فلسطين أون لاين

"الاغتيالات لا تغير موازين القوة"..

ما السِّيناريوهات المقبلة لـ "قواعد الاشتباك" بعد اغتيال السيَّد حسن نصر الله؟ محلِّلون يفسِّرون

...
ما السِّيناريوهات المقبلة لـ "قواعد الاشتباك" بعد اغتيال السيَّد حسن نصر الله؟ محلِّلون يفسِّرون
غزة/ فلسطين أون لاين

أجمع محللون سياسيون، أن التطورات الجارية في الجبهة اللبنانية تهدد بفتح حرب شاملة في المنطقة يريدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأشاروا إلى أن المقاومة اللبنانية ستلجأ لخيارات أخرى كانت قد تجنبتها بالسابق.

نعى حزب الله، عصر اليوم السبت، في بيانه استشهاد "سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدًا عظيمًا قائدًا بطلًا مقدامًا شجاعًا حكيمًا مستبصرًا مؤمنًا، ملتحقًا بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء".

من جهته، قال الكاتب والمفكر الفلسطيني، منير شفيق إن المنطقة دخلت مرحلة جديدة سمتها الأساسية هي نقل ثقل الحرب من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، مبرزا أن الاغتيالات لا تغير موازين القوة.

وقال شفيق، إن الاغتيالات لا تكسر الحروب ولا تكسبها، ولا تؤثر ولا تغير في موازين القوة، وتكمن خطورتها في كون تأثيرها يكون فرديا ومعنويا ونفسيا.

ووصف الاغتيالات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد القيادات اللبنانية والفلسطينية بأنها عمليات خسيسة ودنيئة، ولن تكسبه الحرب، بل تكسبها عدالة القضية، وهناك دلائل تاريخية على ذلك.

ومعركة الاحتلال الإسرائيلي، في نظر شفيق، هي مع الشعوب التي تحتضن المقاومة، والتي استطاعت أن تواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وتقاتله يوميا.

واعتبر أن إسرائيل في حالة خسارة وضعف، رغم العدوان والاغتيالات التي تقوم بها، وقد لاحظ العالم كيف كان منظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي شهد انسحابا كبيرا للمشاركين.

ورأى أن كل ما يفعله الاحتلال في الوقت الراهن سيكون موضع إدانة وخسارة له في المرحلة المقبلة، لأن لا أحد سيستسلم أو يرفع الراية، وقال إن المقاومة والقضية الفلسطينية في هذه المرحلة أفضل من أي مرحلة سابقة من حيث قوتها وقدرتها.

وتوقع أن يسقط نتنياهو ويفشل، لأن "الحمقى والمخالفين لموازين القوة والوقائع لا ينتصرون".

وفي المقابل، توقع المفكر الفلسطيني أن تنتصر المقاومة في قطاع غزة وفي لبنان، وقد كسبت المعركة السياسية والأخلاقية والرأي العام العالمي، في حين خسرها الاحتلال الذي يواجه معارضة دولية بسبب المجازر التي يرتكبها بحق الأطفال والنساء.

وأعرب عن ثقته بأن المرحلة التاريخية التي كان فيها الجيش الإسرائيلي يحسم المعارك قد انتهت، طالما أنه غير قادر على حسم المعركة في غزة ولبنان.

وقال قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، التي وصفها  جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنها الأعنف منذ بدء التصعيد، تدل على أنه لم يعد هناك خطوط حمراء أمام "إسرائيل"، مضيفا أنّ إسرائيل بدأت بسلسلة من الاغتيالات، بدءًا من فؤاد شكر، ثم استهدفت سلسلة القيادة بفواصل زمنية قصيرة.

وأكد الخبير العسكري أن ردود حزب الله حتى الآن كانت منضبطة وبقيت ضمن إطار المحافظة على الردع، ولم تصل إلى مستوى توجيه ضربات تتناسب مع حجم الاختراقات الإسرائيلية.

وحول ما إذا كان ما حدث يمكن أن يؤمّن صورة نصر يبحث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، أشار الدويري إلى أن العديد من المحللين الإسرائيليين ينصحون بعدم الذهاب إلى معركة برية قد تستهلك الإنجازات التي تم تحقيقها حتى الآن.

تحول جديد

من جهته، اعتبر الباحث والمحلل السياسي علي مطر، أن ما حدث يحمل دلالات كبرى، وهو "أمر خطير جدا" على كل المستويات: الأمنية، والعسكرية، والسياسية. وأضاف "طبعا، هذا عدوان واضح على الضاحية الجنوبية، وعلى المدنيين فيها.

وتوقع المحلل السياسي أن يكون هناك تحول جديد في القواعد وطريقة التعامل مع هذه الحرب، والانتقال إلى مرحلة جديدة بخلاف السابق، مؤكدا أن جميع القواعد الآن كُسرت. ورأى أن حزب الله، كما هو واضح، قد تحول، بل من المفترض أن يتحول في عملياته العسكرية وفي تعامله مع "العدو" إلى قواعد جديدة.

وقال مطر "أصبحت اللعبة الآن خطيرة، فالعدو يجرّ لبنان والمنطقة نحو حرب كبيرة، وقد يكون أسوأ السيناريوهات في الأفق. لذلك، يجب التعامل معها بجدية، وهذا ما أعتقد أنه سيحدث".

ووصف المرحلة الحالية بأنها "حساسة ودقيقة جدا جدا". وقال "لا يمكن التنبؤ إلى أين ستتجه الأمور. لذلك، من المفترض أن ننتظر لنرى ما سيكون عليه موقف حزب الله وكيف ستتطور الأمور".

وأكد مطر أنه من الطبيعي أن تتصاعد الردود على الوضع الحالي، وقد نصل إلى سيناريو أكبر مما يحدث الآن، ويبدو أن إسرائيل تسعى للوصول إلى ذلك، وهي تدفع لبنان نحو هذا المسار.

معركة كسر عظم

بدوره، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، علي حيدر، أن "العدو" اتخذ قرارا بالمضي قدما نحو النهاية، متجها لخوض معركة "كسر عظم" مع حزب الله، بعد أن يئس من إمكانية إخضاع الحزب أو تليين موقفه أو إجباره على التراجع، أو حتى إقناعه بفك ارتباطه مع قطاع غزة.

ويقول حيدر إن "العدو يعتبر أن الوضع الحالي يمثل فرصة للقيام بخيارات عسكرية عدوانية ضد حزب الله بهدف إضعاف قدراته إلى أقصى حد ممكن، ومحاولة تغيير المعادلة مع لبنان، ومن ثم مع المنطقة".

وأكد أن مجرد اعتراف "العدو" الإسرائيلي بأن الهدف كان محاولة اغتيال السيد نصر الله، فهذا يعني أنه قد قرر الوصول إلى هذا الحد.

وتحدث عن محاولة التوصل لتسوية، موضحا أنها لم تكن سوى محاولة لاستثمار الضغط العسكري لتحقيق الأهداف التي يسعى إليها الإسرائيليون والأميركيون. ورأى أنه بعد فشل تلك المحاولة، فإن المعركة تبدو طويلة، وقد يحاول حزب الله تحويلها إلى معركة استنزاف تؤثر على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، "مما يعد من السيناريوهات الخطيرة التي يسعى العدو لتفاديها".

وأشار حيدر إلى، أن وتيرة الضربات قاسية ونوعية للغاية، وبشكل متسارع، كما لو أن "العدو" يسعى للوصول إلى نتائج مفصلية في أقرب وقت ممكن.

وفي الوقت نفسه، يعبر عن خوفه من استمرار استنزاف جبهته الداخلية، لأنهم يعلمون أن حزب الله يمتلك قدرات عسكرية إستراتيجية تجعله الوحيد القادر على تشكيل خطر جدي على العمق الإستراتيجي الإسرائيلي.

وأضاف "إذا استمر حزب الله بوتيرة تصاعدية في استنزاف هذه الجبهة، سيكون ذلك مرهقا جدا لإسرائيل، وسيسبب ضغطا شعبيا قد يقلب الرأي العام، ويؤدي إلى ضغط على القيادة السياسية. لذلك، يسعى العدو إلى ما يحاول فعله الآن، بما في ذلك التلويح بسيناريو التوغل البري في الأراضي اللبنانية".

وفي سياق الحديث عن المواجهة، أكد حيدر أننا أمام محطة مفصلية، ومن المرجح أن ينعكس ذلك على مسار المواجهة وعلى مستويات رد حزب الله على ما جرى. و"بغض النظر عن نتائج هذا العدوان، سواء حقق العدو أهدافه أم لم لا، فقد حدثت مجزرة مروعة في صفوف المدنيين في الضاحية الجنوبية نتيجة الضربات الجوية التي نفذها الطيران الحربي، بالإضافة إلى تدمير عدد من المباني".

وخلص حيدر إلى أن هذا الأمر قد يدفع نحو أن تكون الردود بمستويات أخرى، وسيسرع من وتيرة الانتقال من مرحلة إلى أخرى، لأن "العدو يبدو أنه يعمل على حرق المراحل، مما سينعكس على طبيعة وحجم ومدى وعمق رد المقاومة".

واعتبر أن "إسرائيل" ارتكبت خطأ كبيرا بضربها المتواصل للقرى والمدن اللبنانية، فهي تعتقد أنها بذلك تضغط على المقاومة كي تتراجع، لكن الواقع أن جمهور المقاومة يضغط حاليا من أجل أن تمطر تل أبيب وحيفا وغيرهما بمئات الصواريخ.

وقال إن عدم التصعيد من قبل المقاومة، سيستغله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لارتكاب المزيد من الجرائم ضد اللبنانيين.

ووصف التطورات الجارية بأنها "تطور كبير في دلالاته العسكرية والسياسية"، وقد يغير قواعد الصراع والمواجهة ويؤدي إلى تطورات دراماتيكية على العمق الإسرائيلي.

ومن جهته، لفت الخبير بالشؤون الإسرائيلية محمود يزبك إلى أن نتنياهو يريد حربا شاملة في المنطقة، تؤدي إلى جر إيران والولايات المتحدة الأميركية إليها، وتصبح الكبرى التي رسم معالمها منذ سنة.

وقال إن حزب الله حافظ حتى الآن على مستوى الاشتباك الذي بدأ به منذ مدة، وظل يوجه صواريخه لمناطق محدودة ومحددة بمفهومها العسكري، وأضاف أن هذا الواقع قد يتغير الآن إلى واقع جديد، وهو ما يسعى إليه نتنياهو.

وأشار إلى أن المحللين السياسيين والعسكريين في "إسرائيل" يتوقعون أن يقوم حزب الله في أي لحظة بإمطار تل أبيب بالصواريخ، ردا على الضربات الإسرائيلية المتواصلة.

وبحسب يزبك، فليس هناك فهم حقيقي لدى الإسرائيليين بأنه لو لجأ حزب الله إلى إمطار تل أبيب وحيفا وغيرهما بالصواريخ، فسيكون هناك شيء آخر كما حصل في الحروب السابقة وخاصة في حرب 2006.