خانيونس / علي البطة
بأعمدة خشبية وقطع من البلاستيك والقماش، يُقيم عمال ونازحون "معرشات" لإيواء المهجرين قسرًا بفعل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة للشهر الثامن تواليًا.
ولم تبق مساحة أرض فارغة على ساحل خانيونس أو دير البلح وفي منطقة المواصي إلاّ ونصبت عليها خيمة أو معرش، بعد موجه النزوح الجماعي الكبير الذي شمل أكثر من مليونا شخص من رفح منذ اجتياح آلة الحرب الإسرائيلية في 7 مايو الماضي.
ومع الافتقار إلى مراكز إيواء أو حتى خيام جاهزة، لجأ النازحون إلى إقامة المعرشات كملاذ وحيد أمامهم ليسترهم ويقيهم حر الشمس على قدر المستطاع.
في تناقض فرضتها الظروف وتبدل الأحوال يقول المواطن أحمد موسى متخصص في إنشاء المعرشات البلاستيكية، أن الناس كانوا يطلبونه في مثل هذا الوقت من كل عام لإنشاء معرش ليكون مصيفًا لهم، ومكان للترفيه اليومي، أو لإقامة متاجر واستراحات على البحر في خان يونس، قبل أن يقبل عليه النازحون بشكلٍ متزايد هذه الأيام لإنشاء معرشات كبيوت تؤويهم خصوصًا مع تدفق مئات الآلاف من رفح إلى خانيونس والوسطى.
ويضيف موسى لـ "فلسطين أون لاين": عادة ما يكون الطلب على هذه المعرشات مع قدوم الصيف ويزداد في أرض البحر لكننا اليوم نشهد إقبالًا عالي المستوى فلا يكاد يمر يوم دون أن يطلبك العشرات من الناس لإقامة معرش بلاستيكي من الشوادر في بحر خان يونس والقرارة.
ويعمل المواطن موسى طوال ساعات النهار منذ شهر تقريبًا دون توقف، و"هو ما لم يحصل معي من قبل وذلك بسبب وصول الآلاف الى المواصي". مردفًا.
موسى ليس وحده الذي يعمل في هذا المجال، بل هناك غيره كثر يعملون في هذه الصنعة ويعمل عدد منهم على مدار ساعات اليوم لإنجاز المعرشات للناس.
ويوضح المواطن الثلاثيني، أن المعرش بمساحة 24 متر مربع كانت تصل تكلفة إنشائه قبل العدوان قرابة ألف شيقل ويزيد المبلغ أو ينقص قليلا بناء على مكونات المعرش، فهناك من يلحقه بمطبخ ودورة مياه صغيرين ما يرفع التكلفة، أما اليوم فإن معرش بملحقاته تصل تكلفته قرابة ٣ آلاف شيقل، مع ندرة المواد والإمكانات.
ويقول النازحون: إن هذه المعرشات توفر حماية للناس من حر الصيف وكذلك تحد في المستقبل من وصول الزواحف إلى الناس.
وغير بعيد عن مكان عمل موسى يساعد حسن عيسى عائلات أخرى في إنشاء معرشات ونصب خيم لمن يمتلك خيمة أو أدواتها، ويشرح لـ "فلسطين أون لاين": الناس هنا يقيمون معرشاتهم وخيمهم في أراضي العائلة وشبابنا يبذلون كل ما يستطيعون في مساعدة النازحين لإيوائهم وتوفير شحن الكهرباء وإمدادهم بالمياه من الآبار الخاصة.
ويشير عيسى أثناء حديثه إلى، أن المعرشات تتطلب خشب وشوادر وهناك من يكسو المعرش بقماش وهذه كلها تكلف الناس مبالغ مضاعفة.
أسامة حميد نازح من شمال غزة، يقول إنه ينزح من رفح للمرة التاسعة على التوالي، مؤكدًا أنه في كل مرة نزح فيها فقد شيئًا من ممتلكاته ومقومات الحياة التي جمعها بصعوبة مع شح الأموال وغياب السيولة ونفاد البضائع.
وذكر أن مجموعة من المتطوعين ساعدوه في إقامة المعرش بعد أن وفر المتطلبات الأساسية لإقامته على قطعة أرض في مواصي خانيونس.
وتابع: مشوارنا طويل مع الاحتلال وليس أمامنا إلا الصمود والصبر، فهذه أرضنا ولن نتخلى عنها، عشنا في بيوت وشقق وانتقلت لمدارس ومراكز إيواء ومن ثم جربنا الخيمة واليوم نعيش في المعرش .. وفي كل المراحل باقون ولن نرحل.