فلسطين أون لاين

طالبا طب بيطري يمد "حبال النجاة" للقطط برفح

تقرير "Animal Care" .. مبادرة طبية لعلاج الحيوانات المريضة والمصابة خلال الحرب

...
"Animal Care" .. مبادرة طبية لعلاج الحيوانات المريضة والمصابة خلال الحرب
غزة/ يحيى اليعقوبي:

 

داخل نقطة طبية بيطرية بحي تل السلطان بمحافظة رفح، وبابتسامة عريضة يستقبل طالب الطب البيطري ممدوح أبو لبدة (23 عاما) زائرا يحمل صندوق بداخله قطة مريضة بفعل حرب "الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

برفق أخرج الطبيب القطة ذات الشعر الأبيض يزين رقبتها حبل سماوي في وسطه جرس بعد أن دون بياناتها على سجل مراجعات، وبدأ بتفحص عينيها وأسنانها وتفقد جسدها، وفحص الحلق لمعرفة إن كانت تعانين من أية تقرحات أو أعراض تنفسية.

وبذات المهمة بدأ بقياس نبضات قلب القطة، ثم قياس حرارتها انتهى الأمر بحقنها بإبرة "مضاد حيوي" لعلاج الالتهاب خلال جلسة العلاج الثانية للقطة التي تعانين من تقرحات، من أصل أربع جلسات تخضع القطة لها، قبل أن يقوم زميله محمد قنوع بتقليم أظافرها، وإعادتها إلى صندوقها بحالة أفضل رسمت ابتسامة على ملامح صاحبها.

تعزيز الوعي

دفعت حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على القطاع وما تبعه من نزوح وعدم توفر الغذاء ذلك الزميلان قنوع وأبو لبدة وهما طالبا طبٍ بيطري بالمستوى الخامس بجامعة الأزهر لإطلاق مبادرة "Animal Care" لرعاية الحيوانات المريضة والمصابة والمهملة المتأثرة بالحرب.

وتهدف المبادرة لتعزيز الوعي بأهمية حقوق الحيوانات، فعالجا منذ إطلاق المبادرة بعد الأسبوع الأول من العدوان ألف حيوان إضافة لتنظيم العديد من الزيارات الميدانية، مع تزايد حاجة الناس في البحث عن علاج قططهم وحيواناتهم مع عدم وجود مستشفى بيطري لتقديم العلاج.

بدأت فكرة المبادرة عندما نزح قنوع مع عائلته من شمال القطاع إلى جنوبها حيث يسكن صديقه أبو لبدة بمحافظة رفح، ليلتقي الصديقان خارج مقاعد الدراسة الجامعية، فأطلقا مبادرة إيمانا منهما بحقوق الحيوان بتلقي الرعاية والعلاج من المرض والإصابة، وعدم تركهم للجوع والإبادة التي حصدت أرواح البشر وامتدت للحيوانات والطيور والشجر، وكل كائن حي، فتحولت آمالهما بالتخرج لمبادرة على أرض الواقع.

بعد انتهائه من علاج القطة المريضة، وخلع القفازات وإعادة الأدوات إلى أماكنها، يشرح أبو لبدة لـ "فلسطين أون لاين" قائلا: "هناك عدة خطوات قبل التعامل مع الحيوان تبدأ بالفحص الخارجي من نبضات قلب وقياس حرارتها، ومعرفة نوع الطعام الذي نأكله، وسؤاله عن طبيعة الحيوان إن كان هادئا أم مشاغبا نبدأ بالتدخل العلاجي".

وأضاف "نقدم العلاج ونحاول أن نخفف من آلام الحيوانات لأننا نؤمن أنها تستحق الرعاية والاهتمام كما أي روح أخرى، كما أن وضع الحيوانات كان سيئا قبل العدوان وتفاقمت أوضاعها خلال العدوان، بفعل قصف مأوى الحيوانات وشح الطعام مما أدى لسوء التغذية وسوء الوضع الصحي للقطط".

حبل نجاة

في وقتٍ آخر، تحمل السيدة "أم رهف" قطةً  هزيلة الجسد لا تقوى على الحركة، تعامل معها الطبيبان بنفس الطريقة السابقة، ما أبدى ارتياحا لدى صاحبتها.

بعمر ثلاثة أشهر ربت ابنتها القطة التي بلغت عامين حاليا، ورغم نزوح العائلة عن منزلها الواقع بمدينة غزة، أبت إلا أن تصطحب القطة معها، تردف "هذه روح وليس لها ذنب بما يجري".

وأصيبت قطة "أم رهف" بالعدوى، تقول عن ذلك وهي تضمها بين ذراعيها كمن تحتضن طفلها المدلل لـ "فلسطين أون لاين" وعلامات الارتياح تعلو وجهها: "أصيبت بمرض جلدي (البراغيت) بسبب الوضع الذي نعيشه وغياب بيئة نظيفة حولنا، وأمام عدم توفر الطعام لجأت لإطعامها معلبات الأسماك، وهو ما حاول الطبيب إيجاد بديل أفضل له".

فيما يصف الطبيب قنوع تدخلهم في علاج الحيوانات بأنه مثل "حبل نجاة وإنقاذ من الموت" وجاءت المبادرة في ظل افتقار محافظة رفح لأي نقطة بيطرية لتقديم العلاج للحيوانات، فلم يتركا الحيوانات ومارسا تخصصهم واقعا عملية وتطبيقيا في العلاج، مكرسين جهودهما في علاج الحيوانات.

ويوميا تتوافد عدة حالات غالبيتها لقطط مريضة أو مصابة على النقطة الطبية، وطوال الوقت يجلس قنوع وزميله أبو لبدة بداخل النقطة في حالة تأهب لاستقبال المراجعين حسب جداول ومواعيد وجلسات يقررانها للحيوانات، وهو ما أدى إلى ارتياح كبير لدى أصحاب القطط بسبب التحسن الذي طرأ على وضعهم الصحي، مع عدم وجود أي مستشفى بيطري متخصص.

 

المصدر / فلسطين أون لاين