فلسطين أون لاين

بعد قطع الاحتلال الانترنت عن القطاع

تقرير غزّيون يصلون العالم "بشرائح الكترونية" رغم خطورتها

...
غزة/ خاص فلسطين أون لاين

يقطع الثلاثيني عمرو مقداد، صباح كل يوم مسافة تقدر بخمسة كيلو مترات، مستقلًا دراجته الهوائية لالتقاط  بث الإنترنت وتمكين الغزيين من سكان المدينة وشمالها من التواصل مع ذويهم في الخارج والمناطق الجنوبية لقطاع غزة بعد نزوحهم هناك قبل نحو تعة أشهر.

ورغم خطورة المهنة الجديدة يصر مقداد، على العمل في محاولة منه لتوفير قوت أسرته المكونة من ستة أفراد، ومساعدة عدد من السكان للتواصل مع ذويهم والاطمئنان عليهم.

وكانت قوات الاحتلال ارتكبت مجازر عدة بحق مدنيين خلال محاولتهم التقاط بث الاتصالات والإنترنت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، في السابع من أكتوبر الماضي.

وباتت مناطق مختلفة من القطاع، تعاني من غياب خدمات الإنترنت، جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي البنية التحتية لشبكات الاتصال والإنترنت.

مهنة مغمسة بالدم

وقال مقداد لمراسل "فلسطين أون لاين": لجأت إلى العمل كموزع للإنترنت بعد أن دمرت قوات الاحتلال المطبعة التي أعتاش منها في معسكر الشاطئ بمدينة غزة، من أجل توفير مصدر دخل لأسرتي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

وأضاف: أن  العديد من العائلات تلجأ إلى الاتصال عبر الإنترنت لتكلفته المنخفضة والحديث معهم صوت وصورة بعد أن حرمهم الاحتلال الإسرائيلي من لقاءهم سواء عبر السفر اليهم أو من الذين نزحوا للمحافظات الوسطى والجنوبية بعد أن طلب منها جيش الاحتلال التوجه إليها بزعم أنها مناطق أمنة.

وأشار إلى أن مهنته الجديدة مجبولة بالمخاطر كاستهدافه المباشر من طائرات الاحتلال "وهذ حدث أكثر من مرة وراح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى"، إلى جانب التشويش المتعمد من قبل الجيش على الإنترنت والإغلاق المتكرر للشرائح الالكترونية والدولية التي يلجأ إليها بعض الموزعين في عملهم.

تدمير ممنهج

وعلى بعد أمتار من مقداد، انهمك نور حمد، في محاولة التقاط شبكة الإنترنت ليوصل رسالة أهالي القطاع، والمجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين والأبرياء العزل للعالم، ويمكن البعض من التواصل مع ذويهم، لكن دون جدوى ليكتشف إغلاق الشريحة التي يعتمد عليها في الاتصال بالإنترنت.

وقال حمد لمراسل "فلسطين أون لاين" بحزن: إنه بذلك فقد مصدر دخله الوحيد، لافتًا إلى أنه قبل شهر أغلق الاحتلال شريحة "الكترونية" كان يعتمد عليها وبصعوبة تمكن من توفير أخرى على الرغم من ارتفاع ثمنها.

وما يزيد من معاناة حمد، أنه لن يتمكن، وفق قوله، من العودة لأطفاله الثلاثة حاملًا معه بعض احتياجاتهم اليومية.

وبالعودة إلى مقداد، الذي ذكر أن المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد بل أن الهاتف المستخدم في العمل معرض للتلف وبحاجة إلى صيانة بين الفينة والأخرى رغم تكلفتها المرتفعة، مرجعًا ذلك لعدم توفر قطع غيار الأجهزة الخلوية، إلى جانب معاناته من انقطاع الكهرباء وصعوبة شحن الجوال فيلجأ إلى أجهزة الشحن الخارجية – البور- أو يضطر في بعض الأحيان لقطع مسافات طويلة لتوفي بطارية للجهاز وشحنه.

ودمر الطيران الحربي الإسرائيلي بشكل ممنهج عبر إستهدافاته المتكررة محطات الإرسال الهوائية لشبكات المحمول على أسطح المنازل والمباني وكذلك مقاسم الاتصالات للشبكة الأرضية الوحيدة في قطاع غزة، ما أدى إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت عن غالبية المحافظات.

وارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي، مجازر مروعة بحق المدنيين خلال محاولتهم التقاط بث الاتصالات والإنترنت للتواصل مع ذويهم أو جهات عملهم عبر استهدافهم المباشر بالقصف الجوي أو القنص وإطلاق النار من طائرات مسيرة.

ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في مايو الماضي، إطلاق مسيرة إسرائيلية صاروخًا على تجمع لمدنيين على "نقطة لتوزيع الإنترنت" في شارع "الجلاء" عند مفترق مستشفى "العيون" وسط مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل، من بينهم طفلة، انتشلوا أشلاء متقطعة، وإصابة 15 آخرين، منهم من أصيب بجروح متوسطة وخطيرة.