لا يكاد يمر مخطط لمشروع تهويدي جديد في مدينة القدس المحتلة، دون أن تكون جمعية "إلعاد" الاستيطانية حاضرة في تفاصيله الأساسية، كجهة منفذة أو مشرفة أو ممولة لتلك المشاريع الاستيطانية.
وتأسست "إلعاد" الاستيطانية في سبتمبر/أيلول عام 1986، بقيادة المستوطن المتطرف "دافيد باري"، وتعد الجمعية اليوم بمثابة أداء رئيسية في تسريع عملية تغيير وجه المدينة وذراع الاحتلال الإسرائيلي الأقوى لتهويد المدينة المقدسة.
وتسيطر الجمعية الاستيطانية على عشرات البيوت الفلسطينية داخل القدس ضواحيها، محولة تلك الأملاك إلى منازل للمستوطنين اليهود، فضلا عن إشراف على تنفيذ عدد من المشاريع التهويدية كالأنفاق الأرضية ومراكز الزوار ذات الطابع الاستيطاني.
نشاط مكثف
وأوضح عضو لجنة الدفاع عن أراضي القدس، صالح الشويكي، أن جمعية "إلعاد" تنشط في كافة أنحاء القدس وتحديدا بالمناطق الجنوبية المحيطة بالأقصى، التي تعتقد زورا أنها المكان المزعوم للهيكل، كحي وادي حلوة في بلدة سلوان والملاصق لسور البلدة القديمة التاريخي.
وذكر الشويكي لصحيفة "فلسطين" أن الجمعية الاستيطانية تعتمد على مسارين في تحقيق أهدافها، أولهما مرتبط باستخدام ورقة الإغراءات المالية للاستيلاء على العقارات الفلسطينية والإسلامية، في محاولة لتحقيق غالبية يهودية على حساب الوجود العربي الفلسطيني.
وأشار الشويكي إلى أن "إلعاد" تسعى كذلك إلى السيطرة على المواقع التاريخية سواء الإسلامية أو المسيحية مع خلق دعايات صهيونية كاذبة حول المعالم الأثرية، بهدف قلب الحقائق وخداع السياح الأجانب، منوها إلى أن الجمعية تمتلك ميزانيات مالية ضخمة لا يعرف تفاصيلها.
ووفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن الجمعية تلقت بين العامين 2006 _2013 ما يقارب 450 مليون شيقل، أغلبها من أموال التبرعات اليهودية وغير اليهودية من خارج دولة الاحتلال منها 275 مليون شيقل من مصادر مجهولة.
وتتلقى "إلعاد" دعما حكوميا غير مباشر عبر مشاريع إسكانية داخل الكتل الاستيطانية، وفي ذات الوقت فإن الجهات الضريبية الإسرائيلية تغضّ الطرف عن ميزانيات الجمعية بعكس ما يفرضه القانون، بل منحت "إلعاد" في عام 2008 حصانة الكشف عن هويّات المتبرعين والممولين لها.
تزوير التاريخ
بدوره، أكد الناشط السياسي في القدس، مازن أبو قلبين، أن للجمعية أهدافا متعددة أبرزها مرتبط يتعزيز العلاقة بين اليهود وتاريخ مدينة القدس مع العمل على استقطابهم عبر إيجاد مشاريع استيطانية ذات صيغ مختلفة، سياحية أو تعليمية أو دينية خالصة.
وأوضح أبو قلبين لصحيفة "فلسطين" أن "إلعاد" تنشط في عملية توسيع الاستيطان في القدس والعمل على شراء العقارات عن طريق سماسرة "عرب أو يهود أو أجانب" وتحديدا في منطقة سلوان، وكذلك تعد الجمعية بحوثا حول تاريخ القدس، مبينا أن الجمعية تستخدم جميع الوسائل والطرق لجلب الأموال والدعم.
وبين أبو قلبين أن الجمعية تصطحب بشكل يومي وفودا أجنبية في جولات سياحية تعريفية في أحياء القدس وداخل مركز الزوار الاستيطاني المسمّى "مدينة داود" التلمودية، لافتا إلى أن "إلعاد" تقدم للوفود الخارجية رواية مزورة تقصي الوجود التاريخي العربي والإسلامي.
واختارت الجمعية اليمينية لذاتها اسماً يناسب غاياتها الأساسية، وهو "إلعاد"، كاختصار لجملة "نحو مدينة داود"، وقد أطلقت هذه الجمعية على نفسها هذا الاسم اعتماداً على النصوص التوراتية المزيفة.
وفي أواخر العام الماضي، 2016، كشف تقرير مراقب دولة الاحتلال أن جمعية "إلعاد"، حصلت على تسهيلات وامتيازات حكومية إسرائيلية، وأنها هي المسؤولة عن إدارة تدير ما تسمى "الحديقة الوطنية في مدينة داود"، كما تسلمت مشاريع بدون مناقصات، في حين لم تقم سلطة الآثار في حكومة الاحتلال بأعمال رقابة على نشاط الجمعية.