فلسطين أون لاين

أريج أيوب.. طفلةٌ "عنكبوتية" حلمها يمتد لـ"غينيس"

...
أريج أيوب (أرشيف)
غزة - يحيى اليعقوبي

رشيقة كالفراشة؛ مبهرة لكل من يشاهدها في حركات الليونة التي تستعرضها بمهارة عالية، وهي تتلوى بقدميها ورأسها وظهرها، لتدور بها حول جسمها، وتقف وتتدحرج، فتُثبّت عيون المتواجدين في الأماكن العامة التي تمارس فيها هوايتها، أو في المسارح التي تشارك فيها بفقرات استعراضية مع فريق "سيرك غزة".

"الفتاة العنكبوتية" كما تحب أن تُنادى، أريج أيوب (9 سنوات) تخط طريقها في هذه اللعبة، وعينها على تسجيل رقم قياسي يُدخلها موسوعة الأرقام القياسية العالمية "غينيس"، وتتمنى تمثيل فلسطين في الخارج، وأن تتبنّى موهبتها ضمن برامج المواهب العربية.

"مش ضروري تضلك بغزة، لازم تسافري برا حتى يكتشفوا موهبتك" تكاد تكون هذه العبارة "ديباجة" تتكرر على مسامع الطفلة في كل استعراض تؤديه مع فريق "سيرك غزة".

اكتشاف بالتدريج

بداية القصة، قبل ثلاثة سنوات شاهدت أريج موهبة الفتى العنكبوتي الفلسطيني محمد الشيخ وهو يؤدي حركات ليونة عبر أحد برامج المواهب العربية التلفزيونية، حينها قامت تلقائيا بتقليد بعض الحركات التي عرضها الشيخ فوجدتها شيئا سهلا بالنسبة لها؛ فكان هذا اكتشافا ذاتيا لموهبة دفينة، ثم لاحظ والدها "أحمد أيوب"، والذي حصل على الحزام الأسود في لعبة "الكاراتيه" وهو كذلك مدرب "كمال أجسام"، موهبتها، وبدأ يساعدها بخبرته الرياضية على التدرب على "فتح الحوض"، وليونة الظهر.

ثم كانت أريج بعد ذلك على موعد مع اكتشاف محلي لموهبتها، فذات يوم وفي مشوار عائلي إلى مرفأ ميناء الصيادين بغزة، كانت أريج تؤدي ما تعلمته من حركات بسيطة، هذا الأداء لفت انتباه مدرب فريق "سيرك غزة" أحمد مشتهى، الذي كان متواجدا في المكان، فتحدث، على الفور، مع والدها وعرض أن يقوم بتدريبها وتعليمها كافة حركات الليونة.

اتبع مدرب السيرك، نظاما خاصا ومكثفا مع أريج، فيقول والدها عن ذلك في حديثه مع "فلسطين": "كان مدرب السيرك يدرّبها مرتين في الأسبوع، ويخصص ساعة كاملة لتدريبها منفردة، واستمر بهذا النظام لمدة عام ونصف، حتى أصبح مستواها مبهرا، وتستطيع اليوم أن تمثل فلسطين في أي فعالية بالخارج".

في بداية التدريبات، كان المدرب يعرض لأريج صور بطلات عالميات في الليونة، ويدرّبها على الحركات الظاهرة في تلك الصور.

ابتسمت أريج التي كانت تقف بجانب والدها، وسحبتنا بحديثها إلى تلك اللحظة: "كان المدرب يعلمني الحركات الصعبة بشكل تدريجي، فيقوم بتأهيل جسمي أولا بتمرينات رياضية مستمرة، ومن ثم أبدأ بتعلم تلك الحركات".

اليوم، تتقن أريج، بمهارة عالية، كافة حركات الليونة، والتي أهمها حركات الالتفاف بالأقدام مع ثبات الجسم وهي منبطحة على بطنها على الأرض، وما يُسمى بحركة "السلطعون"، والدوران بالأقدام حول الجسم بوضيعة الثبات، وانطباق الرأس على الظهر، وأن تدخل رأسها من بين قدميها، والدحرجة، وفتح الحوض، وجميعها حركات صعبة.

طموح كبير

يكمل والدها الحديث: "أريج موهوبة، ولديها طموح بأن تطوّر ذاتها"، يتوقف برهة من الوقت، ثم يثني على ابنته مبتسما: "على مدار أربعة وعشرين ساعة، تدرّب نفسها، وتستعرض حركات ليونة، سواء وهي تتناول الطعام أو حينما تشاهد التلفاز، وبعد أن تعود من المدرسة كذلك".

والمميز في "الفتاة العنكبوتية" أنها تسعى لتعلم السيرك وحركات الصعود على الحبل، حتى تدمج بين حركات الليونة والسيرك، كما أنها تحب الدبكة الشعبية، والقراءة، وفي تحصيلها الدراسي لا يقل معدّلها عن نسبة 97%، وهي في الصف الرابع ابتدائي.

ما هو طموح أريج؟ بإجابة تلخص الحلم، يقول والدها: "نأمل أن يتم اكتشاف موهبتها، وأن تسافر إلى الخارج وتتدرب أكثر على يد مدربين عالميين، حتى تصل إلى العالمية، أو تشارك في برامج المواهب العربية، وأن تدخل موسوعة (غينتس)".

في غزة لا توجد الإمكانيات اللازمة والمتخصصة في مهارات ليونة الجسم، حسبما يذكر أيوب.

النجمة الأولى

وحصدت أريج، نجمة، في طريق حلمها، العام الماضي، كأفضل موهبة على مستوى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة، وكرّمتها "الأونروا" برفقة سبع مواهب أخرى بحضور مسؤولي الوكالة، وقدّمت حينها عرضا أبهر الحاضرين.

لا يُخفي والد الطفلة الموهوبة شعوره بالفخر بابنته عندما حصلت على أول تكريم لها، إذ يبين: "كنت سعيدا وفخورا بابنتي لأني وجدت نتيجة تعبي تظهر أمامي، وكلي أمل بأن تصل للعالمية وتمثل فلسطين".

ويعود الكلام لأريج عن اللحظة ذاتها: "شفت كتير ناس حولي مبسوطين بموهبتي وهذا شجعني أتدرب أكتر".

هل بات تحقق حلم دخول أريج موسوعة "غينيس" قريبا؟ سؤال تتمنى الطفلة أن تجد إجابته واقعا قريبا، وبردّ ممزوج بالأمل من والدها، يقول: "بعض الجهات المختصة بالمواهب في القطاع، تبحث عن حركة في الليونة حتى تكسر أريج الرقم القياسي فتدخل (غينيس)".

بطفولتها وابتسامتها الخجولة، تسللت أريج مرة أخرى إلى حديثنا وقاطعت والدها مبتسمة: "الحركة اللي بعملها وبضلني أتدرب عليها بأعتبرها انجاز بالنسبة لي"..

وتحلم هذه الطفلة الموهوبة بأن تكن مدربة في الليونة لتعميم هذه الرياضة في قطاع غزة.