قال إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في واشنطن، إن ما يجري في غزة والضفة المحتلة من "حرب إبادة" وقتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين العزل، في ظل وجود 34 ألف شهيد ولا يزال مثلهم وأكثر تحت الأنقاض، شكلّت بمجملها حالة غضب لدى الحركة الطلابية في أمريكا، إلى جانب الجرائم التي استهدفت البنية المدنية والصحفيين والأطباء، وسياسة التجويع التي مارستها سلطات الاحتلال بحق سكان القطاع.
وأوضح في حديثٍ خاص لـ "فلسطين أون لاين"، أن أهمية هذه الحركة، تبرز في أنها جاءت رغم محاولة وسائل الإعلام التقليدية الأمريكية تجاهل الأحداث؛ لكنّ وسائل الإعلام الاجتماعي لعبت دورًا مهمًا في تغذية الجمهور الأمريكي بحقيقة ما يدور.
وذكر غريب، أن حركة السلام في أمريكا الشمالية التي عارضت الحروب الأمريكية وكان ذلك في العراق وفيتنام وأوكرانيا وفلسطين، والتي تعارض الحرب والتدخل الأمريكي، برز تأثيرها في معارضة إرسال المساعدات، في الوقت التي يحتاجها كثير من الأمريكيين، خاصة في وضعهم الصحي والغذائي.
وأشار إلى، أن أهمية هذه الثورة تأتي في جيل الشباب النخبوي، الذي بات يرفع صوته بشكل قوي تجاه رفض ما يجري في فلسطين.
وأكدّ غريب، أن الكثير من الأمريكيين أجروا تغيرات مهمة تجاه النظرة لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية، في ظل حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل، وقد طالب 51% من الشعب الأمريكي وقف إطلاق النار، مقابل 36% فقط من يؤيدون إسرائيل، وهذا متغير هام.
وأشار لوجود 50 مجموعة أمريكية وعديد الكنائس التقليدية، عبرّت بصوت مرتفع في تأييدها للحقوق الفلسطينية، "هناك كنائس مسيحية اعتصموا في كافتيريا الكونغرس الأمريكي، وقالوا إن أحدًا لن يؤكل هنا حتى يأكل أهل غزة".
وبين غريب أن الحركة الطلابية لا تزال متصاعدة، رغم الإجراءات التعسفية التي لحقت بهم من طرد وفصل وبعضهم تم فصله من الوظائف بعد تعاقدها مع شركات، وتم فصلهم ولم يسمح لهم بالعمل، كما تم منع طلبة من التخرج.
وتابع: "رأينا أيضًا الهجوم على أساتذة من رجال الشرطة، وحالة الإهانة التي تعرض لها عدد منهم، وصل العدد كبير من الأساتذة والطلبة في جامعات أمريكية لمستوى من المعرفة لما يجري، الأمر الذي يدفعهم للتعبير عن رأيهم".
وشددّ غريب على، أن الأمر يزداد إصرارًا في ظل الإجراءات التي تستهدفهم، للدفاع عن الحقوق التي تدعي واشنطن أنها حامية لها.
وأشار لوجود عدد لا يستهان به من الطلبة اليهود في المشاركة بالمظاهرات، "قامت مجموعة لأجل العدالة لفلسطين وهي يهودية، بالتظاهر أمام الكونغرس واعتقل 400 منهم".
وأوضح غريب أن نتنياهو وداعميه يتهمون هذه المنظمات بـ "معاداة السامية"، مضيفًا: "لم يمت أحد في الجامعات الأمريكية؛ لكن هناك عشرات الآلاف الذين قتلوا في غزة"، متابعًا: "الطلاب يتابعون وهذا يمثل تطور مهم، ويدفعهم للاستمرار".
** المزاج الانتخابي!
ورأى الأكاديمي، أن التغيير في الشارع الأمريكي، بدأ يؤثر على القرار السياسي الأمريكي، خاصة مع محاولات "اللوبي اليهودي" دعم الشخصيات الداعمة لإسرائيل والمرشحة لانتخابات الكونغرس.
وقال "وجدنا تغيير مهم، فقد رأينا الانتخابات التمهيدية الأخيرة، أثر النشاط التي قامت به جمعيات عربية مؤخرًا، حصلت على 113 ألف صوت في الولايات المتأرجحة، تعبر عن غضبها من أداء بايدن وقررت عدم التزامها".
وذكر أن هذا العدد كان أكبر بكثير من توقعات القائمين على هذه الحملات، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي لتوجيه مبعوث بالفلسطينيين والعرب والمسلمين، ورفض عدد كبير منهم الالتقاء به".
وأضاف: "مبعوث بايدن سألهم ماذا يمكن فعله لتغيير مواقفكم، فردوا عليه، "لو عاد المسيح وأحيى الموتى، فلن نغير رأينا".
وشددّ على، أن عدد كبير من الناخبين صوتوا أننا غير ملتزمين: "أي لن ننتخب الجمهوريين ولا الديمقراطيين".
وأوضح أن مستشاري بايدن يراهنون بأن الجمهور الأمريكي سينسى ما جرى في غزة، لأنهم لا يريدون رؤية ترامب في البيت الأبيض، معلقًا: "الواقع هناك عدد كبير من الناخبين الذين لن ينتخبوا ترامب ولا بايدن، ويقولون إنهم لا زالوا ملتزمين بمواقفهم، ولن ينسوا ما فعله الاثنين".
ولذلك تنحصر إمّا أنهم لن ينتخبوا الشخصين، أو اختيار كورنال ويست وهو شخصية معروفة أكاديمية داعمة للقضية الفلسطينية منذ فترة، وتعرض أيضًا لفصل من جامعته نظرًا لمواقفه من القضية الفلسطينية، وفق تعبيره.
وذكر غريب، أن هذا الشخص مرشح للرئاسة، مردفًا: "قد نرى عددًا كبيرًا يصوت له، ولهذا القلق يتصاعد لحد ما خاصة في أوساط الديمقراطيين، وقد نرى بعض التغيير في لهجة الإدارة الأمريكية اعتقد أن جزء كبير جاء بسبب نتائج الانتخابات الأمريكية التي برزت فيها أعداد كبيرة نسبية قد تؤثر على نتائج الانتخابات، وبدأنا نرى تغيير في اللهجة، وتصاعد في المظاهرات التي تصاعدت في عدة جامعات أمريكية بدأت في الأشهر الأخيرة".
وأوضح أن الموقف العربي والإسلامي غائب تمامًا عن الصراع الأمريكي تجاه العملية الانتخابية الامريكية، "المنظمات الصهيونية لا تقدم فقط بدعم مالي للشخصيات المؤيدة لها، بل تشارك في توجيه الرسائل لأنصارهم وأعضاء الكونغرس دعم إسرائيل ومطالبتهم الاستمرار لعملية الدعم".
ولفتإدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون في واشنطن، لوجود منظمات داعمة ومؤثرة إسرائيليًا؛ متابعًا: "لكن هناك أيضًا منظمات عربية ولاتينية وأسيوية وإسلامية، وأخرى دينية تنتقد ما تقوم به إسرائيل، وتطالب بسحب عدة كنائس الأموال التي تستثمر في إسرائيل والمستوطنات بالضفة الغربية".
وخلاصة لكل ما يدور، "هناك بوادر تغيير مهم، بدأ يؤثر في المشهد الأمريكي السياسي، وسيفضي لنتائج مهمة، في سياق مراكمة دائمة لها".