اعتبر الأمين العام للمبادرة الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، أن انسحاب وزير الحرب بيني غانتس، ضربة كبيرة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لأنه (غانتس) يمثل أكبر قوة سياسية من حيث الأصوات الانتخابية.
وأوضح البرغوثي، في حديثٍ متلفز، أن الخطاب تضمن 3 نقاط مهمة، تعكس الخلاف القائم في أوسط حكومة الاحتلال والائتلاف.
وقال البرغوثي، إن "غانتس قال إنه يؤيد الصفقة والمقترح الأمريكي الذي قدمه الرئيس جو بايدن، ويؤيد العمل مع الولايات المتحدة لتنفيذ هذه المبادرة، وقال إن نتنياهو يمنع التقدم نحو ما أسماه بالانتصار، فهنا أصبح واضحًا أنه يتهم نتياهو، بأنه هو من يعيق صفقة التبادل وليست حركة حماس كما يدعي نتنياهو، مشددًا على أنه هذه الاتهامات بحد ذاتها ضربة قوية جدًا".
وبين البرغوثي، أن غانتس في خطابه أظهر أن لديه مشروع كبير، لكن أهم ما في الخطاب أنه قال بوضوح أنه مطلوب عقد صفقة للتبادل وأكد أنه من يعيقها هو نتنياهو، مؤكدًا أن هذا الاعتراف سيكون له تأثير كبير ليس فقط على ما يجري بإسرائيل بل على مجرى الموقف العالمي بأسره، بتبديد أكاذيب نتنياهو المتكررة.
وأشار إلى، أن غانتس يحاول أن يرسم استراتيجية خلق بديل لنتنياهو، وفي هذا الإطار كان اللافت مغازلته لغالانت، حيث يحاول أن يشجعه على الخروج من الحكومة ويخرج معه الكثير من الليكود، وهذا سيضمن إسقاط الحكومة. مردفًا: لأنه خروج غانتس لا يفقد الحكومة أغلبيتها، لكن خروج غالانت سيؤدي إلى ذلك.
ويُنظر إلى بيني غانتس على أنه المرشح الأوفر حظًا لتشكيل ائتلاف في حال إسقاط حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة؛ لكن من غير المتوقع أن تؤدي استقالة غانتس إلى إسقاط الحكومة المشكّلة من ائتلاف يضم أحزابًا دينية وقومية متطرفة من 64 مقعدًا في الكنيست من أصل 120.
كما ولفت البرغوثي، إلى حديث غانتس بما أسماه حرب طويلة، موضحًا أنه يقصد التوجه نحو حرب بالشمال بعد إتمام صفقة تبادل للأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة.
تداعيات الاستقالة
وحول إمكانية خروج وزراء آخرين من الحكومة، يعتقد البرغوثي أن الأمر يعتمد على 3 عوامل، وهي تصاعد الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي، وموقف واشنطن في ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو، وتحرك محكمتي "العدل" و"الجنائية" الدوليتين لوقف الحرب، وفرض عقوبات على نتنياهو.
وبشأن تداعيات استقالة غانتس، يؤكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ستصبح أكثر خطورة وشراسة، وسيصبح نتنياهو مسيطرا عليه من الفاشيين.
كما أن الخطورة الكبيرة ستكون منصبة على الضفة الغربية المحتلة، حيث يتولى بتسلئيل سموتريتش وزارة المالية، ويمول المستوطنين للإمعان بجرائمهم هناك، حسب البرغوثي.
ومع ذلك استبعد البرغوثي دخول سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لمجلس الحرب، متوقعا أن يحل نتنياهو المجلس أو قد لا يغير شيئا عليه، فضلا عن محاولته مغازلة أفيغدور ليبرمان عبر منحه وزارة الدفاع.
وخلص البرغوثي في ختام حديثه إلى أن خطاب غانتس كان ضعيفا، وكان يتحدث بنصف لسان، لكنه يدرك أن بقاء الجيش في قطاع غزة مستحيل، وأن بقاء الشعب الفلسطيني يعني بقاء المقاومة، وذلك عندما ردد كلمة نصر واقعي وحقيقي.
من جانب أخر، أكد الكاتب والمحلل السياسي عامر الصمري من جانبه، أن "استقالة غانتس ستؤدي إلى زيادة الشرخ في الشارع الصهيوني وليس فقط في المشهد السياسي، مما سيؤدي إلى تعاظم المظاهرات في مدن الداخل الفلسطيني المحتل المطالبة بنهاية الحرب".
ومن وجهة نظر المصري، فإن الاستقالة تؤكد أن "نتنياهو يرفض الشراكة السياسية الحقيقة ويمعن باستمرار الحرب خدمة لمستقبله السياسي الشخصي، وهذا بات مرفوضا من عدد كبير من الأحزاب الصهيونية وامريكا".
وشدد المصري على أن "الاستقالة ستؤدي إلى زيادة القيود والمحددات الأمريكية على السلوك الإسرائيلي في الحرب على حد قوله".
وختم: "كما أن انسحاب غانتس وايزنكوت باعتبارهم شخصيات ذات خلفية عسكرية محضة يحمل مدلولات كبيرة حيال سيرورة الحرب وإنجازاتها المزعومة من قبل نتنياهو، خاصة وأن غانتس ألمح مرارا عن ضرورة وجود أهداف واقعية".
ومساء اليوم الأحد، أعلن رئيس كتلة "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، انسحابه من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي يترأسها بنيامين نتنياهو والتي كان قد انضم إليها بعد أيام من شن الحرب على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، واتهم نتنياهو بأنه "يتردد ويؤجل اتخاذ قرارات إستراتيجية مصيرية لاعتبارات سياسية".
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده غانتس في الكنيست، ووجه خلاله انتقادات حادة لنتنياهو وإدارته للحرب، واتهمه بأنه "يمنع تقدم إسرائيل نحو النصر الحقيقي"، واعتبر أنه "يتردد باتخاذ قرارت إستراتيجية" و"يمنع اتخاذ قرارات مهمة" في إطار الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 247 يوما؛ كما طالب غانتس بالدعوة لانتخابات مبكرة.
ودعا غانتس نتنياهو إلى انتخابات عامة في الخريف المقبل، وقال: "يجب أن تكون هناك انتخابات ستؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة تفوز بثقة الشعب وتكون قادرة على مواجهة التحديات. أدعو نتنياهو إلى تحديد موعد متفق عليه للانتخابات. لا تدع الشعب يتمزق". كما خاطب غانتس وزير الأمن، يوآف غالانت، معتبرا أن "القيادة لا تتطلب قول الصواب فحسب، وإنما القيام بما هو صواب".
وقال غانتس إن "هناك من يقول إننا ساعدنا نتنياهو بدخولنا إلى الحكومة، ليس نتنياهو هو القضية، بل دولة إسرائيل. يقولون إنني لست محتالًا، كارهًا مثل خصومي. صحيح، ولكن يمكنني أن أعدكم بشيء واحد - أنا مستعد للموت من أجل أبنائكم، أنا وأصدقائي سنظهر دائمًا عندما تحتاج البلاد إلينا. بأي ثمن سياسي ودون خوف مما سيقولونه".
كما توجه لذوي الأسرى المحتجزين في غزة، وقال "لقد فعلنا الكثير وفشلنا في اختبار النتيجة. لم نتمكن بعد من إعادة العديد من الرهائن. المسؤولية تقع على عاتقي أيضًا. أنا أدعم المقترح الذي اتخذناه في كابينيت الحرب الذي عرض الرئيس (الأميركي، جو) بايدن مبادئه، وأطالب الحكومة بالشجاعة اللازمة للوقوف خلفه وبذل ما في وسعها من أجل للدفع به".
بدوره، سارع نتنياهو وحلفاؤه في الائتلاف، بما في ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بإصدار تصريحات شديدة اللهجة ضد غانتس و"المعسكر الوطني"، واتهموه بـ"الانسحاب من المعركة" وبالعمل على تعزيز الانقسام وإحداث شرخ في المجتمع الإسرائيلية عوضا عن الحفاظ على الوحدة في زمن الحرب.
ويُنظر إلى بيني غانتس على أنه المرشح الأوفر حظا لتشكيل ائتلاف في حال إسقاط حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة؛ لكن من غير المتوقع أن تؤدي استقالة غانتس إلى إسقاط الحكومة المشكّلة من ائتلاف يضم أحزابا دينية وقومية متطرفة من 64 مقعدا في الكنيست من أصل 120.