يعيش الأسرى الفلسطينيون في السجون الصهيونية، أوضاعاً استثنائية من الناحية الصحية، قل ما يعيشها أسرى أو معتقلون في مناطق أخرى، فهم يتعرضون إلى أساليب منهجية تؤدي حتماً لإضعاف أجساد الكثيرين منهم، وتمعن في استهدافهم من الناحية المعنوية؛ تتمثل في الحرمان من الرعاية الطبية الحقيقية، وفي أساليب القهر والإذلال والتعذيب، التي تتبعها طواقم الاعتقال والتحقيق والسجانين والحراسة، التابعين للعديد من الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية.
أساليب إضعاف الإرادة والجسد على السواء، ثنائية مأساوية متبعة في دولة تخال أن الديمقراطية مصانة في نظامها السياسي والقضائي، الذي أجاز التعذيب والضغط بحق الأسرى والمعتقلين، في سابقة غير معهودة على المستوى العالمي، ما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية.
كما ويواجهون واقعًا بالغ الصعوبة، والتعقيد داخل السّجون، ويتعرض الأسرى لجريمة "عقاب جماعي" ممنهج هي الأشد منذ عقود"، وما زاد من حدة تعقيد الواقع في أقسام الأسرى، تصاعد أعداد المعتقلين الجدد، وما نتج عنها من حالة اكتظاظ عالية، وذلك مع تصاعد حملات الاعتقال اليومية في الضّفة وغزة بشكل أساس.
نستحم مرة واحدة فقط !
ومن ضمن تلك الإجراءات الصعبة التي يواجهها الأسرى حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وهي النظافة الشخصية! الأمر الذي سمح لمرض "سكابيوس" بالانتشار بين الأسرى بشكل متسارع.
يعتبر الماء والصابون السلاح الوحيد الذي يمتلكه الأسرى لمواجهة أمراض الصيف والحشرات والزواحف، وترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقديم حلول عملية للقضاء عليها.
من واقع تجربته، المحرر محمد البرغوثي، الذي اعتُقل في بداية الحرب وحكم عليه بالسجن الإداري مُدة ٦ أشهر، يقول "في الفترة الأخيرة سمعنا عن مرض" سكابيوس" حصلنا على ماكينة حلاقة ولم نستخدمها فنحن في سجن النقب نحو كل أسبوعين نستحم مرة واحدة في الأسبوعين تقريبًا، الفتات من الشامبو، ولا نتعرض للشمس كما يجب.
وأضاف البرغوثي، في حديث لـ "فلسطين أون لاين"، أنهم لا يملكون ملابس إضافية ليتمكنوا من غسلها.
ويعتبر مرض الجرب هو طفح جلدي يسبب حكة تنتج عن سوس ناقب صغير يسمى القارمة الجَرَبية. وتحدث حكة شديدة في المنطقة التي ينقب فيها السوس. وقد تكون الرغبة في الحك قوية خلال ساعات الليل وهو مرض معد وينتشر من المخالطة اللصيقة بين الأسرى أو مخالطة أحد مكان نوم المصاب أو استعمال منشفته.
العزل القسري دون علاج !
ويصاحب هذا المرض عدة أعراض في حال لم تتوفر الاحتياطات اللازمة بين الأسرى أهمها السماح لهم بالاستحمام وغسل ملابسهم والتعرض لأشعة الشمس.
المحرر عبادة الريماوي، الذي اعتقل بداية الحرب، يقول لـ "فلسطين أون لاين"، في سجن مجدو سمعنا عن مرض "سكابيوس" وتم وضع الأسرى المصابين بالمرض في غرفة واحدة.
"وتضطر إدارة السجون في بعض الأحيان لمكافحة بعض الأمراض الجلدية المعدية، ليس حبًا في الأسرى بل لتجنب نقلها إلى السجانين"، بحسب المحرر الريماوي.
شريف ناجي, الذي التقاه محامي نادي الأسير فواز الشلودي، إن الأسرى في السجن يعانون من مشكلة انتشار الأمراض الجلدية بشكل كبير وأن ما يزيد عن 70 أسيرًا مصابين بمرض "السكابيوس", وتم وضع العديد منهم في غرف حجر، حيث منعوا أن يخرجوا منها إلى الفورة خوفًا من انتشار المرض إلى باقي الأسرى.
وقال ناجي: " إن إدارة السجن لم تقدم إلا القليل من الأدوية لهؤلاء الأسرى، وأن الدواء الذي قدم لم يوقف انتشار هذا المرض الجلدي، على الرغم من الحديث مع إدارة السجن التي لا تأخذ الموضوع على محمل الجد".
وأرجع ناجي أسباب انتشار هذا المرض إلى عدم وجود "نشافة" للملابس في السجن مما يضطر الأسرى إلى ارتداء ملابسهم بعد غسلها وهي رطبة.
وأضاف أن السبب الرئيسي الآخر هو عدم دخول اشعة الشمس إلى غرف الاسرى.
وأكد ناجي أن الأسرى يعانون من ضغط نفسي كبير، نتيجة انتشار تلك الأوبئة التي تنهش بأجسادهم الهزلة.
وتشهد السجون منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تصاعدًا في الإجراءات الانتقامية بحق الأسرى في سجون الاحتلال ومعسكراته، فإدارة سجون الاحتلال، تسعى يوميًا لفرض وخلق إجراءات "مهينة وسادية" على الأسرى، وذلك في إطار عملية الاستفراد وجريمة العقاب الجماعي المتواصلة بحقّهم.
ومن أخطر الإجراءات الراهنة والتي تمسّ حياة الأسرى، هو رفض إخراج الأسرى المرضى للعيادات، أو المستشفيات أو تقديم العلاج للأمراض المعدية الفتاكة، الأمر الذي يعني أنّ إدارة السّجون أوقفت علاج الأسرى فعليًا.ومع ذلك تتزايد تخوفات كبيرة من سرعة انتشار الأمراض، لكون إدارة السّجون ترفض إخراج النفايات من زنازين الأسرى، وذلك مع تقليص كميات الماء التي تصل للأسرى وقد لا تصل.