فلسطين أون لاين

موت مرضى ومصابين بات "مسلسلًا يوميًا"

الجبري لـ"فلسطين أون لاين": مستشفى شهداء الأقصى قد تنهار في أي وقت

...
الوسطى - نبيل سنونو

حذر المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح د. إياد الجبري من أن المستشفى "قد تنهار في أي وقت"، منبهًا إلى أن موت مرضى ومصابين بات "مسلسلًا يوميًا".

وقال الجبري لـ"فلسطين أون لاين" الأحد: الوضع صعب وينذر بكارثة وقد نفاجئ العالم ونعلن سقوط المستشفى وعدم تقديم الخدمة الطبية، وإغلاق قسم الطوارئ لعدم وجود أي مكان فارغ فيه.

وأوضح أنه مع عدم توفر سرير للمصاب، ومكان له في العمليات، وسرير عناية مركزة "لن نستطيع تقديم خدمة ملائمة له وسيلاقي حتفه في الطوارئ".

وكان المستشفى يغطي 350 ألف نسمة وحاليا يغطي أكثر من مليون نسمة "وهو لا يستطيع استيعاب هذا الكم من النازحين والإصابات" في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ أكتوبر/ تشرين الأول، وفق الجبري.

وارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال على القطاع إلى 38919 شهيدا و89622 مصابا منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وفق وزارة الصحة.

ووصف الجبري الوضع بأنه خطير في مستشفى شهداء الأقصى المكتظ بالنازحين والمصابين الذين يأتون تباعا نتيجة القصف المتكرر على المنطقة الوسطى.

أزمة خانقة

وقال: إن سرير المستشفى يعد من العملة النادرة في المستشفى حيث لا سرير ولا فرشة ولا بطانية لإيواء المصاب وهذا تحد كبير بالنسبة لنا.

وأضاف أن هناك مرضى كثرا بحاجة لعناية مركزة ولا يوجد سرير لأي منهم، متابعا: قبل يومين كانت هناك ست حالات تحتاج لعناية مركزة جزء منها لاقى حتفه نتيجة عدم وجود سرير عناية له.

ووصف فقدان مرضى ومصابين حياتهم بأنه "مسلسل يومي"، منبها إلى أن العشرات منهم فارقوا الحياة في قسم الطوارئ والعمليات خلال الفترات الماضية.

وفسّر: مريض نجري له عملية معقدة وبعدها يحتاج الدخول إلى العناية المركزة بما يشمل سريرا وجهازي التنفس ومتابعة العلامات الحيوية ومتابعة تمريضية وطبية من متخصصين في هذه الخدمة ولكن عندما يترك المريض في قسم الطوارئ لا يوجد متخصصون ولا سرير عناية مركزة فالمريض سيموت.

وأردف: هناك مرضى ومصابون مهددون بالموت ولن يستطيعوا الوصول إلى الطوارى لأن القسم مكتظ ولا مكان تمشي فيه وجميع المرضى على الأرض.

ووفق الجبري، يوجد حاليا في المستشفى 670 مريضا منومين ويصل إلى قسم الطوارئ يوميا قرابة 200 مريض فضلا عن الشهداء والإصابات الخطيرة.

لكن القدرة الاستيعابية للمستشفى هي 200 سرير فقط.

وأشار إلى أن هذه الأزمة الخانقة بالذات في أسرة العناية المركزة احتدمت بعد تسبب العدوان بإغلاق المستشفى الأوروبي الذي كان به الكم الأكبر من أسرة العناية المركزة ولم يتبق في جنوب القطاع إلا مستشفيا الأقصى وناصر ولا يكفيان البتة لمعالجة كم الإصابات الهائل الذي يأتي إصابة تلو الأخرى وقصف تلو الآخر.

وأشار إلى أن المعضلة في قسم الطوارئ أنه للأسف حول من قسم طوارئ لاستقبال المرضى ومعالجتهم لقسم مبيت لمرضى ومصابين.
ونبه الجبري إلى أن قسم الطوارئ لا يمكن أن يكون قسم مبيت لكن "الظروف أجبرتنا على أن نبقي المرضى الذين يحتاجون إلى المبيت في قسم الطوارئ".

وأردف: "هذه مشكلة ومعضلة كبيرة والوضع صعب جدا".

وقال: إذا نظرنا إلى واقع العمليات حتى الأشياء البسيطة كالفوط والقفازات المعقمة التي يرتديها الجراح لإجراء العملية الكمية المتوفرة منها قليلة وفي بعض الأوقات نطلب من المريض الذي يريد أن يجري عملية تدبير المستلزمات الطبية من خارج المستشفى.

وأكد أنه مع عدم فتح معبر رفح وإرسال الوفود والطلبيات الضرورية للمستشفى فإن "الوضع سيستمر بالانحدار".

وبين أنه بعد إغلاق معبر رفح لفترة طويلة فإن جميع الموارد والمستلزمات الطبية وأدوية التخدير استنفد، ولم يعد يصل المستشفى ما كان يأتيها عبر الوفود الطبية وتبقى المستشفى فارغة من الأشياء المهمة التي يحتاحها المصاب لنستطيع تقديم الخدمة الطبية له.

ومنذ مايو/آيار احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري، ضمن عدوانها على مدينة رفح جنوب القطاع.
وبشأن طبيعة الإصابات التي تستقبلها المستشفى، قال الجبري: الاحتلال يجرب الأسلحة الجديدة في قطاع غزة، وتصل إصابات مبتورة الأطراف وبحروق تتجاوز نسبتها 50%-70%، كما نستقبل شهداء أشلاء ومبتوري الرؤوس.

وحذر الجبري أيضا من أن الازدحام والبيئة غير الصالحة يوفران بيئة خصبة للمرض، مؤكدا أن التهاب الكبد الوبائي "A" انتشر قبل فترة "كالنار في الهشيم" بين النازحين.

وتواجه المستشفى أيضا أزمة شح السولار، الذي لا يصل إلا "بالترجي والاتصالات والضغوطات وبعد المناشدة عبر وسائل الإعلام بأنه لا يوجد سولار وسيوقف عمل المستشفى"، وفق البكري.

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية ترسل حينئذ بعض السولار لا يكفي ليوم أو يومين.

وأوضح أن لدى المستشفى مخزونا إستراتيجيا فارغا حاليا يتسع لـ50 ألف لتر سولار، ولو توفرت هذه الكمية "يكفينا لفترة طويلة"، لكن منظمة الصحة العالمية لا ترسل سوى ستة آلاف أو ثلاثة آلاف بينما استهلاك المستشفى اليومي 3500 لتر.

وقال: قبل فترة توقفت الخدمة الكهربائية قرابة خمس ساعات وكاد المرضى في العناية والحضانة وغرفة العمليات يموتون إلى أن أشرقت الشمس وعملنا عبر الطاقة الشمسية وبعدها أرسلوا 3500 لتر تكفي ليوم واحد.

وتستلم المستشفى السولار من منظمة الصحة العالمية بالتنسيق مع وزارة الصحة لكنه يصل فقط بالحد الأدنى، بحسب الجبري.

وعن عمل الطواقم الطبية تحت تهديد الاحتلال، قال: لا مكان آمن في القطاع غزة، وقبل فترة قصفت خيمة داخل المستشفى أمام قسم الطوارئ وأصيب الكثير وحطم مبنى سيارات النقل وثلاث سيارات كما قصف بيت أمام المستشفى بثلاثة صواريخ وارتقى 12 شهيدا وسابقا أطلقت طائرات "كواد كابتر" النار على المستشفى.

وتابع: لا أمان حتى في المستشفيات

لكن واجبنا الوطني والديني أن نكون في هذا المكان ارتضينا أن نكون أطباء فذلك يقتضي أن نعيش في هذا الواقع الخطير، نعالج أهلنا وشعبنا بلا ملل ولا ضجر.

وأوضح أن ذلك "رغم الوضع المادي السيء الذي يعيشه الموظفون من قلة الرواتب والغلاء المعيشي وعدم توفير البيئة الملائمة لأسرهم وهذا تحد كبير".

وأشار إلى استشهاد العديد من الطواقم الطبية العاملة في المستشفى وبعض الأطباء استشهدوا بعد خروجهم من المناوبة بفترة وجيزة.

ولمواجهة الأزمة التي تعانيها المستشفى، طالب المدير الطبي لـ"شهداء الأقصى" بفتح ممر آمن للمرضى الذين يحتاجون خدمة طبية متقدمة غير متوفرة في المستشفيات المحلية، قائلا: إن جزءا كبيرا من المرضى يحتاجون للسفر ولا نستطيع إرسالهم للعلاج بالخارج وبعضهم استشهد.

كما طالب بفتح المعابر وتوفير المستلزمات الطبية للمرضى والمصابين والمستشفيات.

وناشد "العالم الحر" والجهات الدولية التي "تدعي الإنسانية" أن ينظروا لقطاع غزة والمأساة التي يعيشها ويوقفوا "الهجمة الصهيونية الشرسة" المستمرة منذ 10 أشهر.