فلسطين أون لاين

خبير قانوني: حرب غزة أثبتتْ فشل المنظومة الأممية والحقوقية أمام المصالح الدّولية

...
رام الله-غزة/ محمد عيد

أكد الخبير في القانون الدولي د. رائد أبو بدوية، أن الاحتلال "الإسرائيلي" لا يزال يرتكب عدة جرائم دولية وفقًا لـ"القانون الدولي الإنساني" خلال حربه المستمرة على قطاع غزة، منتقدًا عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه الجرائم.

واستعرض أبو بدوية في مقابلة مع "فلسطين أون لاين"، اليوم الأربعاء، ثلاثة جرائم "إسرائيلية" في غزة، أولها "جريمة حرب" وتتمثل في استهداف جميع المدنيين والأعيان المدنية.

 

وأشار إلى أن الجريمة الثانية "جرائم إنسانية" وتتمثل في التهجير القسري للسكان من مناطق سكناهم منذ بداية الحرب وحتى اللحظة، وثالثها "جريمة الإبادة الجماعية" وخاصة السلوك العسكري "الإسرائيلي" في القتل والإبادة والتدمير لمجموعة عرقية للسكان.

 

ويعرف (القانون الدولي الإنساني) بـ(قانون الحرب) أو (قانون النزاعات المسلحة) وهو مجموعة من القواعد التي ترمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية.

 

وأمام الجرائم الدولية المذكورة، نوه إلى أن الأمم المتحدة ومنظماتها والمنظمات الحقوقية الأهلية "جميعها أصدرت تقارير تستعرض الواقع والجرائم في غزة"، إلا أن "المجتمع الدولي أثبت عجزه وضعفه منذ 7 أكتوبر" وحتى اللحظة.

 

وعزا ذلك إلى أن السبب الرئيسي في ذلك أن "هذه الجرائم يرتكبها حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية" والقوى العظمى في العالم.

 

وقال الخبير في العلاقات الدولية: "حينما يكون المجرم أو الفاعل قوى عظمى أو حليف استراتيجي ... تصبح أدوات القانون الدولي عاجزة عن الحراك أمام هذه الجرائم".

 

ورأى أن "الأولوية (في هذه الحالة) تصبح لمنظومة العلاقات الدولية .. هذا ما ينطبق على حرب الإبادة في غزة".

 

وأضاف: منظومة العلاقات الدولية حاليًا لا تقوم على توظيف القانون الدولي أو احترام القانون الدولي أو منع الجرائم الدولية، وإنما "المصالح السياسية الدولية المرتبطة بالقوى الغربية وتحديدا المرتبطة بأمريكا".

 

وانتقد تقاعُس المجتمع الدولي عن القيام بدوره في حماية منظومة حقوق الإنسان التي ينادي بها منذ تأسيس الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1945م ويحاول تسويق ذاته عبر هذه المنظومة.

 

ولفت أبو بدوية إلى "فشل" هذه المنظومة وتحديدا (المنظومة الغربية) في الحرب "الإسرائيلية" المستمرة على غزة، وخاصة أنها تروج لذاتها بأنها منظومة حقوقية وإنسانية.

 

واستدرك في حديثه: "صحيح أن المنظمات الحقوقية قامت بدورها، لكن أصحاب القرار في الدول الغربية (ضحت) بمنظمات ومؤسسات حقوق الإنسان مقابل المصالح".

 

وحول سؤاله لماذا تتجاهل (إسرائيل) هذه المنظمات وتقاريرها، أجاب: الأخيرة تتجاهل ذلك منذ النكبة الفلسطينية، لكن الذي ظهر جليا هو "تعجرف (إسرائيل) أمام المجتمع الدولي".

 

ورأى أبو بدوية أن (إسرائيل) لا تكترث للمنظمات الأممية ولا الدولية "طالما تقف الولايات المتحدة بجانبها وتوفر لها الغطاء السياسي والدبلوماسي والعسكري".

 

رواية سائدة

وحول الجدوى من الملاحقة الدولية لقادة الاحتلال، رد أستاذ القانون الدولي بأن هذه الجهود "ليست ذات تأثير حاسم في وقف الحرب على غزة، كما أن المحكمة الدولية لن تستطيع إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين آخرين".

 

ورغم ذلك، أوضح أن الجهود الدولية أو مذكرات الاعتقال "تفضح المنظومة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أمام العالم".

 

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان طلب في مايو/أيار الماضي من المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت.

 

واستدل بأعداد التقارير الحقوقية التي تصدر عن مؤسسات الأمم المتحدة، ومنظمات حقوقية أهلية والتي تثبت كذب رواية الاحتلال ومدى إجرامه بحق شعبنا الفلسطيني.

 

ونوه إلى أن الرواية الفلسطينية منذ 7 أكتوبر "لا تزال تسيطر على الرأي الدولي".

 

وأشاد بالجهود الشعبية والتجمعات الفلسطينية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إضافة إلى جهود فلسطينية أخرى "ساهمت في إيصال الرواية الفلسطينية للمزاج الشعبي العالمي".

 

وشدد الأكاديمي الفلسطيني على ضرورة استثمار المزاج العالمي، قانونيا ودبلوماسيا وخاصة الدبلوماسية الشعبية (شعوب لشعوب .. أفراد لأفراد) لتغير المزاج العام في تلك الدول وبالتالي تغير نتائج الانتخابات الداخلية والمجالس الحكومية لصالح شخصيات تدعم القضية الفلسطينية.

 

ورسميًا، اعترفت إسبانيا وأيرلندا إلى جانب النرويج (خارج الاتحاد الأوروبي) بدولة فلسطين في 28 مايو/أيار ولحق بهم سلوفينيا في 4 يونيو/حزيران الماضي، الأمر الذي يعكس انقسامات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية.

 

وشعبيًا، شهد التضامن العالمي تجاه القضية الفلسطينية تقدمًا ملحوظًا، ممثلًا بمظاهرات واسعة النطاق وفعاليات في العديد من المدن الأوروبية والولايات والجامعات الأمريكية.

 

وللتعبير عن الغضب "الإسرائيلي"، سارع نتنياهو شخصياً إلى إلقاء خطاب متلفز يوم 24 أبريل/نيسان الماضي للتحذير من خيام الجامعات الأمريكية بعد أيّام قليلة من نصبها تضامنا مع غزة والقضية الفلسطينية.