فلسطين أون لاين

"بعد هزيمتها للاحتلال بـ 7 أكتوبر"

بسالةُ المقاومة خلال عام من الحرب.. بشرى انْتصار ودليلُ فشل عسكري "إسرائيلي"

...
غزة/ يحيى اليعقوبي

أبو غوش: المقاومة تعصف بمشروع التصفية وتؤكد أنها إرادة شعب وحياة

عوكل: صمود المقاومة أصبح الخيار الإجباري الوحيد للشعب الفلسطيني

لم تتوقف المقاومة خلال عام من الحرب عن الاستهداف المتواصل لآليات جيش الاحتلال وجنوده وثكناته العسكرية، لكن اللافت في الأونة الأخيرة زخم حالة الاستهداف لتلك الآليات والانتقال من مرحلة استهداف الآليات المنفردة إلى مرحلة استهداف الأرتال العسكرية الأمر الذي يوقع خسائر فادحة بجيش الاحتلال.

فيوم أمس نشرت كتائب القسام صورًا تظهر استهدافها ثلاث آليات عسكرية، وقبلها بأيام نشرت مقطعا يوثق استهداف خمس آليات بمنطقة الفخاري شرق محافظة خان يونس، وقبلها بيوم واحد استهدفت العدد ذاته بالمنطقة نفسها، فضلا عن الاستمرار باستهداف الجنود بالقذائف والعبوات المضادة للأفراد وتفخيخ المنازل وفتحات الأنفاق واستخدام سلاح القنص وقذائف الهاون.

وبخلاف ما كان يتوقع جيش الاحتلال ألا تستطيع المقاومة الصمود لأكثر من ستة أشهر بعد ضغط عسكري هائل استخدم فيه جميع أنواع الأسلحة الفتاكة بهدف القضاء على المقاومة لكونه أحد الأهداف المعلنة لجيش الاحتلال في الحرب، تستمر المقاومة باستهداف آليات جيش الاحتلال بفعالية كبيرة تؤثر حتى في بنية سلاح المدرعات بجيش الاحتلال بالنظر لعدد الدبابات الجاهزة للقتال والتي بدأت تتناقص.

وتشير التقديرات إلى أن المقاومة استهدفت أكثر من 1700 آلية عسكرية، أقرت وسائل إعلام إسرائيلية في 28 يونيو/ حزيران الماضي أن أكثر من 500 آلية مدرعة تضررت.

وبالعادة يتكتم الاحتلال على خسائره، وفي أحد اعترافاته أعلن في الأول من يناير/ كانون ثاني 2024 عن إصابة 41 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال يوم واحد.

ومن العمليات النوعية التي نفذتها كتائب القسام وتدلل على تصاعد عملياتها الهجومية، استهداف رتل للآليات العسكرية الإسرائيلية كانت تسير شرق رفح في العملية التي أطلق عليها القسام اسم "كمين بشائر النصر" نفذته ثلاث مجموعات بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 2024، واستهدفت خلاله دبابة من نوع ميركافاه بقذيفة "الياسين 105" وجرافة "دي 9" الأولى بقذيفة "الياسين 105″، ثم استهداف جرافة "دي 9" الثانية بقذيفة "الياسين 105".

وقبل ذلك بيوم استهدفت القسام في كمين محكم شرق رفح خمس آليات عسكرية، وفي 24 آب/ أغسطس استهدفت القسام نفس العدد من الآليات، والتي بالعادة يتكتم جيش الاحتلال على خسائره، في حين تنشر المقاومة فيديوهات توثق لحظة الاستهداف.

ولم يتوقف الاستهداف المكثف لآليات جيش الاحتلال بأي مرحلة من مراحل الحرب، ومما يظهر ذلك ما أعلنته القسام وسرايا القدس في 14 مايو/ أيار أنهما استهدفتا 23 آلية عسكرية، وشملت تلك الآليات 13 دبابة و4 ناقلات جنود و3 جرافات و3 آليات عسكرية، وفي 7 نوفمبر/ تشرين الثاني أعلنت القسام استهدافها 15 آلية على مشارف مخيم الشاطئ وبيت حانون.

وبالرغم من امتلاء سماء غزة بطائرات الاستطلاع الإسرائيلية والمسيرّات وكل وسائل التعقب بمشاركة أمريكا وبريطانيا المتورطتين في جرائم الإبادة، وتكثيف مراقبة أماكن الالتحام، إلا أن كل هذه الوسائل لم تمنع المقاومين من تنفيذ عملياتهم وكمائنهم المحكمة.

فشل عسكري كبير

وفق المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، فإن استمرار المقاومة شهادة على مسألتين، الأولى على بطولة وبسالة المقاومة الفلسطينية التي لم تنجح كل أعمال التوحش والإبادة والجرائم التي ارتكبها للقضاء عليها وأن المقاومة هي إرادة الحياة والشعب وليست بنية تنظيمية معينة لجمهور من الفصائل في مواجهة المذابح والجرائم.

وقال أبو غوش لموقع "فلسطين أون لاين": إن "المسألة الأخرى أن استمرار المقاومة دليل فشل كبير لجيش الاحتلال عسكريا في غزة بعد حملة لم يسبق لها مثيل لا في تاريخ القضية أو العالم أن تقوم دولة مدججة بكل أنواع الأسلحة بالاستفراد بشعب محاصر مجرد من كل الإمكانات وتنهال عليه بملايين الأطنان من المتفجرات، مع ذلك تفشل في تحقيق أهدافها وهذه علامة تشجع كل الشعوب على التمسك بخيار المقومة باعتباره ناجعا.

ورأى أن المقاومة الباسلة في غزة هي أساس بني عليه كل أشكال التضامن والمناصرة والدعم للشعب الفلسطيني وقضيته، وحملات عزل الاحتلال دوليا، كما أن الآثار الاستراتيجية لها لا تقتصر على مداها المباشر بل تشمل المستقبل السياسي للقضية التي سيفشل الاحتلال بتصفيتها.

وتابع: "حين يقول نتنياهو إنه يستعد لرسم شرق أوسط جديد، وتبلغ به الغطرسة لتكرار ذلك بالأمم المتحدة، ويحمل خرائط لا وجود لفلسطين فيها، يعني أنه يحمل مشروعا تصفويا للقضية بهدف تحقيق نمط من الهيمنة الشاملة على الشرق الأوسط دون أي حضور للشعب وقضيته".

وأكد: "تأتي المقاومة لتعصف بمشروع التصفية لأنها ليست وحدها في ظل موجة عالمية من التضامن مع الشعب الفلسطيني وأزمات متكررة يعيشها الاحتلال بعد هزيمة تاريخية تلقاها في السابع من أكتوبر".

خلافات مستمرة

ويؤدي الاستهداف المستمر لجيش الاحتلال لحالة من الخلافات بين أوساط عسكرية وسياسية "إسرائيلية"، بين من يرى أنه لا يكفي تحقيق ما يسمونها "إنجازات تكتيكية بالقتل والتدمير" وحول الخطة السياسية التي تريدها (إسرائيل) بغزة.

ويعتقد أبو غوش أنه لا خطة لدى نتنياهو للوضع في غزة، وهو يراهن على استمرار الحرب لتحقيق الأهداف المعلنة التي فشل بتحقيق أي منها، فلم يقضِ على المقاومة ولم يستعد المحتجزين بالضغط العسكري، في حين توجد قيادات عسكرية ترى أن الحل العسكري لا يمكن أن يجدي نفعا ولا بد من وجود مسار سياسي، وهو تسليم بأن المقاومة ستفشل خيارات الاحتلال السياسية.

في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن صمود المقاومة أصبح الخيار الإجباري الوحيد للشعب الفلسطيني، إلا إذا كان هناك من ينتظر رفع الرايات البيضاء وإلقاء كل هذه التضحيات في دوائر الوهم والوعود الكاذبة.

وأكد عوكل في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن المقاومة والصمود أولا ثم تنفيذ اتفاقات المصالحة وبناء الشراكة السياسية على مختلف مستويات القرار السياسي والإداري يشكلان أساس تمكين الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب تصفية القضية الفلسطينية وهما السبيل لحماية القضية ووضعها على سكة تحقيق أهداف الشعب.

ولعل اتساع دائرة التأييد والدعم على المستوى الدولي، وفق عوكل، بما في ذلك في الدول الغربية الشريكة للاحتلال يؤكد ذلك، بالتالي لا يمكن الحديث عن استعادة حقوق وتحرر وطني دون أثمان كبيرة، ولكن أيضا لا يمكن انتزاع الحقوق من خلال المفاوضات ومواصلة المراهنة على أمريكا وغيرها والإكثار من الحديث عن السلام والقانون الدولي في وقت يسخر الاحتلال من كل ذلك.