قبل ساعات المغيب يجمع المزارع الفلسطيني عبد السلام عواد، من قرية عورتا جنوبي نابلس (شمال القدس المحتلة)، أدوات قطف الزيتون ومحصوله على عجل، متوجسًا خيفة من التعرض لأي اعتداء من قبل مستوطنو "ايتمار".
ولا يختلف حال المواطن عواد كثيرًا عن آلاف المزارعين، الذي أقيمت على أراضيهم أو على مقربة منها المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية بالضفة الغربية.
وقال عوّاد، إن اعتداءات المستوطنين وسياسات جنود الاحتلال "تُعكر" صفو وجمال موسم قطف الزيتون التراثي.
وأردف: "طوال الوقت تظل أعصابنا مشدودة، وأيدينا على قلوبنا خوفًا من هجمات المستوطنين واعتداءاتهم التي تأخذ أشكالًا متعددة".
ويُشار إلى أن اعتداءات المستوطنين تتوزع بين؛ الرشق بالحجارة والاعتداء بالضرب، إغلاق الطرق التي يسلكها المزارع الفلسطيني، إشهار السلاح وإطلاق النار، إلى سرقة المحصول.
وفي تطور لافت لهذه الاعتداءات، اكتشف مزارعو قرية قريوت (جنوبي نابلس) قبل عدة أيام، قنبلة، قالوا إن مستوطنين يهود زرعوها على جانب طريق يسلكونه بشكل يومي أثناء توجههم إلى أراضيهم.
ونوه عبد السلام عوّاد، إلى أنه في أحيان أخرى يقوم المستوطنون "بحرق أشجار الزيتون وتقطيعها أو رشها بمواد كيماوية تحرقها، بالإضافة للمياه العادمة والمخلفات الكيماوية التي تنتج عن المستوطنات الصناعية".
ولفت النظر إلى أن سلطات الاحتلال تقوم بتحديد "مهلة غير كافية، لا تزيد عن ثلاثة أيام أحيانًا، لجني محصول ألف دونم، مع أنه هذه المساحة تحتاج لعمل يزيد عن ثلاثة أسابيع".
وشدد عواد على أن الاعتداءات المتكررة من طرف المستوطنين "تركت آثارًا إيجابية بين المزارعين وأجبرتهم على التعاون مع بعضهم، خاصة في المناطق النائية والمعرضة أكثر من غيرها للاعتداءات".
وأردف: "وهناك مجموعات صغيرة متخصصة بالحراسة، تحذر الأهالي من وصول المستوطنين، إلى جانب تحذير المزارعون لبعضهم بوجود مستوطنين في منطقة ما".
بدوره، أوضح مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، أن غالبية القرى الفلسطينية القريبة من المستوطنات تتعرض لأشكال متعددة من اعتداءات المستوطنين.
ولفت دغلس النظر، إلى وجود 37 موقع احتكاك مع المستوطنين في محافظة نابلس وحدها.
وبيّن: "تتعرض قرى؛ عوريف ومادما وحوارة وعينابوس وعصيرة القبلية لاعتداءات متكررة من مستوطني يتسهار، وقرى كفر قليل وعراق بورين لهجمات متواصلة من مستوطني براخا، كما تتعرض عورتا وقريوت لاعتداءات من مستوطني ايتمار، وقرى دير الحطب وعزموط وسالم فتتعرض لمضايقات من طرف مستوطني ألون موريه".
وذكر أن "سلطات الاحتلال تقسم الأراضي الفلسطينية إلى أربعة أصناف، حيث يسمح بدخول بعضها دون الحاجة لتنسيق أو تحديد لساعات العمل".
وأضاف: "في حين يمنع أصحاب الصنف الثاني من دخول أراضيهم إلا بعد تنسيق بين الارتباط الفلسطيني والإسرائيلي ويكون العمل فيها محصورًا بساعات محددة، أما الصنف الثالث وهي الأراضي الموجودة داخل حدود المستوطنات، وهذه يمنع دخولها مطلقًا".
وأشار إلى أن "الصنف الرابع؛ الأراضي التي تكون مسيّجة بأسلاك شائكة بقرار من سلطات الاحتلال لأسباب أمنية، وهذه الأراضي يسمح لأصحابها بالتواجد خلال ساعات محددة من الساعة 8- 2 فقط".
واستدرك مسؤول ملف الاستيطان: "الأراضي من الصنف الرابع يتعرض أصحابها لتفتيش دقيق قبل دخولهم إليها ويمنعون من إدخال أدوات قطف الزيتون؛ كالمناشير والسلالم، وهذا يعيق عملهم".
ودعا دغلس المزارعين لـ "التصدي لاعتداءات المستوطنين وعدم الخوف منهم والذهاب إلى أراضيهم بشكل جماعي".
وكانت مؤسسات رسمية وشعبية في الضفة الغربية المحتلة، قد أطلقت مؤخرًا عدة مبادرات لمساعدة المزارعين القريبة أراضيهم من المستوطنات، في قطف ثمار الزيتون.
وأكد خالد منصور؛ مسؤول العمل الجماهيري في الإغاثة الزراعية ومنسق حملة "احنا معاكم" أن هذه المبادرات تأتي لدعم صمود المزارعين في أراضيهم.
ونوه منصور ، إلى مشاركة أكثر من 100 متطوع فلسطيني وأجنبي في هذه الحملة.
وطالب الجامعات الفلسطينية والكتل الطلابية والاتحادات والجمعيات الشبابية بالمشاركة في هذه المبادرات "لما لها من آثار إيجابية، وتساهم في حماية المزارعين من اعتداءات المستوطنين".