أطلقت حكومة الاحتلال الإسرائيلية حملة تجنيد تعرض فيها على طالبي اللجوء الأفارقة الإقامة الدائمة مقابل الخدمة العسكرية في حربها على غزة، وفق ما ذكرت صحيفة هآرتس .
وتسعى إسرائيل إلى استغلال شبان أفارقة وصلوا إليها هربا من الأوضاع المأساوية في أوطانهم وطلبوا اللجوء فيها، من خلال خطة تقضي بتجنيد الآلاف من الشبان طالبي اللجوء للجيش الإسرائيلي مقابل منحهم مكانة "مقيم دائم".
وأصرت السياسة الإسرائيلية الرسمية طوال السنوات الماضية على طرد طالبي اللجوء الأفارقة، في إطار سياسة عدم السماح بالهجرة واللجوء إلى إسرائيل سوى لليهود، أو الذين وُلدوا لأب يهودي من زواج مختلط، ووضعت خططا لإبعاد طالبي اللجوء إلى أوطانهم أو اللجوء إلى دول أخرى.
لكن في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، يدفع وزير الداخلية الإسرائيلي، موشيه أربيل، ووزارته خطة لتجنيد الشبان طالبي اللجوء للجيش الإسرائيلي، بحيث ترشحهم للتجنيد السلطات المحلية التي يتواجدون فيها، وتنفذ شعبة القوى البشرية ووزارة الداخلية إجراءات تجنيدهم، وفي نهاية خدمتهم العسكرية يمنحون مكانة "مقيم دائم"، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.
وسيتم تنسيق الخطة، التي تهدف إلى سد النقص الذي يبلغ نحو 10 آلاف جندي، من قبل السلطات المحلية المسؤولة عن تحديد المجندين، مع إشراف الجيش الإسرائيلي ووزارة الداخلية على تدريبهم.
يوجد في إسرائيل نحو 30 ألف طالب لجوء أفريقي، وتشير التقديرات إلى أن نحو 5 آلاف منهم ولدوا في البلاد. ويفتقر معظمهم إلى الإقامة الدائمة.
وبدلاً من اللجوء، تقدم الحكومة "تصريح إطلاق سراح مشروط"، يحمي اللاجئين من الترحيل ولكنه يحرمهم من الوصول إلى الخدمات الطبية أو الاجتماعية.
كما عملت وزارة الداخلية على جعل عملية تجديد التصاريح أكثر صعوبة، حيث تطلبت تجديدها بشكل متكرر وتقييد المواقع وساعات العمل المكتبية لمعالجة التصاريح. وقد أدى هذا إلى اعتقال العشرات بسبب انتهاء صلاحية التصاريح، وفقًا لجمعية هياس.
"في كل مرة أذهب لتجديد تأشيرتي، أرى لوحة عليها الدولة تعرض عليّ مبلغاً من المال لكي أغادر طوعاً، وفي كل مرة أبكي من جديد"، قال يامان أحد الأفارقة.
ويضيف في حديثه لـ "هآرتس"، "إذا نسيت وضعك كل يوم، تذكرك اللافتة: أنت غير مرغوب بك؛ أنت لا تنتمي إلى أي مكان. لقد نشأت هنا منذ سن مبكرة. كل ما أعرفه هو إسرائيل. لكنهم يسلبونك حقوقك ويفرضون عليك الكثير من القيود، ويمارسون كل الضغوط الممكنة للخروج من هنا. وهذا يخلق حالة من الاكتئاب النفسي".
وكشف تقرير سابق لصحيفة هآرتس أن أيا من طالبي اللجوء الذين قاتلوا في غزة لم يحصل على وضع دائم، كما أقرت مصادر دفاعية بأن المخاوف الأخلاقية المحيطة بتجنيدهم لا تزال دون معالجة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصادر عسكرية، أن طالبي اللجوء تم استخدامهم في عمليات مختلفة.
وقال أحد المصادر "إن هذه مسألة إشكالية للغاية".
"إن مشاركة رجال القانون لا تعفي أحداً من واجب مراعاة القيم التي نسعى إلى العيش بها في إسرائيل".
وأشارت صحيفة هآرتس أيضا إلى أن "الطريقة التي ينشر بها الجيش الإسرائيلي طالبي اللجوء محظورة من النشر" بسبب القيود التي فرضها الرقيب العسكري الإسرائيلي.
وحسب الصحيفة، فإنه "يوجد في إسرائيل جيلا كاملا يعتبر نفسه إسرائيليا رغم أن إسرائيل ليست معنية به"، وأشارت إلى أنه "كلما ازداد الابتعاد عن قلب المجتمع الإسرائيلي، تتزايد رغبتهم بإثبات انتمائهم لإسرائيل. وفي إسرائيل، التي يقتنى الانتماء فيها بالدم، والجيش هو عتبة الدخول والقبول للمجتمع، فإن هؤلاء الإسرائيليين يريدون أن يمنحوا الدولة أكثر مما هي مستعدة أن تأخذ. وربما الخطة الحالية ستغير صورة الوضع".
وكشفت الصحيفة في تقرير سابق أن "جهاز الأمن الإسرائيلي يستخدم طالبي اللجوء الأفارقة في المجهود الحربي في قطاع غزة، وبخاطر بحياتهم، مقابل المساعدة في الحصول على مكانة دائمة".
تستغل الأجهزة الأمنية في إسرائيل الوضع القانوني لطالبي اللجوء الأفارقة لتجنيدهم في صفوف الجيش الإسرائيلي ودفعهم للمشاركة الحرب على قطاع غزة، مخاطرة بحياتهم مقابل وعود بتسوية أوضاعهم القانونية، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "هآرتس".
كشفت الصحيفة أن عملية التجنيد تتم بشكل منظم وتحت إشراف قانوني من قبل المستشار القضائي للأجهزة الأمنية؛ إلا أن السلطات الإسرائيلية لم تمنح حتى الآن أي من المشاركين وضعًا قانونيًا دائمًا في إسرائيل.
وقال طالب اللجوء: "قالوا لي إنهم يبحثون عن أشخاص مميزين للانضمام إلى الجيش، وأن هذه حرب وجودية لدولة إسرائيل"، وأشارت الصحيفة إلى سلسلة من المحادثات التي استمرت لأسبوعين بين طالب اللجوء هذا ورجل قدم نفسه كمسؤول في الأجهزة الأمنية، لكنه في النهاية قرر عدم الانضمام، إذ أنه لم يحصل على ضمانات حقيقية بأن سيتم تسوية وضعه القانوني، كما أنه طلب تسوية وضعه القانوني بمجرد الالتحاق بالجيش الأمر الذي قوبل الرفض، وخشي أنه في حال أصيب، فلن يحصل على الاعتراف المناسب كمصاب من الجيش خلال مشاركته في "مجهود حربي"
ونقلت "هآرتس" عن مصادر أمنية، أن إسرائيل استعانت بطالبي اللجوء في مهام خطيرة بعدة عمليات، بعضها نُشر إعلاميًا.
وبحسب التقرير، فإن بعض الأشخاص الذين انخرطوا في عملية تجنيد طالبي اللجوء اعترضوا عليها، مؤكدين أن هذه الخطوة تعتبر استغلالاً لمن فروا من بلدانهم بسبب الحروب، غير أن "هذه الأصوات تم إسكاتها"، بحسب ما أكدت "هآرتس"؛ ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني قوله: "هذا وضع حساس للغاية، الإشراف القانوني لا يحل المسألة الأخلاقية".
ووفقًا للتقرير، رغم أنه تم في بعض الحالات النظر في منح وضع قانوني لطالبي اللجوء الذين شاركوا في العمليات العسكرية، إلا أنه لم يتم تسوية الوضع القانوني لأي منهم حتى الآن.