مارس جيش الاحتلال كل جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 ضاربا بعرض الحائط كل قوانين حقوق الإنسان والمبادئ التي لطالما تغنت بها الدول الغربية، وحظي بدعم غربي لا محدود وصل لحد المشاركة المباشرة في قتل وذبح أكثر من 150 ألف شهيد ومصاب من أبناء الشعب الفلسطيني إضافة لنحو 10 آلاف مفقود، عبر تزويد (إسرائيل) بكل أنواع الأسلحة الفتاكة لتحقيق الإبادة، ومحاولة التعتيم على تلك الجرائم أمام شعوبها.
دعم الدول الغربية لأوكرانيا ضد الاحتلال الروسي، يتناقض مع دعم الاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني، وهو ما يراه مراقبون دليلا واضحا، على وقاحة وازدواجية معايير أزالت الأقنعة عن كل مبادئ حقوق الإنسان التي كانت تتغنى بها تلك الدول وثبت كذبها وخداعها، بدعم الضحية في منطقة ومساندة الجلاد بمنطقة أخرى، حكمت استدعاء حقوق الإنسان أو التغاضي عنها تقاطع المصالح أو تعارضها.
منذ اليوم الأول لم يتوقف الدعم العسكري الأمريكي والغربي للاحتلال، فقدمت أمريكا ، حسب البيانات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، 70.2 بالمئة من احتياجات (إسرائيل) للأسلحة التقليدية في الفترة 2011-2020. تلتها ألمانيا بـ23.9 بالمئة، وإيطاليا بـ5.9 بالمئة.
وحسب التقارير أرسلت أمريكا للاحتلال في الفترة ما بين 7 أكتوبر و28 يونيو الماضيين ما لا يقل عن 14 ألف قنبلة من طراز "MK-84" تستخدم في قاذفات القنابل، و6 آلاف و500 قنبلة تزن الواحدة منها 227 كيلوغرامًا، و صواريخهيلفاير جو-أرض موجهة، وألف قنبلة خارقة للتحصينات، و2600 قنبلة صغيرة الحجم يتم إسقاطها جواً وذخائر أخرى.
كذلك وافق الكونغرس الأمريكي على تخصيص 17 مليار دولار لإسرائيل ضمن حزمة المساعدات العسكرية الأجنبية البالغة 95 مليار دولار.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت، أنه في الفترة من 7 أكتوبر 2023 إلى يوليو 2024، أقلعت 173 طائرة شحن عسكرية ومدنية من الولايات المتحدة والقواعد العسكرية الأمريكية حول العالم باتجاه إسرائيل وعلى متنها أسلحة وذخائر.
وعلى غرار الدعم الأمريكي السخي، تصاعدت قيمة صادرات الأسلحة من الدول الأوروبية إلى دولة الاحتلال خلال الأعوام التسعة الأخيرة بنحو 6.3 مليار يورو.
دعم سياسي
وإضافة للدعم العسكري، حظيت دولة الاحتلال بدعم سياسي غير مسبوق بدءً فأعلنت الدول الغربية وخاصة أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا دعمها لما أسمته جهود (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها وشعبها"، ومارست كافة أشكال الدعم السياسي والعسكري للاحتلال.
بدأت الوقاحة السياسية التي مارستها أمريكا برفض قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يطالب بوقف إنساني عاجل لإطلاق النار في غزة في 8 ديسمبر/ كانون الأول، مستخدمة سلط النقض (الفيتو)، وكانت أمريكا أول الدول التي رفضت مشروع قرار آخر في جلسة طارئة خاصة بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وشاركت في تقديمه حوالي 100 دولة في 13 ديسمبر/ كانون أول، وافقت عليه 153 دولة مقابل 10 دول رافضة.
وأظهرت الحرب فجوة كبيرة بين الموقف الغربي الرسمي المؤيد للاحتلال، وبين موقف شعوبها الداعم للحق الفلسطينية والمندد بجرائم الإبادة الجماعية، وكما ضربت الإدارات الغربية مبادئ حقوق الإنسان التي لطالما تغنت بها بعرض الحائط، أيضا أدارت الظهر لمطالب شعوبها العادلة.
وفقا لمشروع بيانات مواقع النزاع المسلح( ACLED) في فبراير/ شباط الماضي، شهد العالم أكثر من 3700 مظاهرة مناصرة لفلسطين خلال شهر فقط منذ السابع من أكتوبر؛ منها 600 مظاهرة في الولايات المتحدة و170 مظاهرة في ألمانيا و1400 مظاهرة في الشرق الأوسط، وتحديدا منذ توزيع الجيش الإسرائيلي منشورات تحذيرية لسكان شمال غزة بإخلاء المنطقة في 13 أكتوبر الماضي. ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يحتج فيها الرأي العام الغربي دعما للفلسطينيين، إلا أن الاحتجاجات الأخيرة كانت لافته بصورة كبيرة باعتبارها دشنت لبروز ظواهر جديدة تخللتها.
وفي إبريل/ نيسان الماضي اجتاحت أمريكا موجة تظاهرات في العديد من الجامعات المرموقة دعما لحقوق الشعب الفلسطيني، وبدلا من أن تغير الإدارة الأمريكية سياستها في الدعم الكامل للاحتلال، قامت باعتقال عشرات المتظاهرين وقمع المشاركين والأكاديميين.
يقول رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا د. فوزي إسماعيل إنه بعد معركة طوفان الأقصى مباشرة بدأت تظهر وقاحة الحكومات الغربية على الصعيد السياسي أو في وسائل الإعلام عبروا عنها من خلال قضية الحج للاحتلال وإظهار التعاطف والتأييد للموقف الإسرائيلي من خلال زيارة معظم رؤساء الدول الغربية للاحتلال على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأضاف إسماعيل لموقع "فلسطين أون لاين" إن "هذا التأييد الغربي للاحتلال يثبت أنه مستعمرة للغرب ونقطة متقدمة في خاصرة الأمة العربية في احتلالها لفلسطين، فشعروا بالمعركة أن هناك خطرا وجوديا على حليفهم، بالتالي هم جزء من الحرب وليس طرفا ثالثا فيها".
وتجلت وقاحة الغرب، وفق إسماعيل، من خلال تزوير الحقائق وتلقي وسائل الإعلام الغربية أخبارها من جيش الاحتلال ورقابته العسكرية، وكذلك محاولة التعتيم على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال بغزة، والتكتم على خسائر جيش الاحتلال ومشاكله الداخلية، لافتا، لوجود تأييد واضح ومشاركة تامة من قبل دول حلف شمال الأطلسي في دعم الاحتلال.
وبعد عام من حرب الإبادة الجماعية و76 عاما من ممارسة كل أنواع التعذيب والبطش بحق الشعب الفلسطيني، يؤكد أن مبادئ حقوق الإنسان كذبة اخترعها الغرب لتحقيق ما يخدم مصالحهم ولا تنطبق هذه الحقوق على شعوب العالم الآخر، بالتالي عرّت الحرب تلك الحقوق وسقطت الأقنعة بعدم التزامهم بحقوق الإنسان وضربهم بعرض الحائط لتلك المبادئ بعد فترة كبيرة حاولوا اقناع العالم بأنهم دول ديمقراطية.
وبخلاف الموقف الغربي الرسمي، أشار إسماعيل لوقوف الشعوب الغربية بجانب الحق الفلسطيني من خلال التظاهرات الرافضة بحرب الإبادة الجماعية، ولا زالت مستمرة، لافتا إلى أن آخر التظاهرات حدثت في 5 أكتوبر/ تشرين أول الجاري في إحياء الذكرى السنوية الأولى للمعركة وخرجت احتجاجات بمئات المدن الأوروبية للتعبير عن تأييدهم لنضال الشعب الفلسطيني وتنديدا بحرب الإبادة.
ويعتقد أن النصر الحقيقي الذي حققته الجاليات الفلسطينية والمتضامنون كشف الوجه الحقيقي لدولة الاحتلال والوجه الحقيقي للدول الغربية التي تساند الإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن التظاهرات المؤيدة للحق الفلسطيني تصاعدت رغم كل محاولات قمع التظاهرات، مما يعني تحقيق نصر كبير في اتجاه تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني.
سقوط السردية الإسرائيلية
وعد تعري الاحتلال أمام العالم نهاية للسردية الصهيونية، التي بنيت على الكذب والخداع وقلب الحقائق خارج إطار التاريخ والثقافة، وهذا ما أنتهى مع بدء التظاهرات الداعمة للحق الفلسطيني بعد 7 أكتوبر، التي عملت على تغيير الصورة النمطية التي بنتها السردية الصهيونية.
وأكد أن استمرار هذه التظاهرات يعود بالأساس لصمود المقاومة على أرض فلسطين ولولا هذا الصمود لانتهت القضية الفلسطينية، بالتالي هناك قطاعات واسعة من الشعوب الغربية تؤيد الحق الفلسطيني.
وأشار إلى أن وقاحة الغرب ظهرت في قضية الحرب الأوكرانية الروسية وتعرى فيها الغرب بازدواجية المعايير في التعامل مع قضية أوكرانيا التي وقعت تحت احتلال وحظيت بدعم كامل من الغرب، وقضية فلسطين التي وقعت تحت احتلال (إسرائيل) وجرى تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، مما يعني أن من يدير المعركة في أوكرانيا والاحتلال هو نفس الرأس (حلف شمال الأطلسي).
ويفصل الناشط السياسي في أوروبا سليمان حجازي، بين موقف الشعوب الغربية والحكومات، مؤكدا، أن الشعوب بعد 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 أثبتت أنها بجانب الضحية، فمثلا بداية كل يوم سبت يخرج المتظاهرون في إيطاليا للتعبير عن مناصرتهم للشعب الفلسطيني على مدار عام كامل وهذا ينطبق على دول عديدة مما يعني أن إدارة الشعوب تقف بجانب الشعب الفلسطيني.
وقال حجازي لموقع "فلسطين أون لاين": إن "أكبر موقف للدول الغربية تجاه ما يحدث بقطاع غزة لم يتجاوز حدود التنديد بجرائم الاحتلال"، معتبرا الموقف الأوروبي بأنه "موقف ضعيف أثبت أنه تابع لأمريكا بكل ما تأمر به".
ويؤكد أن 7 أكتوبر أثبت أنه لا يوجد شيء اسمه حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال، وترى الدول الغربية أن للاحتلال الحق بفعل ما يريد وأن على العرب أن يبقوا أتباعا ولا يدافعوا عن حقوقهم، بالتالي تصبح الحكومات الغربية شريكة بقتل المدنيين في غزة، وثبت أنها مولت (إسرائيل) بكل الأسلحة المتطورة بتالي شاركت بقتل وذبح المدنيين في غزة.