قائمة الموقع

غزّيون يعيدون الحياة لحدائقهم المنزلية المدمرة

2024-09-12T13:13:00+03:00

تحت أشعة الشمس الحارقة، يقف المسن أبو إياد أبو هميسة بين أطلال حديقته المنزلية التي كانت يومًا ما مليئة بأشجار الزيتون والبلح والحمضيات وأشتال الخضروات، ورغم الدمار الذي لحق بمنزله وحديقته جراء تجريف الاحتلال في مخيم البريج وسط قطاع غزة، يصر أبو إياد على إعادة الحياة إلى هذه الأرض التي يعتبرها جزءًا من هويته.  

العرق يتصبّب من جبينه وهو يحفر الأرض بعناية، يُعيد تسوية التربة بيديه المتعبتين ليغرس فيها شتلات جديدة، فأبو هميسة الذي تجاوز السبعين من عمره، يتحدث بعزيمة لا تنكسر قائلاً لـ"فلسطين اون لاين": "سأزرعها من جديد، وأنتظر المطر ليغذيها بعون الله، هذه الأرض لم ولن تهزمها أي قوة، ما قلعه الاحتلال سنعيد غرسه لأن الأرض لنا." 

إصرار أبوهميسة يعكس روح الصمود لدى الفلسطينيين في مواجهة السياسات التدميرية "الإسرائيلية" التي تستهدف الأرض والاقتصاد الزراعي في غزة، فهم يسعون بكل جهد إلى استعادة ما دُمر، وزرع أمل جديد رغم التحديات. 

يتابع المسن حديثه وهو يعاونه أحفاده في العمل: "الأرض كانت تمد عائلتي بما تحتاجه على مدار العام من الزيتون والبلح، ونحن نزرع لأننا نعيش منها". ويضيف: "أحاول زراعة ما يتوفر من شتلات، وخصوصاً الأشجار المعمرة، بجانب زراعة الخضروات التي تحتاجها عائلتي، بانتظار رحمة الله وغيثه." 

في ظل استمرار الحرب للشهر الحادي عشر على التوالي، يعتبر أبو هميسة أن الاعتماد على زراعة حديقته التي تتجاوز 700 متراً هو السبيل الوحيد لتأمين احتياجات أسرته الغذائية، خاصة مع ارتفاع أسعار الخضروات وتحكم الاحتلال بالكميات الموردة للقطاع. 

على بعد أميال قليلة، يقف المواطن باسل عابد، الذي تعرضت حديقته الواقعة على أطراف مخيم المغازي للتجريف الكامل خلال العمليات العسكرية الأخيرة. ورغم خسارته الكبيرة، لا يستسلم، بل يعمل على استصلاح ما تبقى منها. 

 يقول عابد لـ"فلسطين أون لاين": "منذ أن بنيت منزلي قبل عشر سنوات، خصصت جزءاً من الأرض لزراعة الخضروات والزهور، هذه الحديقة كانت الرئة التي نتنفس منها، توفر لنا الخضروات، وتضفي جمالاً على المكان، لكن الحرب دمرتها، ومع ذلك، سأعيد زراعتها استناداً لحديث الرسول: 'إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها'." 

هذه النماذج تعكس الإصرار على مقاومة الظروف القاسية، والتأكيد على أن الزراعة هي أحد أشكال الصمود، ولكن هذا الإصرار يواجه تحديات كبيرة، منها منع الاحتلال إدخال البذور والأسمدة اللازمة للزراعة، إضافة إلى انقطاع المياه وتعطل أنظمة الري، والخطر المحدق بكل من يقترب من المناطق الزراعية القريبة من المواقع العسكرية الإسرائيلية.

الزراعة المنزلية هي عملية زراعة النباتات والمحاصيل في المساحات الصغيرة مثل الحدائق المنزلية، الفناء الخلفي، الأسطح، أو حتى في الأواني داخل المنازل. وقد أصبحت الزراعة المنزلية أكثر شيوعًا في العديد من الأماكن، خاصة في المناطق التي تواجه تحديات اقتصادية أو بيئية، مثل غزة التي تعاني من حصار دائم وصعوبات في الحصول على المواد الزراعية. 

المزارع فارس أبو ظاهر يؤكد أن التدمير الإسرائيلي المستمر للأراضي الزراعية تسبب في تفتت التربة وإضعافها، ويقول: "الحمم الصاروخية التي اخترقت الأرض تسببت في حرق خصوبتها وقتل الكائنات الدقيقة التي تُعد حيوية للزراعة." 

ويدعو أبو ظاهر المؤسسات الزراعية ذات العلاقة الى مساعدتهم على توفير مستلزمات العملية الزراعية لاستكمال زراعة حدائقهم وأراضيهم التي تعرضت للتجريف والتدمير الإسرائيلي. 

ويعاني قطاع غزة نقصاً حاداً في الامن الغذائي بسبب الحصار والحروب والقيود على المعابر وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

اخبار ذات صلة