الفاقد التعليمي، مواجهة التجهيل، غياب متابعة الأبناء في مدارس الإيواء.. أسباب رئيسية وأخرى ثانوية، دفعت معلمات وخريجات جامعيات لإنشاء صفا تعليميا في إحدى مدارس الإيواء بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وأطلقت المعلمات اسم "الصف التعليمي" أو "التعليم في ظل الحرب" على مبادرتهن الفردية والتي لاقت اهتماما ودعما من إدارة إيواء مدرسة خالد بن الوليد (حكومية).
وحددت منسقة المبادرة المعلمة كفاح الأشقر طلاب المستويين (التمهيدي والأول)، كهدفين أساسيين للمبادرة التي تركز على استئناف التعليم في ظل الحرب الإسرائيلية الممتدة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول حتى هذه اللحظة.
وجمعت الأشقر التي نزحت للمدرسة المذكورة بداية العام الجاري بعد قصف الاحتلال منزل عائلتها في مخيم النصيرات، نحو 50 طالبا وطالبة من الفئة المحددة لتشرع بالبدء في الدروس التعليمية منتصف فبراير/ شباط الماضي (بعد نحو 4 شهور من الحرب الإسرائيلية).
ويتكون فريق المبادرة من المعلمات النازحات وذات التخصصات الأساسية: اللغة العربية والرياضيات عدا عن معلمتي التربية الدينية والفنية.
ولم يكن البدء في استئناف الدروس التعليمية "أمرا سهلا" بحسب الأشقر، التي تطرقت لصعوبات عدة واجهة فريقها، أولها: الفجوة الواسعة بين الطلبة والعملية التعليمية، وثانيها: الحالة النفسية السيئة للأطفال جراء "حرب الإبادة الإسرائيلية".
كما كان العامل الثالث في "غاية الصعوبة" والمتمثل برفض الطلبة الجلوس على مقاعد الدراسة – لكن هذا الأمر تم تجاوزه – باهتمام أولياء الأمور بالمبادرة وحرصهم على خلق أجواء تعليمية وجديدة لأطفالهم.
ولعل تلك الأجواء (التعليمية والترفيهية) التي أوجدتها المبادرة في مدرسة الإيواء المذكورة شجعت طلبة مستويات دراسية أخرى على طلب المشاركة والاقتراح بضم طلبة جدد من المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كما تقول الأشقر: "إن هذا الأمر يحتاج لدعم أكبر وأوسع".
ويأمل فريق "التعليم في ظل الحرب" بأن تعم المبادرة على جميع مدارس إيواء محافظات القطاع؛ لإفشال أهداف الحرب الإسرائيلية على شعبنا وتعويض "الفاقد التعليمي" لطلبة المراحل الدراسية المختلفة.
و"الفاقد التعليمي" مصطلح يعبر عن الخسارة العامة أو المحددة في المعرفة والمهارات التعليمية نتيجة انقطاع مؤقت أو ممتد عن العملية التعليمية.
فائدة واضحة
ريم الأشقر والدة أحد الطلبة الملتحقين في المبادرة، عبرت عن سعادتها بالتحاق طفلها بالدروس التعليمية المحددة للصف التمهيدي.
وأوضحت أن المبادرة عمت بالفائدة على أسرتها كالتزام أحدهم بالمقاعد الدراسية ومتابعة الدروس التعليمية عدا عن مشاركته في فعاليات ترفيهية وفنية لـ"دمجه في الحياة كأقل القليل".
ويتلقى الطلبة المشاركين في المبادرة دروسا تعليميا في المواد الأساسية لمدة ثلاثة أيام من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية عشر ونصف ظهرا، ودروسا دينية (جزء عم) وجلسات ترفيهية في الأيام المتبقية.
وتأمل الأم المشاركة في المبادرة والنازحة من شمال القطاع منذ 30 أكتوبر/ تشرين أول إلى مخيم النصيرات (وسط) بانتهاء الحرب الإسرائيلية "المسعورة"، واهتمام المؤسسات التعليمية والدولية بالمبادرات التعليمية في مدارس ومراكز إيواء النازحين؛ للحفاظ على الأطفال ومنحهم حقهم بالرعاية والتعليم وغيرهما.
وسبق أن حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني من حرب تشنها (إسرائيل) على الأطفال، مشيراً إلى أن عدد الأطفال الذين استشهدوا في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول أكبر من عدد الأطفال القتلى في حروب العالم خلال 4 سنوات.
واقع جديد
ومن وجهة نظر مدير مدرسة خالد بن الوليد سمير ثابت، فإن الواقع الذي فرضته الحرب الإسرائيلية بعد سبعة شهور من استمرارها، يتطلب محاولة إيجاد حلقة وصل بين الطالب ومستواه التعليمي.
وأوضح ثابت أن الفترة الزمنية الطويلة للحرب وغياب أفق انتهائها، دفعنا للاهتمام بمبادرة المعلمات النازحات داخل المدرسة.
وتطرق إلى صعوبات أخرى تواجه المبادرة كغياب توفر الكتب الدراسية بعدما أتت آلة الدمار الإسرائيلية على عشرات المباني والمدارس التعليمية وهو أمر جعله يطلق نداء للمؤسسات الأممية لرعاية المبادرات التعليمية المنتشرة في مراكز النزوح.
ووفقا لهيئة إنقاذ الطفولة التابعة للأمم المتحدة فإن نحو 75 في المائة من المدارس والجامعات في غزة دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب الإسرائيلية.