لايزال رصيف غزة العائم يثير جدلًا كبيرًا في الأوساط، وتتوارد التقارير والتصريحات بشكل شبه يومي حول آليات العمل والتنسيق، ومستقبله في "إنقاذ" قطاع غزة من مجاعة وشيكة، ومن حصار مفروض على القطاع.
مؤخرًا سربت تقارير عن مصادر في "البنتاغون" بأن هناك "كابوسًا لوجستيًا" يحول دون تمكن الرصيف الأمريكي من "إغراق القطاع بالمساعدات" والتوزيع العادل، خاصةً في ظل الاستهداف المتعمد لضباط الشرطة الفلسطينية بغزة، من قبل الاحتلال في محاولة لنشر الفوضى وعرقلة المساعي الدولية لتحسين الأوضاع بالقطاع.
وفي التفاصيل، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن وزارة الدفاع (البنتاغون) واجهت واقعا مختلفًا كليًا في قطاع غزة جراء الصعوبات التي تعترض عمليات توزيع المساعدات الإنسانية.
وفي مقال تحليلي في الصحيفة، توقع البنتاغون أن تصل شحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر عبر الرصيف العائم هذا الأسبوع، لكن لم يصل سوى القليل من المواد الإغاثية للمدنيين الموزعين في القطاع المحاصر.
وأوضح المقال أنه خلال الأسبوع الجاري، وبعدما انتهى الجيش الأمريكي وحلفاؤه من تشغيل الرصيف العام والمؤقت على شاطئ غزة، واجه المخططون في البنتاغون “كابوسا لوجستيا” سبق أن حذر المنتقدون من أنه سيصاحب هذه العملية.
وتوقعت وزارة الدفاع الأمريكية تدفقًا مستمرًا من المساعدات الغذائية الإنسانية إلى غزة عبر الرصيف العائم بعد تشغيله مباشرة، لكن لم يصل سوى القليل من هذه المواد إلى الداخل الفلسطيني المحاصر.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن عدة شاحنات نُهبت وهي في طريقها إلى أحد المستودعات. كما أن تعقيد تشغيل مشروع الرصيف في “منطقة حرب” ما زال يؤدي إلى إبطاء عملية التوزيع.
واعتبرت الصحيفة أن مشروع الميناء العائم على شاطئ غزة، واجه وسيواجه العديد من المشكلات، لعل أهمها أن سياسة البيت الأبيض لا تسمح للقوات الأمريكية بالوجود على أرض غزة؛ ولذا فإن البنتاغون لديه القدرة على بدء المهمة لكنه لا يستطيع إنهاءها، وهو الوضع الذي شبهه أحد المحللين العسكريين بامتلاك محرك سيارة من دون عجلات.
وقالت الصحيفة إن مشروع الرصيف يكافح من أجل المضي قدمًا، لكنه يصطدم بالوضع الأمني السيّئ في غزة.
وبالمقابل، يواصل جيش الاحتلال استهداف ضباط وأفراد الشرطة الفلسطينية التي تساهم في حفظ الأمن والإيصال الآمن للمساعدات، في تعمدٍ واضح لإحداث حالة من الفوضى وعرقلة كل الجهود في تحسين الأوضاع الإنسانية بالقطاع.
واتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، يوم الاثنين، بالتسبب في “المجاعة كوسيلة للحرب، بما في ذلك الحرمان من إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمدا في الصراع”.
لكن المنظمات الإغاثية المحلية والدولية العاملة في غزة، أكدت أن العديد من سكان القطاع يعانون من الجوع الشديد، مما دفع عددًا منهم إلى أخذ المساعدات عنوة من الشاحنات.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن السطو على الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية يعكس يأس الناس الذين يحاولون إطعام أنفسهم وأسرهم.
ويقول مسؤولون في الأونروا ومسؤولون أمريكيون إنه من الصعب للغاية إيصال المساعدات إلى مراكز التوزيع دون حراسة من الشرطة وحماية القوافل الإغاثية.