يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم الفلاحي أن العملية العسكرية الواسعة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية ترتبط بتصاعد عمليات المقاومة في الضفة، والتي لها علاقة بما يرتكبه الاحتلال من جرائم في قطاع غزة.
وقال إن العملية الاستشهادية الأخيرة في "تل أبيب" دقت جرس الإنذار بالنسبة لجيش الاحتلال، بالإضافة إلى أن اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو يدعو منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى القيام بعملية عسكرية في الضفة ، بحجة أن هذه المنطقة مهيأة للخروج عن السيطرة الإسرائيلية.
ووفق العقيد الفلاحي، فإن الجيش الإسرائيلي وبعد الضربة التي نفذها حزب الله اللبناني ضد إسرائيل، باتت لديه إمكانية التحرك أكثر من السابق، مشيرا إلى أن التصعيد في الجبهة الشمالية يعتبر قد انتهى بالنسبة لحزب الله اللبناني بعد رده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر.
وعن حجم القوات التي شاركت في الهجوم على الضفة الغربية، قدم العقيد الفلاحي تفاصيل بشأن هذه القوات، وقال إن الضفة موزعة على 6 ألوية، كل لواء إسرائيلي يمسك منطقة من مناطق الضفة، وقد جاءت القوات التي تنفذ الهجوم الحالي على مناطق شمال الضفة من قيادة المنطقة الوسطى.
ومن جهة أخرى، لفت العقيد الفلاحي إلى أن الجيش الإسرائيلي يحاول تبرير عمليته العسكرية في الضفة بمزاعم مثل وجود معامل لتصنيع العبوات الناسفة داخل الضفة، لكنه في الواقع يقوم بعملية تدمير للبنى التحتية مثل شبكات المياه والكهرباء وحفر الشوارع وتجريف الأراضي، ما يؤكد أن العملية تدخل في إطار محاولة السيطرة على الضفة الغربية.
وشن جيش الاحتلال فجر اليوم الأربعاء عملية عسكرية واسعة في جنين وطولكرم وطوباس شمالي الضفة، حيث اجتاحت قوات عسكرية كبيرة كافة مناطق ومدن ومخيمات شمال الضفة الغربية من عدة محاور، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش أطلق على العملية اسم "مخيمات الصيف".
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء، استشهاد 11 فلسطينيا خلال العلمية العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدات شمال الضفة الغربية، حيث استشهد 6 فلسطينيين في جنين و5 في طوباس.
وكان جيش الاحتلال قد ذكر أنه بدأ فجر اليوم عملية عسكرية واسعة تستهدف مسلحين في جنين وطولكرم وطوباس شمال الضفة، حيث اجتاحت قوات عسكرية كبيرة كافة مناطق ومدن ومخيمات شمال الضفة الغربية من عدة محاور.
وكانت قد اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بساعات متأخرة من مساء الثلاثاء، عدة مناطق في الضفة الغربية بالتحديد شمالي الضفة؛ في جنين ونابلس وطوباس وطولكرم.
وتسللت قوة خاصة من جيش الاحتلال إلى مخيم جنين واندلع اشتباك مسلّح معها بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية لقوات الاحتلال إلى مدينة جنين ومخيمها.
وذكرت تقارير فلسطينية، أن عددا كبيرا من الآليات العسكرية اقتحمت المدينة من حاجز الجلمة العسكري، ووصلت إلى محيط مستشفى جنين الحكومي، فيما تمركزت قوة عسكرية بالقرب من مستشفى ابن سينا وسط اندلاع مواجهات.
رعب المخيمات
وأطلقت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي على المعركة التي تخوضها المقاومة اسم "رعب المخيمات"، وأوضحت السرايا أن مقاتليها "سيذيقون العدو رعب المخيمات وسيعلم جنوده ما ينتظرهم من جحيم".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عملية الاحتلال هي الأوسع منذ عملية "السور الواقي" في عام 2002، وأنها تتم بمشاركة سلاح الجو وقوات كبيرة، ويشارك فيها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) وقوات المستعربين، كما يستخدم مروحيات ومقاتلات بشكل واسع.
ووفقا لما ذكره مسؤولون عسكريون للاحتلال، فإن العملية أُطلقت لأن "الوضع في الضفة الغربية بات مصدر قلق جدي لإسرائيل".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها إن الاحتلال يسعى من خلال هذا "العدوان إلى نقل ثقل الصراع إلى الضفة المحتلة في محاولة لفرض وقائع ميدانية جديدة".
وأشارت إلى أن "الحملة العسكرية الواسعة تأتي في سياق مخططات العدو لفرض السيطرة على مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك".
مخاوف من التهجير
وكشف حسن خريشة نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن "الاحتلال يحاول تهجير سكان مخيمات الضفة الغربية"، وأشار في تصريحات صحفية إلى أن "الاحتلال عمد إلى إضعاف السلطة الفلسطينية".
وأشارت القناة الـ14 إلى أن جيش الاحتلال سيقوم "بتفتيش المرضى الفلسطينيين الذين سيدخلون إلى المشافي المحاصرة في طولكرم وجنين".
عمليات المقاومة
وردا على عملية، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى عن عمليات إطلاق نار واشتباكات واستهداف آليات عسكرية للاحتلال.
ووثقت مشاهد مصورة بثتها وسائل إعلام فلسطينية وناشطون إعطاب جرافة واستهداف آليات لجيش الاحتلال بالعبوات الناسفة.
فقد قالت سرايا القدس إن مقاتليها "استهدفوا قوة مشاة تابعة للعدو بعبوة شديدة الانفجار في مخيم نور شمس" في طولكرم، كما أعلنت تفجير عبوة ناسفة بجرافة عسكرية للاحتلال بالمخيم.
وذكرت أن مقاتليها تمكنوا من تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار في جرافة عسكرية في محور شارع نابلس، وحققت "إصابات مباشرة في صفوف طاقمها وأخرجناها عن الخدمة".
وقالت كتائب شهداء الأقصى إن مقاتليها يتصدون "لاقتحام قوات العدو لمخيم نور شمس بوابل كثيف من الرصاص والعبوات الناسفة"
وفي السياق ذاته، أعلنت كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس أن مقاتليها "أسقطوا مسيرة إسرائيلية في محور المنشية".
كما قالت إن مقاتليها تمكنوا من "استهداف نقاط تمركز القناصة المتحصنة داخل أحد المنازل في مخيم نور شمس وإمطارهم بزخات من الرصاص المباشر محققين إصابات محققة".
وفي جنين قالت سرايا القدس-كتيبة جنين إنها تخوض "اشتباكات ضارية مع قوات العدو في الخط الغربي، ويمطر مجاهدونا آلياته وجنوده بالرصاص محققين إصابات".
بدورها، أعلنت كتائب القسام-جنين أن مقاتليها "يخوضون رفقة إخوانهم في الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال". وأضافت أن المقاتلين "فجروا في جنين عبوات ناسفة محلية الصنع وشديدة الانفجار بالآليات العسكرية المقتحمة".
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ عام 1967، تصاعدا في عمليات الاقتحام، لكن الوضع تصاعد أكثر منذ أن شنت إسرائيل حربها المدمرة والمتواصلة قبل 10 أشهر على قطاع غزة.
ووفق مصادر رسمية فلسطينية، فقد خلفت الاعتداءات الإسرائيلية على سكان الضفة أكثر من 640 شهيدا ونحو 5400 جريح منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.