شكلت جبهات الإسناد التي أعلن حزب الله اللبناني، وجماعة "أنصار الله" اليمنية، والمقاومة الإسلامية في العراق، فتحها ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، عامل ردع ضد الاحتلال، وحملت نتائج استراتيجية على المدى البعيدة.
ونجحت حركات وفصائل المقاومة في لبنان واليمن والعراق، على تنفيذ ضربات وهجمات ناجحة في العمق الإسرائيلي، وهو ما جعل الاحتلال يتخبط أمام الجبهات الجديدة التي فتحت ضده.
ورسمت جبهات الإسناد المتواصلة للمقاومة معادلة جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد أن فصائل المقاومة في قطاع غزة ليست وحدها أمام العدوان الإسرائيلي ضد المدنيين والبنى التحتية في القطاع.
وجاء تأثير جبهات الإسناد متنوعًا بين آثار سياسية أمنية واقتصادية ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث انعدم النشاط التجاري في ميناء إيلات الإستراتيجي لدلة الاحتلال، وتوقف استقبال السفن والحاويات، مما دفعه نحو واجهة الإفلاس، وذلك بسبب الهجمات المتتالية التي تشنها جماعة "أنصار الله" على السفن الإسرائيلية أو التي تتعامل شركاتها مع تل أبيب.
ويتوقع خلال فترة قريبة أن تعلن موانئ ومنشآت اقتصادية ومالية كبرى في إسرائيل إفلاسها خلال الفترة المقبلة على خلفية الشلل التام الذي أصاب قطاعات حيوية نتيجة اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر.
كذلك، ارتفعت أجور الشحن بين آسيا وأوروبا بأكثر من 173% منذ نوفمبر، وهو ما أعلنت أكثر من 22 شركة عالمية متخصصة بالنقل البحري في أوروبا وآسيا وفق بيانات رسمية.
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة تحويل السفن إلى طرق بديلة حول إفريقيا وهو ما يضيف أكثر من 11 ألف ميل بحري لكل رحلة، وهو ما يعني بلغة الأرقام زيادة تقدر بنحو مليون دولار في تكاليف الوقود لكل رحلة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، يؤكد أن المقاومة تقود حرب متعدد الجبهات ضد الاحتلال الإسرائيلي لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
ويقول نافعة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "تقدم جبهات المقاومة من لبنان وسوريا واليمن والعراق دعم عسكري وسياسي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بهدف عدم تحقيق جيش الاحتلال الإسرائيلي أي نصر ضد حركة حماس في القطاع ودعمها حتى تحقيق النصر".
ويضيف نافعة: "لن يقبل محور المقاومة الخروج من هذه الحرب إلا منتصر وإلحاق هزيمة بجيش الاحتلال الإسرائيلي من خلال جبهات الإسناد المستمرة للمقاومة في قطاع غزة".
ويشير إلى أن جبهات الإسناد لصالح المقاومة بقطاع غزة ساهمت بتخفيف الضغط العسكري على القطاع ومقاومته، إضافة إلى إلحاق خسائر اقتصادية كبيرة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويلفت إلى أن جماعة أنصار الله اليمنية لعبت دورًا كبيرًا في إلحاق خسائر بحلفاء دولة الاحتلال من خلال تعطيل الملاحة بالبحر الأحمر ومهاجمة السفن التابعة للاحتلال وأعوانه.
ويبين أن استمرار الدعم من قبل جبهات إسناد المقاومة سيساهم في تحقيق الضغط على دولة الاحتلال من أجل القبول بوقف إطلاق النار وإبرام صفقة مع المقاومة بغزة.
وحول تلك الجبهات تقول ورقة تحليل السياسات "إسرائيل وجبهات الإسناد"، أعدها مركز الجزيرة للدراسات: إن "هذه التطورات تبين أن الطرف الذي يريد أن تغيير قواعد الاشتباك القائمة هو نتنياهو، لأنه يقدر أن استقرار الوضع الحالي واستمراره لن يحقق أهدافه".
وتوضح الورقة أن التوازن الحالي يفرض عليه خيار التسوية السياسية بعد إخفاق الخيار العسكري، حتى يستعيد المعتقلين من غزة، وتتوقف عمليات الإسناد العسكرية التي يشنها محور المقاومة، إلا أن نتنياهو لا يريد دفع أثمان هذه التسوية السياسية أو القبول بالترتيبات الناتجة عنها.
وتشير الورقة إلى أن وعلى المدى البعيد، يوقع خيار التسوية السياسية "إسرائيل" في مأزق استراتيجي غير مسبوق، فهي لم تعد تملك خيارات تضمن أمنها، فلا هي قادرة على إخضاع أعدائها بالقوة، ولا بالمكافآت الاقتصادية مقابل قبولهم وضع الأبارتايد، وهي ترفض حقهم في دولة مستقلة، كما نصت اتفاقية أوسلو، بعد أن صوت الكنيست بأغلبية ساحقة على رفض قيام دولة فلسطينية.