متجردة من أي إنسانية أو صلة بها، لم تتوقف بطش يد الاحتلال الإسرائيلي الهمجية لحظة واحدة عن اقتراف المجازر المروعة بحق المدنيين الآمنين وأماكن النزوح في قطاع غزة، منذ اليوم الأول للعدوان في 7 من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2023، ليقضي عبرها المئات من الأطفال والنساء والشيوخ ويصاب الآلاف.
مضى 309 يومًا من الحرب واقتراب دنو الأخيرة من العام، ولم ترتجف آلة بطش الاحتلال أو ترتدع لموقف دولي أو قانوني، لتسجل على مدار الساعة، سياسة ممنهجة من القتل واقتراف المجازر واحدة تلو الأخرى بحق الأبرياء.
وعلى الرغم من الاختلاف في تعريف المجزرة أو المذبحة من قاموسٍ لآخر، مع اتفاقها لقتل جماعي لعددٍ من الأشخاص وغالبًا مدنيين لا حول لهم ولا قوّة فضلًا عن كونهم غير منخرطين أو فاعلين رئيسيين في الحرب أو الاشتباكات التي حصلت فيها المجزرة إلا أن التعريف الراسخ لدى الاحتلال هو القتل أكثر فأكثر والإبادة أكثر فأكثر.
مجزرة المعمداني
اقترفتها مقاتلات الاحتلال الحربية مساء يوم 17 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث أغارت على ساحة المستشفى الواقع في حي الزيتون جنوب مدينة غزة لتقتل المئات وتصيب الآلاف أغلبهم الأطفال والنساء النازحين في المستشفى.
مزقت قنابل طائرات الاحتلال "الخاصة والنوعية" الملقاة على ساحة المستشفى المعمداني أجسادَ الضحايا وجعلتهم أشلاء متفرِّقة ومحترقة، فيما تحوَّل المستشفى إلى بِركة من الدماء.
وفق إحصائية وزارة الصحة ارتقى خلال المجزرة أكثر من 500 شهيد، وأصيب أكثر من 320 آخرين، لتسطر المجزرة شهادة جديدة على دموية الاحتلال ولا مبالاته بأرواح المدنيين.
مجزرتا مخيم جباليا
وقعت المجزرة الأولى في حي الفالوجة بمخيم جباليا في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، إذ أغارت مقاتلات الاحتلال الحربية على الحي مستهدفة مجموعة كبيرة من المنازل والشقق السكنية في وقت واحد، ما تسبب في وقوع المئات من الشهداء والجرحى.
لم يمض 24 ساعة على وقوع المجزرة في حي الفالوجة بمخيم جباليا، عاودت مقاتلات الاحتلال الحربية لتقترف مجزرة ثانية في نفس المخيّم ليروح ضحيتها 400 فلسطيني بين قتيل وجريح، كانت ما زالت طواقم الإسعاف والإنقاذ تعمل على إخراج ضحايا المجزرة الأولى، التي استخدمت فيها قوات الاحتلال قنابل من العيار الثقيل جدًا بوزن يصلُ لطنّ واحد لكل قنبلة.
مجزرة مخيم المغازي
وقعت المجزرة قُبيل الواحدة فجرًا بقليل من يوم 5 من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 حيث أغارت طائرات الاحتلال على مجموعةٍ من المنازل السكنية في مخيم المغازي ما تسبب في انهيارها على من فيها من السكّان.
أوقع استهدف الطائرات الإسرائيلية العنيف للمنطقة المكتظة سكانيا في المخيم 45 شهيدًا على الأقل جميعهم من المدنيين بل إن أغلبهم من النساء والأطفال.
مجزرة مستشفى الشفاء
وقعت المجزرة حينما اجتاحت دبابات الاحتلال وآلياته المستشفى غرب مدينة غزة، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بعد حصاره لمدة أسبوع.
دوّن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة شهادته على المجزرة، مشددًا على أنها أفظع مجزرة حدثت في تاريخ مستشفيات غزة، إذ قُتل خلالها 30 فلسطينيا مدنيا، دفنوا في مقبرتين بمجمع الشفاء، تم إعدامه ميدانيا من النازحين أو المرضى على أسرة المستشفى.
مجزرة حي الشجاعية
كان صباح 2 ديسمبر/ كانون الأول 2023، موعدا لاقتراف الاحتلال أبشع مجازره الدموية بحق المدنيين العزل في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، إذ أقدمت طائراته المقاتلة على إلقاء عشرات الصواريخ والقنابل العملاقة التي تزن الواحدة منها ألفي رطل، على 50 عمارة سكنية في وقت متزامن دفعة واحدة على رؤوس ساكنيها.
أسفر القصف على استشهاد وإصابة المئات وتدمير هائل في الحي إلى جانب البنى التحتية والمرافق الخدماتية.
مجزرة المواصي
جرت صبيحة يوم 13 من يوليو/ تموز 2024، غربي مدينة خان يونس، حيث قصفت طائرات الاحتلال الحربية مخيما للنازحين في منطقة المواصي، بخمس غارات عنيفة، لتحول المخيم الذي يعج بالخيام لحفرة عملاقة، وخيما منصهرة وأكوام من الأشلاء.
كانت المجزرة من أبشع المجازر دموية خلال الحرب الدائرة، سيما وأنها حدثت داخل المنطقة الإنسانية الآمنة وأكثر الأماكن اكتظاظا بالمواطنين بعدما حددتها سلطات الاحتلال مكانا للنزوح غربي خان يونس.
وبحسب وزارة الصحة بغزة، فقد ارتقى خلال هذه المجزرة أكثر من 90 مواطنا من النازحين، وجرح 300 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ كبار السن.
وكشفت مصادر إسرائيلية "رسمية"، نقلتها وسائل الإعلام الأميركية، أن جيش الاحتلال أسقط خمس قنابل تزن الواحدة "2000 رطل" (907 كيلوغرامات) على مخيم النازحين في المواصي غربي مدينة خان يونس.
مجزرة مدرسة التابعين
آخر مجازر الاحتلال وليس آخرها، إذ أقدمت طائرات الاحتلال فجر السبت 10 أغسطس/ آب 2024 على قصف مدرسة التابعين بمنطقة حي الدرج (وسط مدينة غزة)، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من 100 شهيد وعشرات المصابين والمفقودين، في واحدة من كبرى المجازر التي شهدها قطاع غزة الأسابيع الأخيرة.
قصفت طائرات جيش الاحتلال النازحين في المدرسة بشكل مباشر في أثناء تأديتهم صلاة الفجر، مما رفع أعداد الشهداء بشكل متسارع، في حين ذكر شهود عيان أن القصف بدأ عقب تكبيرة الإحرام مباشرة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي قصف مدرسة التابعين التي تؤوي أكثر من ألفي نازح بـ3 صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات، فيما كان يعلم بوجود النازحين داخل المدرسة، وأن رواية "الجيش" لما حدث مليئة بالأكاذيب
والمعلومات المزيفة، وأنه يسعى من خلال بياناته الزائفة تبرير جرائمه في حق شعبنا.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أنه من هول المذبحة وعدد الشهداء الكبير، لم تتمكن الطواقم الطبية والدفاع المدني وفرق الإغاثة والطوارئ من انتشال جثامين جميع الشهداء حتى الآن.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن القصف الإسرائيلي على مدرسة التابعين أسفر عن مذبحة راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد وعشرات الإصابات.
وبحسب المشاهد الموثقة بالصوت والصورة تناثرت جثامين الشهداء إلى أشلاء وأحرق بعضها وباتت متفحمة تتكدس في منطقة المصلى، وتناثر بعضها في فناء المدرسة، بسبب قوة القصف الذي استهدفهم في أثناء أدائهم صلاة الفجر.