهم كيف يعبّروا عن مشاعرهم، ويكتسبوا الثقة التي حطمتها الحرب. 

وتشير إلى أنه كان هناك إقبال كبير من قبل الأهالي، إلا أن هذه الفرحة لم تدوم طويلاً بسبب العقبات التي واجهتهم والتي تتمثل في بعد المسافة وصعوبة المواصلات، وانعدام الأمن والأمان في البلد.

وتتمنى بشير أن تتوقف الحرب في أسرع وقت، لتعيد بناء نفسها من جديد، وتعلو أصوات الأطفال بالضحكات والأغاني تملأ الأماكن، لتكن مثالاً لإرادة لا تنكسر وأمل يولد من بين أنقاض الحرب.

وقد عملت بشير في مجال رياض الأطفال منذ ٨ سنوات، وفي البداية قررت الخوض فيه من باب التسلية، حتى بات شغفها بأن تكون معلمة متميزة في هذا المجال، وقد حصلت في العام الماضي من وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع جامعة بيرزيت على منحة دبلومة رياض الأطفال لتميزها في هذا المجال.