في الشهر الثامن لحرب الإبادة الإسرائيلية؛ لم تعد أجواء قطاع غزة مناسبة صحيًا وبيئيًا لسكانه البالغ تعدادهم أزيَّد من مليوني نسمة.
وهذا ليس بسبب الدخان والرماد المنبعث من انفجارات القنابل الفتاكة التي ألقتها مقاتلات جيش الاحتلال على الأحياء السكنية فحسب، بل ناجم عن انقطاع المواطنين من غاز الطهي والوقود منذ بدء الحرب يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ودفع الحصار المشدد المفروض على القطاع الساحلي المواطنين إلى استخدام الأخشاب لطهي الطعام، واستخدام سوائل غير مناسبة لتسيير مركباتهم في الشوارع المدمرة.
وقال المواطن نعيم عطاالله، إنه بعد انقطاع الغاز من محطات التعبئة لجأ إلى استخدام الأخشاب لإشعالها وطهي الطعام.
وأوضح عطاالله لموقع "فلسطين أون لاين"، أنه خلال أيام الحرب كان يجمع الأخشاب من البنايات السكنية التي دمرتها الغارات الجوية.
وسبب ذلك مشاكل صحية لزوجته التي تجلس لمدة ساعات أمام النار وتشتم الدخان المنبعث من أجل تجهيز وجبة طعام لأفراد عائلتها.
وينطبق هذا الحال على جميع سكان قطاع غزة والنازحين كذلك في مراكز الإيواء ممن دمر جيش الاحتلال منازلهم وأجبرهم على النزوح إلى أحياء وسط وجنوبي القطاع.
أما فقدان الوقود المخصص للمركبات تسبب أيضًا بتلوث بيئي آخر أيضًا.
وبحسب إفادة عبد الجواد حميد، والذي يعمل سائق أجرة، لجأ إلى استخدام الزيت المخصص لطهي الطعام "السيرج" مع كميات قليلة من السولار.
وبيّن حميد لـ"فلسطين أون لاين"، أنه يقوم بتسخين 4 ليترات من "السيرج" ومزجها بلترٍ واحد من السولار، ويجعله ذلك كافيًا للسير عدة كيلومترات.
وبينما أشار إلى أن هذه الطريقة ينبعث عنها دخان أبيض كثيف ذو رائحة كريهة يحجب الرؤية ويسبب تلوثًا بيئيًا كبيرًا، ذكر أنها تحدث خرابًا أيضًا في محركات المركبات التي تستخدم هذه الطريقة.
لكن ليس لدينا بدائل أخرى -بحسب حميد- بعدما وصل ثمن الليتر الواحد من السولار إلى 40 شيقلاً، والبنزين أكثر من 100 شيقل لليتر الواحد.
وحذر مسؤولون من أن استمرار منع إدخال الوقود وغاز الطهي سيعمق الأزمة الصحية والبيئية في غزة.
وأكد رئيس بلدية دير البلح دياب الجرو، أن قطاع غزة أصبح يواجه مخاطر بيئية وكوارث صحية جمَّة، وقد دفع الاحتلال بمنعه دخول غاز الطهي المواطنين إلى إشعال النفايات.
ونجم عن ذلك أمراض صدرية وخاصة "الربو" والتهابات حادة وأمراض جلدية كذلك لدى فئة واسعة من المواطنين، وفق تصريحات صحفية أدلى بها الجرو ورصدها مراسل "فلسطين أون لاين".
وأضاف: إن الاحتلال يحارب أهالي غزة في طعامهم وشرابهم، وأفقدهم أي خيارات أخرى.
وسابقًا كانت البلديات ترحل النفايات إلى مكبات مخصصة لها –وفق الجرو- لكن بسبب الحصار والاستهداف المتعمد لطواقم وآليات البلديات تكدست النفايات في الشوارع في محاولة من الاحتلال لإقناع المواطن الغزي أن هذه الأرض غير صالحة للحياة.