أطاحت معركة "طوفان الأقصى" التي باغتت خلالها كتائب القسام الكيان "الإسرائيلي" بهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023م صوب الكيبوتسات والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة، بوزراء وجنرالات وقيادات عسكرية فشلوا في مواجهة "الهجوم الفلسطيني التاريخي".
وأدت الانتقادات الحادة التي وجهت للشخصيات المرموقة الحكومية والعسكرية "الإسرائيلية" على مدار عام من "طوفان الأقصى" إلى سلسلة من الاستقالات المتتالية التي لم يسبق لها مثيل منذ قيام الكيان "الإسرائيلي".
وفي الذكرى السنوية الأولى للمعركة، يرصد مراسل "فلسطين أون لاين" أبرز الاستقالات الإسرائيلية الرفيعة:
غانتس وآيزنكوت
وأعلى هذه الاستقالات كانت للوزير بيني غانتس الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة البديل في "حكومة الطوارئ" ثم عضوا في "مجلس الحرب الإسرائيلي" الذي تشكل لإدارة الحرب على غزة.
ونتيجة الخلافات العميقة الإسرائيلية إزاء هجوم المقاومة الفلسطينية ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إبرام صفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس، أعلن في 9 يونيو/ حزيران استقالته من منصبه في "حكومة الطوارئ".
وخاطب غانتس عائلات الأسرى لدى المقاومة في غزة، قائلا: "أخفقنا في الامتحان، ولم نتمكن من إعادة أبنائكم".
وشارك رئيس الأركان الأسبق (2011-2015) في استقالته، بذات التاريخ، عضو الكنيست الإسرائيلي غادي آيزنكوت الذي اختير لاحقا عضوا في "حكومة الطوارئ".
وقال رئيس الأركان السابق (2015-2019) آيزنكوت: "شهدنا مؤخرا أن القرارات التي اتخذها نتنياهو ليست بالضرورة بدافع مصلحة البلاد".
الجيش ومؤسساته
وداخل المؤسسة العسكرية، أعلن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" اللواء أهارون هاليفا، استقالته في 22 أبريل/نيسان 2024 على خلفية فشله في التنبؤ بهجوم 7 أكتوبر.
وكتب في خطاب استقالته إن "شعبة الاستخبارات تحت قيادته لم ترقَ إلى مستوى مهمّته ... سأحمل إلى الأبد آلام الحرب الرهيبة".
وفي شعبة الاستخبارات أيضا، أعلن قائد الوحدة العسكرية (8200) البريغادير يوسي ساريئيل، في 12 سبتمبر/ أيلول 2024 الاستقالة من منصبه؛ بسبب مسؤوليته عن إخفاق الوحدة في إعطاء إنذار مبكر عن هجوم أكتوبر.
و"ساريئيل" هو ثاني ضابط رفيع في هيئة الاستخبارات يعتزل الخدمة على خلفية إخفاقاتها، بعد رئيس الهيئة الميجر جنرال أهارون هاليفا.
كما أعلن قائد قيادة القوات البرية في الجيش تامير يادعي، في الثالث من سبتمبر/أيلول 2024 استقالته من منصبه لأسباب "غامضة" وفق الإعلام العبري.
و"يادعي" قاد سابقا عدة وحدات قتالية رئيسية منها الكتيبة 13 ووحدة إيغوز الاستخباراتية، كما تسلم قيادة لواء غولاني وفرقة الضفة الغربية، وكان من أبرز المرشحين لمنصب نائب رئيس الأركان.
ووصفت التحليلات العسكرية استقالته آنذاك بـ"الهزة الأرضية" في قيادة هيئة الأركان.
وقدم قائد فرقة غزة في الجيش العميد آفي روزنفيلد استقالته من منصبه في التاسع من يونيو/ حزيران 2024؛ بعد "فشله في مهمة حماية منطقة غلاف غزة".
وفي 8 تموز/ يوليو 2024، أعلن قائد المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش يهودا فوكس، استقالته من منصبه بعد توتر كبير في العلاقات مع المستوطنين المدعومين من وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير.
والتحق المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في "مجلس الأمن القومي الإسرائيلي" يورام حامو، باستقالة الجنرالات وتحديدا 12 مايو/ أيار 2024 على خلفية الفشل في اتخاذ قرارات سياسية بشأن قضية "اليوم التالي" للحرب على غزة.
وجاءت استقالة "حامو" بعد يومين من استقالة موشيك أفيف رئيس المنظومة الدعائية لـ(إسرائيل) - (هسبرا)؛ وذلك على خلفية تعرضه لانتقادات قاسية لعدم قدرة "تل أبيب" على تنفيذ حملات دعائية ناجحة أمام السردية الفلسطينية التي انتشرت بكثافة على مستوى العالم.
"تحطُّم منظومة "إسرائيل"
واعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي حاتم أبو زايدة، الاستقالات السابقة بداية سلسلة طويلة وقادمة من الاستقالات الإسرائيلية العامة والمؤسسة العسكرية خاصة.
وعدّ أبو زايدة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" هجوم السابع من أكتوبر فشلا استخباراتيا وعسكريا وسياسيا إسرائيليا مقابل نجاح تاريخي للمقاومة الفلسطينية.
وأوضح أن الاستقالات السابقة تأتي في إطار "إدراك هذه الشخصيات أن هناك أثمان باهظة سيدفع ثمنها" وستشكل لجان تحقيق حكومية وعسكرية الواحدة تلو الأخرى وعلى مدار سنوات طويلة لإدراك ذاك الهجوم.
وأشار إلى أن هناك اتهامات متبادلة وقائمة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالتقصير والإهمال، "فلجأت بعض الشخصيات للاستقالات السريعة وأخرى تنتظر توقف الحرب من أجل تقديم استقالاتها".
وسبق أن اتهم نتنياهو، في تغريدة، المؤسسات الأمنية الإسرائيلية وجهاز الاستخبارات بالفشل في التصدي لهجوم أكتوبر قبل أن يقوم لاحقا بحذفها.
وحتى الآن، يرفض نتنياهو تحمل مسؤولية ما حدث في ذاك اليوم، فيما تتهمه شخصيات عسكرية بإطالة أمد الحرب "لمصالح شخصية".
ونوه أبو زايدة إلى أن نتنياهو سيواصل التهرب من التحقيقات، متوقعا أن تتهمه لجنة رسمية بالإخفاق الكبير في تاريخ الكيان الإسرائيلي.
ولفت إلى أن الفشل "الإسرائيلي" لا يزال مستمرا بتحديد القدرات الصاروخية لحزب الله اللبناني الذي يساند المقاومة في غزة منذ بداية "طوفان الأقصى" وكذلك الضربات الصاروخية الإيرانية.
وأطلقت إيران 1 أكتوبر الجاري نحو 200 صاروخ على أهداف عسكرية إسرائيلية، ردا على اغتيال الاحتلال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وخلص المختص في الشأن الإسرائيلي إلى أن "صورة الاستخبارات الإسرائيلية العالمية" تحطمت أمام هجوم كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية، كما لا يزال هذا الانتصار يطغى على جميع الإنجازات التي يزعم "نتنياهو" تحقيقها في غزة أو لبنان.
وإبريل/ نيسان الماضي أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة "معاريف" العبرية أن 63% من الإسرائيليين يعتقدون أنه بعد استقالة رئيس الجيش ينبغي على قيادات عليا أخرى في الجيش والمؤسسة الأمنية تحمّل المسؤولية والاستقالة.
ومن المقرر، أن يقدم رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار استقالته بعد تصريحات أعلن فيها أن جهازه "أخفق في إصدار التحذير اللازم" من هجوم كتائب القسام.
وكشفت مصادر مقربة من "بار" عزمه التنحي من منصبه عقب انتهاء الحرب.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل تتداول مصادر إعلامية نية رئيس هيئة الأركان هرتسي هيلفي استقالته من منصبه في ديسمبر/ كانون الأوّل المقبل.
وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية فإن "فشل أجهزة الاستخبارات في 7 أكتوبر هائلا .. العديد من الضباط والجنرالات وحتى القيادات السياسية يتقاسمون ويتحملون المسؤولية واللوم".
وذكرت أن المستوى السياسي والجهاز الأمني "أقنعوا أنفسهم بأن حماس ضعيفة، وضللوا الجمهور الإسرائيلي، وهو ما بدا خاطئا بالهجوم المفاجئ".
وتوقعت الصحيفة استقالات جماعية من الاستخبارات العسكرية ورئاسة هيئة أركان الجيش وكبار المسؤولين في "الشاباك" والضباط في وحدة "فرقة غزة"، والقيادة الجنوبية للجيش، الذين سيكون عليهم تحمل المسؤولية والاستقالة من مناصبهم مع انتهاء التحقيقات الداخلية.