تستغل سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" انشغال المقاومة الفلسطينية بالدفاع عن قطاع غزة في معركة طوفان الأقصى، وتحاول جاهدة فرض حالة مستدامة على الفلسطينيين في القدس المحتلة، تتمثل في استمرار اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، بهدف تهيئة الرأي العام الداخلي لتقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن 2250 مستوطنا يتقدمهم وزير الأمن القومي في دولة الاحتلال المتطرف ايتمار بن غفير، اقتحموا المسجد صباح أمس الثلاثاء، بمناسبة ذكرى ما يسمى بـ"خراب الهيكل"، وتخلل الاقتحامات صلوات وطقوس تلمودية ورفع العلم الإسرائيلي، وترديد النشيد القومي لدولة الاحتلال بصوت مرتفع.
ودانت 5 هيئات ومرجعيات إسلامية في القدس المحتلة أمس الثلاثاء في بيان مشترك، الانتهاكات "الإسرائيلية" في المسجد الأقصى، واقتحامه من قبل مسؤولين ومستوطنين "إسرائيليين"، ووصفتها بأنها "غير مسبوقة".
كما أدانت "السماح لقطعان المتطرفين بالقيام بجولات استفزازية، ونصب حلقات الرقص والتصفيق والغناء ورفع العلم "الإسرائيلي"، وغيرها من الانتهاكات المستفزة لمشاعر ملياري مسلم حول العالم".
وسبق هذه الاقتحامات، أن نظم عشرات المستوطنين مسيرة أعلام إسرائيلية في محيط أسوار البلدة القديمة في القدس.
وتتزامن اقتحامات المسجد الأقصى مع استمرار الحرب التي تشنها دولة الاحتلال بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
واعتبر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حسن خاطر، أن استمرار عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى، "سياسة إسرائيلية خطيرة يراد منها فرض تقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين"، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تحاول استغلال حرب غزة وانشغال المقاومة بالدفاع عن القطاع، في محاولة فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى.
وقال خاطر لـ"فلسطين أون لاين": "(إسرائيل) تدفع بالمستوطنين وتعزز لديهم الغربة في اقتحام المسجد الأقصى بشكل مباشر، بل وتدفع لهم وترصد الميزانيات تحت مسمى السياحة في المدينة المقدسة، وكل ذلك من أجل خلق مواجهات واستفزاز مشاعر المسلمين وجعلهم يعتادون على رؤية اليهود والمستوطنين في المسجد الأقصى".
وأضاف: "الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي باقتحام باحات الأقصى بل يروج للقيام بطقوس دينية وتقديم قرابين والقيام بأعمال تلمودية من قبل المستوطنين"، مستهجناً في ذات الوقت الصمت العربي تجاه ما تتعرض له المدينة المقدسة بشكل مستمر من قبل "الإسرائيليين".
وبيّن خاطر أن سلطات الاحتلال تريد فرض شراكة حقيقية في المسجد الأقصى، داعياً العرب والمسلمين لأكبر تحرك نصرة للأقصى والمقدسات الإسلامية التي تسلب على مسمع ومرأى من العالم دون أن يحرك أحد ساكناً.
ونبّه خاطر إلى أن الاحتلال يسعى لتقسيم المسجد الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي في الخليل، إضافة إلى وجود سيناريوهات يهودية تنص على السيطرة على المناطق المحيطة بالمسجد.
خطر حقيقي
من جانبه، أكد مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، أن القدس المحتلة، تواجه خطراً حقيقياً من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بهدف تقسيمها، مشيراً إلى أن مسلسل الاقتحامات المستمرة تعزز هذا المبدأ وتمثل خطوة في هذا السياق.
وقال الحموري لـ"فلسطين أون لاين": "هذه الاقتحامات تتم بحماية إسرائيلية، وهذا دليل على أنها سياسية إسرائيلية رسمية ترصد لها الميزانيات ويتم تدريب عناصر المستوطنين من أجل ذلك"، لافتاً النظر إلى جولات السياحة التي تنظمها سلطات الاحتلال بين الحين والآخر في باحات المسجد الأقصى للسياح الأجانب.
وأضاف: "(إسرائيل) تجلب السياح الأجانب لاقتحام المسجد الأقصى، وتعريفهم على قبة الصخرة والمسجد والباحات والمقدسات بمسميات إسرائيلية وتاريخ غير حقيقي ينسب لليهود"، لافتاً النظر إلى أن سلطات الاحتلال تحاول من خلال أنشطة المستوطنين إضفاء صبغة يهودية على المدينة المقدسة.
وطالب الحموري بضرورة حشد طاقات الأمة لحماية المسجد الأقصى من الهدم وتدارك مدينة القدس قبل إتمام تهويدها، داعياً لاستغلال الشهر المبارك لتعزيز الوجود الفلسطيني داخل المسجد الأقصى.