في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، كانت فلسطين أول دولة عربية إلى جانب مصر تُشارك في تصفيات كأس العالم، وقتها لم تكن هناك ملامح ولا أساسات لإقامة دولة بني صهيون المارقة من قبل المملكة المتحدة، حيث وضعنا هدف التأهل لنهائيات كأس العالم كحلم منطقي، ومنذ ذلك الوقت لا زال الحلم قائماً رغم أن مرور الوقت يتسبب في تصعيب عملية التأهل، حيث كانت فُرص تحقيق ذلك الهدف مما أصبحت عليه اليوم انطلاقاً من سهولة شروط التصفيات وقِلة عدد المنتخبات المشاركة في تلك الحِقبة.
اليوم وقياساً مع كثير من الأمور المتعلق بتطور اللعبة والإمكانات والظروف، ورفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات، أصبحت فُرص التأهل إلى المونديال أسهل من ذي قبل، ويبقى تحقيق الهدف على رأس سُلم أولويات الكرة الفلسطينية لتحقيق التأهل لأول مرة في التاريخ.
والتأهل إلى نهائيات كأس العالم أمر غاية في الأهمية على المستوى الوطني، فهو يساعدنا في زيادة فرص الترويج للرواية الفلسطينية على الساحة الدولية لا سيما بعد حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على غزة منذ شهر أكتوبر 2023.
متى سنتأهل إلى كأس العالم؟ سؤال طالما ردده الشارع الرياضي الفلسطيني منذ عقدين تقريباً، خاصة بعدما استعادة فلسطين عضويتها في الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1998، والإجابة على هذا السؤال تُعتبر غاية في الصعوبة بسبب ارتباط ذلك بالقدرات والإمكانيات لتحقيق ذلك، وبالتالي فإن الإجابة على السؤال مسألة مرتبطة بالتوقيت، وهذا ما يتلاعب بالعاطفة الشعبية التي لا يهمها سوى رؤية منتخب البلاد يُشارك في النهائيات لأول مرة في تاريخه.
وكون الأمر متعلق بالإمكانات، فقد كنا أمام فرصتين متتاليتين لتحقيق هدف التأهل، لا سيما وأن التأهل كان مرتبط بنتيجة مباراة واحدة ذهاباً وإياباً، أمام مصر في تصفيات مونديال 1934، والثانية أمام اليونان في تصفيات مونديال 1938، حيث لعبت الإمكانات دوراً بارزاً في تأهل مصر واليونان، حيث خسرنا ذهاباً وإياباً أمام مصر بنتيجة عالية، وخسرنا في مباراة حاسمة أمام اليونان بنتيجة ليست كبيرة ولكنها لم تكن خسارة عادية.
اليوم وبعد أن نجنا في تحقيق التأهل إلى نهائيات كأس آسيا بشكل مباشر، للمرة الرابعة على التوالي، (الأولى عام 2015 بالفوز بكأس التحدي، والثانية عام 2019 من المرحلة الثالثة للتصفيات والمرة الثالثة عام 2023 من المرحلة الثالثة للتصفيات)، فإننا بتنا نستحق أن نحلم بالتأهل لنهائيات كأس العالم لأول مرة فسي التاريخ، حيث أن التأهل للمرحلة الثالثة وعنا في تصنيف أفضل على المستوى الآسيوي، وبالتالي نستطيع أن نقول أن الهدف القادم هو التأهل إلى نهائيات كاس العالم.
واليوم ونحن على بُعد 48 ساعة من موعد سحب قرعة الدور الثالث الحاسم للتصفيات الآسيوية المزدوجة، فإن فلسطين جاءت في التصنيف الخامس وقبل الأخير للتصفيات، أي أن القُرعة ستضعه في مجموعة تضم خمس مستويات من المنتخبات، أربعة أعلى من منتخب فلسطين وواحد أدنى منه، حيث جاءت المستويات على النحو الآتي:
المستوى الأول: اليابان (17)، إيران (20)، كوريا الجنوبية (22)
المستوى الثاني: أستراليا (23)، قطر (35) العراق (55)
المستوى الثالث: السعودية (56)، أوزبكستان (62) الأردن (68).
المستوى الرابع: الإمارات (69)، عُمان (76) البحرين (81)
المستوى الخامس: الصين (88)، فلسطين (95)، قرغيزستان (101)
المستوى السادس: كوريا الشمالية (110)، إندونيسيا (134) الكويت (137).
وتقام منافسات الدور الثالث، بين أيلول/سبتمبر 2024 وحزيران/يونيو 2025، حيث سيتم تقسيم المنتخبات على ثلاث مجموعات، تضم كل مجموعة 6 فرق.
وسيتأهل أوّل منتخبين في كل مجموعة مباشرةً إلى المونديال، لتحجز 6 من المقاعد الثمانية المتاحة للاتحاد الآسيوي، بينما سيتم التنافس على المقعدين المتبقيين في ملحق التصفيات، علما بأن هناك فرصة للحصول على مقعد إضافي، من خلال الملحق العالمي.
وتظهر منتخبات فلسطين وإندونيسيا وقرغيزستان للمرة الأولى في الدور الثالث، بعد نجاحها في التصفيات المزدوجة، التي منحت المنتخبات المتأهلة أيضا بطاقة المشاركة في بطولة آسيا 2027، المقررة في السعودية.