بجوار مدخل مخيم المغازي، وسط قطاع غزة، تجمع عدد من الأطفال تحت عدة أشجار نخيل عتيقة، يحاولون بحماس إلقاء الحجارة نحو العناقيد القليلة من البلح الأحمر التي بقيت معلقة في أعالي النخل.
يقول أحد الأطفال وهو ينظر بحسرة: "كنا كل سنة نلقط البلح من هان، بس اليوم ما ظل غير هالشجرات بعد ما دمرت الجرافات الإسرائيلية والدبابات المتوغلة الأشجار خلال اقتحامها مخيم المغازي قبل أربعة أشهر تقريبا".
كان قطاع غزة يعرف بكونه منتج للبلح الأحمر المعروف بالحياني، والإنتاج يغطي الحاجة المحلية،و الفائض يسوق إلى الضفة الغربية لكن الحرب المستمرة والإجراءات العسكرية الإسرائيلية تسببت في تجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بما في ذلك أشجار النخيل المعمرة التي كانت جزءاً من تراث غزة الزراعي.
مع تجريف هذه الأشجار، تحولت غزة من مصدر وفير للبلح إلى منطقة عاجزة عن تلبية احتياجاتها، للمرة الأولى في تاريخها.
يقول المزارع هيثم أبو هداف:" الاحتلال الإسرائيلي دمر مساحات كبيرة من أشجار البلح خاصة في وسط قطاع غزة، فالمتبقي محدود جدا لا يغطي الاحتياج".
وأشار أبو هداف لفلسطين أون لاين إلى أن شجرة النخيل تحتاج من ثلاث الى خمس سنوات حتى تبدأ في إعطاء انتاجها من ثمار البلح وبالتالي فان تدميرها هو خسارة زمنية للمزارع الذي سيضطر الى إعادة زراعتها من جديدة.
وفي سوق النصيرات المركزي وسط قطاع غزة، يروج البائع أيهم أبوجميزة، ما تمكن من التقاطه من ثمار البلح من أرضهم القابعة في الجزء الغربي من دير البلح وسط القطاع.
ويبيع أبو جميزة كيلو البلح بأربعة شواقل، فيما ان الرطب منه ب 15 شيكلا.
وعزا سبب ارتفاع الأسعار إلى قلة المعروض في السوق، لافتا إلى الإقبال محدود بسبب ارتفاع الأسعار وقلة السيولة النقدية في غزة إلى جانب وجود البلح الأصفر المدخل من الضفة الغربية.
واعتادت وزارة الزراعة بغزة أن تفسح المجال للمنتج المحلي في الحصول على حصته السوقية، حيث أنها كانت تمنع وقت طرح محصول البلح الأحمر دخول أي صنف مستورد وهي خطوة كانت تجد استحسان المزارعين، والذين كانوا يصدرون عبر وسطاء من التجار الفائض إلى أسواق الضفة الغربية.
وقبل شن الاحتلال حربه على قطاع غزة كان قطاع غزة يسجل من انتاج من الحالي أزيد عن 20 ألف طن.
وحسب بيانات سابقة لوزارة الزارعة أدلت بها ل فإنه كان قبل الحرب مزروع بقطاع غزة 240 ألف نخلة، المثمرة منها 180 ألف نخلة، وأن الأصناف المزروعة الحياني الذي يحظى أكثر من 90%و بلح بنت العيش 2% والبرحى 3% وأصناف أخرى.
البلح يتركز في وسط وجنوب قطاع غزة حيث تتوفر الظروف المناخية الملائمة من حيث الجو والتربة.
ويدخل البلح في صناعات عديدة، مثل إنتاج المربي، والعجوة، وصناعة الكعك والمعجنات، والدبس، كما أنه تتم الاستفادة من سعفه في صناعة الأواني والسلال والزخارف، ومخلفات البلح" النوى" تدخل في إنتاج وتصنيف علف الحيوانات.
ويسوق البلح في الظروف الطبيعية على الهيئة الصلبة في السوق المحلي، ورطباً، وفيما يتم تخزين الفائض في الثلاجات وتسويقه للضفة الغربية خلال فبراير، مارس، حيث يشح البلح وقتها في الأسواق.