تبدو كل السيناريوهات واردة مع توالي جرائم الاحتلال "الإسرائيلي" في لبنان واستمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة ووضع رئيس وزراء الكيان الصهيوني العصي في دواليب مساعي التوصل لصفقة توقف حمام الدم المتسع في المنطقة.
ورغم تقدير العميد المتقاعد حسن جوني قائد كلية القادة والأركان اللبنانية سابقا بأن بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال "الاسرائيلي" لا يخططون لشن حرب شاملة على لبنان على غرار ما حصل في حرب تموز ٢٠٠٦، وأن النوايا "الإسرائيلية" لا تريد الذهاب لحرب واسعة؛ إلاّ أنه يعتقد أن الأفعال "الإسرائيلية" قد تأخذ المنطقة إلى هذه الحرب.
واستهدفت "إسرائيل" – الجمعة- اجتماعاً لقادة في حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أسفر عن استشهاد قائدين بارزين في الوحدة.
وجاءت هذه العملية بعد انفجار أجهزة بيجر واتصالات لاسلكية -يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين- يستخدمها عناصر حزب الله، والتي أدت إلى استشهاد 37 وإصابة أكثر من 3 آلاف آخرين. ولم تعلن "إسرائيل" رسميا ضلوعها بهذه التفجيرات لكن نتنياهو قال إن حزب الله تلقى ضربات لم يكن يتوقعها.
ووفق حديث العميد جوني لـ"فلسطين أون لاين"؛ فإن حزب الله هو أيضًا لا يريد حربًا شاملة أو واسعة لكنه الآن يتعرض لضربات قاسية ويعتقد الحزب أن "الإسرائيلي" تجاوز الخطوط الحمراء كلها من خلال استهدافاته الأخيرة سواء في تفجير أجهزة الاتصالات بهذا العمل غير المسبوق والمتوحش في لبنات أو سواء في إمعانه في الاغتيال المتوحش في الضاحية والتسبب بقتل هذا العدد الكبير من اللبنانيين بالتالي الأمر مرهون بتفاعل حزب الله مع هذه الهجمات "الإسرائيلية" التي تتجاوز الخطوط الحمراء.
ورأى أن هناك خيارات عديدة لدى قوى المقاومة للتعامل مع هذا التصعيد في الهجمات "الإسرائيلية" ولكن يجب أن تكون الخيارات ليست على نفس الاتجاه الذي يقوم به "الإسرائيلي" الذي يستغل اليوم نقاط قوته وهي سلاح الجو والتكنولوجيا وفي هذه الأسلحة والوسائل المعادلة ليست لمصلحة حزب الله، لذلك على حزب الله أن يختار اتجاهًا آخر يلزم الاسرائيلي بمواجهته فيه ولديه في ذلك خيارات واحدة منها خيار العمليات الخاصة في البر الذي يهرب منه "الإسرائيلي" ويتجنب مواجهة حزب الله في البر لإدراكه انه في هذه المواجهة سيتكبد خسائر كبيرة.
وفجر الأحد وصباحه، طال قصف حزب الله لشمال فلسطين المحتلة شركة رافائيل المتخصصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية وقاعدة ومطار رامات ديفيد وأدى لتدمير عدة منازل.
ويذهب الخبير العسكري نضال أبو زيد من الأردن إلى أن الاحتلال ذاهب إلى عمليات غير تقليدية وبالتالي هو يدرك أن عدم قدرته على الذهاب باتجاه عمليات تقليدية من قبيل العمليات التي شاهدناها في بيروت .. الاحتلال يريد التصعيد لكن لا يريد أن تنزلق الازمة لعمليات عسكربة شاملة لأن أميركا لا تريد هذا الجانب حاليا..
ويرى أبو زيد في تصريحات لـ"فلسطين أون لاين"، أنه إذا نجح حزب الله بإعادة ترميم سلسلة القرار العسكري سيذهب باتجاه تكتيك عسكري جديد وهو التخطيط مركزي والتنفيذ اللامركزي، وبالتالي قد يذهب باتجاه خيار اعادة شكل العمليات الى الشكل السابق وهو الاستنزاف المضبوط بمعنى أكثر من عمليات استنزاف وأقل من حرب تقليدية.
الوضع في غزة
وأمام تصاعد التوتر على جبهة لبنان، يبقى الستاتيكو – وفق العميد جوني- عنوان الوضع في غزة الآن بانتظار ما يحصل في لبنان.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال نقل جهوده العسكرية الرئيسية إلى جبهة لبنان وبالتالي لربما يكون قد فقد بعض من جهوزيته في قطاع غزة وهذا الأمر قد يشكل فرصة لحركة حماس والمقاومة بالقيام بشيء ما أو التأثير على التحرك قدر المستطاع وفقًا للوسائل المتاحة على "الإسرائيلي" في الميدان.
على أرض الواقع، واصلت قوات الاحتلال اجتياحها لمحافظة رفح وتمركزها على محور نتساريم، وغاراتها الجوية العنيفة على المنازل ومراكز الإيواء لتمارس جرائم القتل الواسعة للمواطنين بذات الحصيلة اليومية التي تكررت في الأسابيع الأخيرة (30-60 شهيدًا يوميا).
أما الخبير أبو زيد فيعتقد أن الاحتلال أدرك مؤخرا أن لا خيار عسكري في غزة، مشيرا إلى وجود انسداد في أفق العمليات العسكرية في غزة، وبالتالي ذهب باتجاه نقل الثقل العسكري الى الجبهة الشمالية مع حزب الله وذلك بحجة أنه سيوقف العمليات العسكرية في غزة من أجل فتح جبهة جديدة مع حزب الله في الشمال.
وقال: هذا الخيار يبدو أن نتنياهو وجد أنه انسب الخيارات التي يستطيع من خلاله اقناع اليمين المتطرف بوقف العمليات العسكرية في غزة.
المواقف الدولية والاقليمية
ويعتقد جوني أنه حال تطورت الأمور لحرب في لبنان؛ فإن إيران ستكون داعمة ومساندة لقوى المقاومة وربما سيكون هناك تطور بالدعم على مستوى الإقليم كله.
وقال: نحن في حالة فوضى في النظام الدولي فالولايات المتحدة الاميركية داعمة لإسرائيل حكما لكنها منهمكة ومنشغلة في الانتخابات الرئاسية، وروسيا منهمكة في حربها في أوكرانيا وإن كانت تتابع تطورات المنطقة، فيما الصين دولة اقتصادية ومقارباتها اقتصادية ولم يكن لها تأثير ميداني في هذه الحرب، بالتالي فإن الظروف الدولية الآن ربما تسمح بتفرد نتنياهو وغيره بأن يقوموا بما يجول في رؤوسهم.
وأضاف: لعل نوايا نتنياهو تتضح في جملته التي قالها مؤخرا" بدأنا بتغيير الشرق الاوسط"، منبهًا إلى أن هذا الكلام خطير بأبعاده وهو يشير بذلك لهدف جديد لحربه، واذا كان نتنياهو جدي في كلامه هذا يعني أن البعد الجديد منسق مع واشنطن الأمر الذي قد يفجر المنطقة كلها وربما أبعد من المنطقة.
ويقدر الخبير أبو زيد بأن البيئة الدولية والاقليمية لا تدعم خيار الذهاب باتجاه توسيع دائرة الصراع لأن الجانب الأميركي منشغل بالانتخابات الرئاسية، والجانب الأوروبي عليه أعباء ثقيلة تتعلق بتحمل أعباء وتكاليف الملف الأوكراني وبالتالي الأوروبيين لا يريدون تحمل تكاليف ملف جديد وأعباء حرب جديدة في الشرق الأوسط.