فلسطين أون لاين

خسارة العرب في يونسكو

نقلنا انقساماتنا وخلافاتنا إلى اليونسكو خلال الترشح لمنصب المدير العام للمنظمة، وخاض العرب هذه المعركة في البداية بأربع دول هي مصر وقطر ولبنان والعراق التي سقطت جميعها، وفازت المرشحة الفرنسية أوردي أزولاي وهي يهودية من أصول مغربية.


تاريخ العرب مع انتخابات المدير العام لليونسكو نتيجتها دائما لم ينجح أحد. لذلك لا يمكن عزل السياق الثقافي عن السياق السياسي للعرب، وليس غريبا أن يكون هناك أربعة مرشحين عرب لمنصب مدير عام تلك المنظمة؛ لكن لم يتعلم العرب من الماضي، السيناريو يتكرر للمرة الثالثة ولم يراجع العرب أنفسهم، الإخفاقات تتوالى والهزائم والفضائح تتكرر في المحافل الدولية سواء السياسية أو الثقافية أو الرياضية، ففي عام 1999م تنافس على المنصب عربيان هما إسماعيل سراج الدين من مصر وغازي القصيبي من السعودية، وخسر الاثنان، وفي عام 2009م تنافس على المنصب اثنان آخران هما فاروق حسني من مصر ومحمد بجاوي من الجزائر وخسر الاثنان . وعلى ما أعتقد أن عام 2017م لن يختلف عن الدورتين السابقتين.


الكارثة أن السيناريو تكرر العام الماضي لكن في محفل رياضي دولي وهو انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" ، الأردن رشحت الأمير علي بن الحسين ، و البحرين رشحت الشيخ سلمان آل خليفة ، تنافس الاثنان ، شتتا الأصوات ، خسر الاثنان ، ضاع المنصب.


ليس عيبا الخسارة لمرة واحدة وأن نتعلم لغيرها ولا نكرر الخطأ بالخطأ، القاعدة عند العرب هي الاختلاف، والاتفاق هو الاستثناء النادر، ولذلك يُقال إن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا، لم تعد القاعدة التي تقول أنا وأخي على الآخر، إنما صارت أنا والآخر على أخي وهذا هو حال الأمة العربية التي أصبحت هوايتها وسياساتها هي محاربة نفسها، منافسة ذاتها، القضاء على نفسها، كل قُطر عربي يسعى ويجاهد لمحاربة القُطر العربي المجاور له؛ مع أن الاثنين ليس بينها أي ميزة نسبية أو مطلقة – الاثنان في التخلف والتبعية سواء.


لقد أضاع العرب من بين أيديهم فرصة ذهبية لقيادة اليونسكو ومن ثم الصعود إلى باقي المنظمات الدولية التي غالبا ما تكيل بمكيالين بما يخص القضايا العربية وبالذات القضية الفلسطينية التي هي أساس جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ولو توحد العرب في انتخابات اليونسكو لكتب لهم الفوز لأن الأمر كان محسوما للعرب، فكان ضمن المرشحين الثمانية أربعة عرب، أي للعرب نصف المرشحين، والنصف الآخر لبقية دول العالم، كيف لا يستفيد العرب من دروس تجربتين سابقتين كانوا قريبين فيهما من الوصول لأول مرة لهذا الموقع الدولي؟ العرب لا يقرؤون التاريخ ولو كان حدث بالأمس فقط، لأنهم لو فعلوا ذلك لن يكونوا متسقين مع الطبيعة العربية الرسمية والنخبوية التي جُبلت على الاختلافات، والمكايدات السياسية.


لم يبلغ العرب بعد مرحلة النضوج ليكونوا صوتا واحدا في المحافل الدولية، وبالتالي لن يفوزوا بأي موقع، وهم بخلافاتهم باتوا معبرا لفوز الآخرين، كما حدث في اليونسكو، وكما حدث في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وغيرها.