في الوقت الذي وجد فيه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو جولة المفاوضات المقرر عقدها غدا الخميس في الدوحة فرصة لشراء الوقت ونسف أسس الجولات السابقة وللتغطية على جرائم الإبادة التي يشنها جيشه في غزة، طالبت حركة حماس الوسطاء بتنفيذ ما وافقت عليه مطلع يوليو/ تموز الماضي وفق رؤية الرئيس الأمريكي جو بايدن وقرار مجلس الأمن للتوصل لوقف إطلاق النار.
يعكس موقف حماس وفق محللين سياسيين تحدثوا لموقع "فلسطين أون لاين" عن نوضج رؤيتها التي أرادت كما جاء في بيانها قبل أيام، تنفيذ ما وافقت عليه "بدلا من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيدا من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين".
إيجابية ومرونة
وأشارت الحركة إلى أنها "خاضت جولات مفاوضات عديدة، وقدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية من أجل تحقيق أهداف ومصالح شعبنا وحقن دمائه ووقف الإبادة الجماعية بحقه، وبما يفتح المجال لعملية تبادل للأسرى وإغاثة شعبنا وعودة النازحين وإعادة إعمار ما دمره العدوان".
تحاول حركة حماس، وفق محللين، قطع الطريق هذه المرة على نتنياهو الذي كشفت وثائق نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه أضاف سرا شروطا جديدة إلى مطالب تل أبيب في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، مما يجعل حدوث اتفاق بعيد المنال.
وأوضحت الصحيفة أن أحد الشروط المقترحة قبل اجتماعات روما أواخر يوليو/تموز الماضي تنص على وجوب إبقاء سيطرة القوات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية لقطاع غزة، في إشارة إلى محور فيلادلفيا (صلاح الدين.)
وكذلك، فقد انخفضت "المرونة" بشأن السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في شمال قطاع غزة عند توقف القتال، وفقا للوثائق الإسرائيلية.
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، أن حماس أدركت أن الدعوة لجلسة الوسطاء غدا الخميس في الدوحة غير واضحة وغامضة، وكأنها ضمنا تعني نسف أسس قامت عليها كل الجولات السابقة.
ويعزز منصور في حديثه لموقع "فلسطين أون لاين" رأيه، بأن الدعوة لم تتضمن بشكل واضح مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي أصبحت قرارًا أمميا لمجلس الأمن.
وعد، موقف حركة حماس ناضجا تريد دعم صفقة على أسس الجولات السابقة وليس الانجرار وراء مماطلات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بنسف أسس كل جولة.
عن توقيت المباحثات، لم يفصلها منصور عن ما يحدث من تصعيد بالمنطقة ولا عن التلويح الإيراني بالرد، في سعي أمريكا والاحتلال لتضييق الهامش على إيران وحزب الله اللبناني من خلال إظهار أن هناك فرصة لحل القضية ووقف الحرب والتوصل لصفقة وأن ردهم سيخرب تلك الجهود.
وبشأن ما نشرته الصحف الأمريكية، أكد منصور أن الذي يعطل وينسف جهود المفاوضات هو نتنياهو من خلال وضع شروط جديدة في كل جولة تعيد الوسطاء للمربع الأول، سعيا منه لانهاء الحرب على طريقته من خلال تغيير الواقع بغزة لذلك يتهرب من الصفقة حتى ينفذ ما يريد.
استحقاقات أمريكية
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فيعتقد أن الإدارة الأمريكية ليس لديها وقت لجولات جديدة، لذلك ترى أن جولة الغد هي "الفرصة الأخيرة" ووصلت لنتيجة أن الاحتلال لا يريد وقف الحرب.
وقال عوكل لموقع "فلسطين أون لاين": إن "الإدارة الأمريكية مرتبطة باستحقاقات الانتخابات، وهي تحاول تقديم نفسها بأنها حريصة على الدفاع عن (إسرائيل) ولا تريد الضغط عليها وبنفس الوقت ترسل رسالة للجمهور الأمريكي المؤيد للفلسطينيين بأنها حاولت كل ما تستطيع ولم تتمكن من إحداث الصفقة".
ورأى في الوقت ذاته، أن محاولة الضغط على الفلسطينيين للموافقة على شروط نتنياهو وصلت لطريق مسدود، بالتالي أمريكا جيشت كل حلفائها وجيوشها بالمنطقة وقدمت للاحتلال مكافآت ضخمة منها صفقة الأسلحة التي بلغت قيمتها 20 مليار دولار.
ويعتقد أن كل هذه الجهود الأمريكية محاولة لإجراء مفاوضات تحت النار بالضغط على إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، مؤكدا أن هذا الضغط يقابله موقف يقول مباشرة: "لسنا ضعفاء" ولا يمكن القبول بشروط نتنياهو.
عن موقف حماس بإحداث تنفيذ لما وافقت عليه دون خوض جولات جديدة، عده "شيئا مفهوما وواقعيا" بأنها تريد خارطة طريق لإطار "بايدن" دون البحث في تفاصيل تم تجاوزها، وهذا يتلاقى مع موقف إيران وحزب الله وفصائل مقاومة أخرى التي أجلت ردها حتى لا تبدو أنها تتحمل تعطيل المفاوضات، مع إصرارها أن الردم قادم.
من المؤشرات التي تزيد من عدم تفاؤل عوكل بنجاح جولة المفاوضات إضافة لشروط نتنياهو التي يسربها، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يؤجل زيارته وواضح أن أمريكا تعرف أنها ذاهبة لمفاوضات فاشلة، لكنها تريد استيفاء المهمة واتهام حماس بإفشالها.
وأشار إلى أن أمريكا لم تحمل الاحتلال المسؤولية عن إفشال المباحثات السابقة، رغم علمها بذلك وخاصة نتنياهو الذي دخل في سجال علني مع وزير جيشه يؤآف غالانت الذي اتهمه بإفشال المفاوضات.