رأى الخبير في الشأن العسكري من لبنان العقيد أكرم سريوي، أن سلوك الاحتلال الإسرائيلي الجديد بتفجير أجهزة "البيجر" وأجهزة لا سلكية في لبنان، يهدف لإرباك البيئة الحاضنة للمقاومة، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي مُنهك وغارق في وحول غزة، وقال في الوقت ذاته إن (إسرائيل) وضعت المنطقة على شفا حرب شاملة.
ويعتقد سريوي في حوار مع موقع "فلسطين أون لاين"، أن هذا السلوك الإسرائيلي هو "محاولة لإثبات قوة ردع لتوجيه رسالة ضغط على حزب الله"، مشيراً إلى أن المدنيين الذين يدورون في فلك حزب الله أو يقدمون خدمات مدنية طبية وإدارية هم الذين يستخدمون هذه الأجهزة اللاسلكية.
ووجه أصابع الاتهام إلى مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية لـ (إسرائيل) في تنفيذ هذه العملية في لبنان، مضيفاً "الإعلان الأمريكي بعدم تدخله في العملية لا يشكل شيئاً، لأنه يكذب دائماً كما الإسرائيلي".
وأوضح أن هناك شراكة حقيقية وكاملة بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) منذ بداية الحرب، لافتاً إلى أن (تل أبيب) لا تملك طائرات حرب الكترونية وهذه موجودة فقط في الولايات المتحدة.
ونفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي تفجيرات في أجهزة "لا سلكية" على مدار اليومين الماضيين، أدت إلى ارتقاء أكثر من 20 شهيداً وإصابة الآلاف من المواطنين المدنيين في مناطق متفرقة بلبنان.
وبيّن سريوي، أن تفجيرات الأجهزة الراديوية استهدفت القطاع المدني، كونها مخصصة للاستخدام المدني ولا يقوم الكادر العسكري الذي ينخرط في القتال بحزب الله باستخدام هذا النوع من الأجهزة.
وعدّ الاستهداف الإسرائيلي للأجهزة اللاسلكية "جريمة حرب وعملاً ارهابياً وخرقاً للقانون الدولي الإنساني الذي يحمي المدنيين"، مشدداً على أن "هذا الحدث يشكّل خطراً كبيراً على المواطنين اللبنانيين المدنيين".
وقال الخبير العسكري: "نحن أمام حالة خطرة وتطور يحدث للمرة الأولى في العالم"، مؤكداً أن استباحة (إسرائيل) كل المحرمات وتنفيذ هذا العمل الاجرامي، فهو "تخطي لكل الخطوط الحمراء وعلى الاحتلال تحمل التبعات".
وحول غزة
وحول تهديدات قادة الاحتلال بشن حرب واسعة في لبنان، رأى الخبير العسكري اللبناني، أن كل هذه التهديدات تأتي في سياق الضغط السياسي والمعنوي والنفسي على المقاومة.
ونقل موقع "كان 11" عن وزير جيش الاحتلال يؤاف غالانت قوله :"نحن على بداية مرحلة جديدة في الحرب، يتحرك مركز الثقل نحو الشمال"، مضيفاً "يتطلب منا الشجاعة والتصميم والمثابرة".
وقال: "لو كانت (إسرائيل) قادرة على شن عدوان كبير تستطيع من خلاله أن تحقق أهدافها لفعلت ذلك".
ووفق سريوي، فإن الجيش الإسرائيلي يدرك جيدا مخاطر أي عملية برية في الأراضي اللبنانية، وسيُلحق به أضرارا كبيرة، مشيرا إلى أن (إسرائيل) اعجز من أن تحمي أجوائها من صواريخ ومسيرات حزب الله.
وأضاف "الجيش الإسرائيلي في حالة انهاك، وغارق في وحول غزة كونه لم يحقق أي نتيجة في غزة بالتالي الحديث عن نقل مركز الثقل للشمال هو للتعمية عن الإخفاق الذي أصيب به الجيش في غزة".
واعتبر حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن نقل مركز الثقل للشمال "هروب إلى الأمام من نتنياهو وحكومته التي أخفقت في تحقيق أهداف الحرب بغزة".
ورأى أنه لا قدرة للجيش الإسرائيلي على خوض معركة واسعة في لبنان، "وإذا فعل ذلك لن ينجح في تحقيق أي هدف من أهداف الحرب المعلنة".
وحول اتساع رقعة الخلافات بين نتنياهو وغالانت، فقال سريوي، إنها تعكس الواقع الإسرائيلي المتأزم، مضيفاً "نتنياهو متمسك باستمرار الحرب ولا يستطيع وقفها دون تحقيق أي انجاز، خاصة بعدما أخفق في كل ما أعلنه".
وتابع "غالانت رجل عسكري ويعرف أن المغامرة في لبنان ستكلف (إسرائيل) والجيش خسائر كبيرة، لذلك يرفض الانجرار خلف أهواء نتنياهو بالذهاب إلى حرب شاملة"، مشيراً إلى أن الخلافات تعكس حالة التفكك والترهل داخل الجيش الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، قدم عدد من قادة الاحتلال استقالاتهم من بينهم قائد القوات البرية تمير يداعي، ورئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال اهارون حليفا وغيرهم الكثير علر خلفية العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة المستمر منذ أكثر من 11 شهرا.
حرب شاملة
وقال سريوي، إن الوضع في منطقة الشمال أصبح خطير جداً، إذ أن (إسرائيل) تجاوزت كل الخطوط الحمراء واستهدفت عدداً كبيراً من المواطنين المدنيين اللبنانيين بالتالي هذا يفتح الباب على خيارات متعددة"، مؤكداً أن "حزب الله سيرد ولن يسكت على الجريمة المروعة".
وأضاف "الرد آتٍ وسيكون قوياً، بالتالي (إسرائيل) وضعت المنطقة على شفا حرب شاملة"، متسائلاً "هل ستبتلع (إسرائيل) الرد الذي سينفذه حزب الله (..) هذا الأمر سيكون رهن الأيام القادمة".
وأوضح أن مستقبل المنطقة واشعال الحرب من عدمه سيتوقف على تصرف قوات الاحتلال، متابعاً "لن يكون رد حزب الله بالطريقة السيبرانية، وإنما سيكون بالطرق التقليدية من خلال الهجوم بالصواريخ والمُسيّرات لأهداف مهمة واستراتيجية لدى العدو".
ولم يستبعد أنه في حال نشوب حرب ستكون مفتوحة على كل الاتجاهات ولا يستطيع أحد التحكم فيها بشكل كامل.
وبيّن أنه في حال اشتعلت الحرب فسيكون العمل وفق مبدأ "وحدة الساحات" الذي يضم كل محور المقاومة، متوقعاً أن تتوسع الحرب بشكل خطير جداً، رغم كل التحذيرات والضغوط الأمريكية لمنع اندلاعها.