قائمة الموقع

"فستان عروس" وملابس شهداء.. تباع على أرصفة أسواق غزَّة

2024-09-07T16:26:00+03:00
"فستان عروس" وملابس شهداء.. تباع على أرصفة أسواق غزَّة

افترشت السيدة خضرة فروانة (٥٢ عامًا) الأرض في أحد أروقة سوق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وبدأت بوضع بعض الملابس النسائية على قطعة قماشية أمامها، استعدادًا لعرضها على المارة.

كانت هذه السيدة النازحة من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى مخيم إيواء في دير البلح، تحاول بيع جزء من ملابسها التي امتلكتها على مدار عدة سنوات، سعيا لكسب بعض المال.

تقول فروانة وهي أم لأربعة أبناء ولديها ١٣ حفيدًا لـ "فلسطين أون لاين": "لقد انتشلت هذه الملابس من بين أنقاض منزلي الذي دمره القصف الإسرائيلي بعد نزوحنا. لقد دمر القصف كل ممتلكاتي ومقتنياتي الشخصية".

كان من بين الملابس التي ترغب فروانة ببيعها، فستان عرسها الذي حافظت عليه على مدار أكثر من ٣٥ عامًا، وتقول: "هذا الفستان حافظت عليه طوال عقود، لما يمثله من ذكرى تاريخية، والآن أرغب ببيعه لأني لا أملك المال لشراء الطعام".

وأوضحت أن الحرب جعلت جميع أبنائها عاطلين عن العمل بعد أن دمرت محلاتهم التجارية التي كانوا يملكونها، وبات أبنائها مشغولون يوميا في ممارسة أعمال بسيطة مثل العتالة وجمع الحطب من أجل توفير لقمة عيش أطفالهم.

والسيدة فروانة ليست الوحيدة التي تحاول بيع ملابس مستخدمة، فالسوق يعج بالكثير من باعة هذه الملابس، وهي عادة ملابس تعود لمواطنين يرغبون ببيعها بعد أن نفدت أموالهم خلال هذه الحرب الفظيعة.

ولكن الشيء الصادم هنا، أن "من بين هذه الملابس المعروضة للبيع ما يعود لأشخاص قتلوا خلال استهداف منازلهم، وجمعها المارة من بين الركام"- كما يقول أنيس حميد وهو بائع ملابس مستعملة لـ"فلسطين أون لاين".

وأوضح أن بعض الملبوسات التي يعرضها على عربته التي يجرها حمار، "تعود لأطفال ونساء قتلوا خلال هذه الحرب".

وبينما كان حميد يشير بيده إلى فستان صغير ذو ألوان زاهية بين الملابس التي يعرضها للبيع، قال: "لقد كان هذا الفستان ملطخًا بالدماء عندما انتزعته من ذاك المنزل المدمر في شارع البركة وسط مدينة دير البلح. لقد استشهد جميع أفراد العائلة التي عاشت في هذا المنزل". 

وترفض دولة الاحتلال الإسرائيلي إدخال الملابس الجديدة إلى قطاع غزة بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الحين باتت الملابس المستخدمة والبالية مقصد الغزيين.

ويتزاحم المشترون حول بسطات بيع الملابس المستخدمة، بحثا عن ما يناسب أطفالهم منها، إذ يقول معين الشامي (٤٣ عاما) وهو رب أسرة مكونة من ٦ أفراد لـ"فلسطين أون لاين" إنه يكافح من أجل العثور على ملابس لأطفاله خاصة مع ازدياد حاجتهم لها في ظل هذا الحر الشديد، والحاجة اليومية للاستحمام.

وأوضح أن المواطنين يواجهون معضلة أخرى تتعلق بغسل ملابسهم، إذ لا يتوفر مواد تنظيف الأمر الذي يزيد من معاناة توفير الملابس سوء وقسوة.

ولم تنجح السيدة رولا فلفل (٣٢ عاما) وهي نازحة وتسكن مدرسة إيواء غرب مخيم دير البلح، بالعثور عما يناسب أطفالها الثلاثة من ملابس مستخدمة.

وقالت فلفل لـ"فلسطين أون لاين": "معظم الملابس المتوفرة بالية إلى درجة لا تصلح للاستخدام، وبعضها متسخ ببقع يصعب إزالتها خاصة في ظل عدم توفر مواد تنظيف جيدة".

ولا تجد فلفل حرجا في أن تُلبس طفلها ملابس تعود لطفل آخر استشهد خلال الحرب، وقالت: "نحن نكافح من أجل البقاء، وأصبحنا نعيش اليوم أحياء كالأموات في ظل عدم توفر أدنى متطلباتنا الحياتية".

وأشارت إلى أنه في بعض الأحيان تتعثر ببعض الملبوسات المستخدمة وجودتها لا تزال جيدة، ولكنها لا تناسب حجم أطفالها فتلجأ إلى الخياطين لتوليف الملابس بما يلائم أجساد أطفالها.

وأصبح الخياطون من أكثر المهنيين الذين يلجأ إليهم الناس في هذه الأوقات، فما أن تمر على أحدهم حتى تجد أمامه طابور طويل من الزبائن.

ولا يكاد الخياط رمزي أبو رمضان من مدينة دير البلح، يستطيع رفع رأسه عن مكنة الخياطة خاصته بسبب كثرة الزبائن.

وقال أبو رمضان لـ "فلسطين أون لاين" بعد أن فرغ نفسه لعدة دقائق: "الناس يلجئون للخياطين من أجل تقصير الملابس، ومعظم الملابس التي أضع يداي عليها هي ملابس بالية وقديمة".

وأوضح أن الناس أيضا يقومون بتصغير ملابسهم الشخصية التي كانوا يرتدونها قبل الحرب، بعد أن فقدوا أوزانهم بشكل كبير خلال الحرب بسبب سوء التغذية وعدم سماح (إسرائيل) بإدخال المواد الغذائية بالشكل الكافي.

اخبار ذات صلة