أثارت مزاعم نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، قبل أيامٍ، حول إعدام الأجهزة الأمنية في غزة والتابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مجموعة من مخاتير العائلات الكبيرة في غزة من بينهم مختار عائلة دغمش بدعوى التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، جدلًا وتساؤلات واسعة حول صحة مضمون تلك الإدعاءات.
ومع انتشار الخبر على منصات التواصل، نفى رئيس المكتب الإعلامي في غزة سلامة معروف الحادثة، بالقول "ننفي ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت (الإسرائيلية) وتناقلته عدد من وسائل الإعلام ذات الأجندة المشبوهة، حول مزاعم بإعدام مخاتير عائلات على يد الأجهزة الأمنية في غزة."
وأضاف سلامة، في بيانٍ صحافي، أن "نشر مثل هذه المزاعم يأتي في سياق محاولات الاحتلال المتواصلة لزعزعة جبهتنا الداخلية وإحداث فوضى".
ولتخرج بعدها عائلة دغمش ببيان عبر صفحتها على الفيسبوك "المجلس المركزي لعائلة دغمش" تقول فيه إنه تم تداول بيان مدسوس ومزيف باسم صفحة العائلة تتهم فيه حماس بقتل مختار العائلة.
وأضاف البيان "وبهذا الصدد نؤكد أن مختار عائلة دغمش الحاج صالح عاشور دغمش ومعه مجموعة من الوجهاء استشهدوا في بداية الحرب بقصف إسرائيلي وحشي على مسجد العائلة مسجد أحياء السنة أثناء صلاة المغرب في 16 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023".
وبعد إعلان العائلة استشهاد مختارها بقصف إسرائيلي، تبين أن رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده قد كتب تدوينة على حسابه على منصة إكس بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي نشر فيها أسماء الشهداء من عائلة دغمش الذين استشهدوا بالقصف الإسرائيلي على حي الصبرة، وكان أول اسم تم نشره هو صالح عاشور دغمش (المختار).
كشف شهداء عائلة دغمش في حي الصبرة غرب غزة:
— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) December 17, 2023
1- صالح عاشور دغمش ( المختار)
2- زوجته/ علا وصفي دغمش
3- محمود صالح عاشور دغمش
4- زوجته/ ميسون دغمش( حامل)
5- مجاهد محمود صالح دغمش
6- مناضل محمود صالح دغمش
7- ميرال محمود صالح دغمش
8- ميرا محمود صالح دغمش
9- فلاح عاشور العسلي دغمش
10-… pic.twitter.com/5vRQxhwugm
وخلال عملية بحث أكثر تبين أن قناة الجزيرة مباشر نشرت في اليوم التالي من تدوينة رامي عبده بوست عبر صفحتها على الفيسبوك عن نشر وسائل إعلام محلية فلسطينية كشفا بأسماء 109 شهداء من عائلة واحدة، استشهدوا جراء قصف إسرائيلي لحي الصبرة غربي قطاع غزة، وكان اسم المختار صالح دغمش في القائمة، والكثير من الحسابات الفلسطينية التي نشرت أسماء الشهداء.
ومؤخرًا عمدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ضرب النسيج المتماسك بين أهالي القطاع والمقاومة الفلسطينية، في ظل فشلها العسكري والتفاوضي، حيث سعت إلى ذلك من خلال نشر الإشاعات ومحاولة إشعال الفتنة في غزة، ومحاولة التواصل مع جهات عشائرية لتكون بديلًا يدير الحكم بقطاع غزة وهي خطة قديمة جديدة، لم تنجح بالمطلق.
وقبل المزاعم العبرية بأيامٍ قليلة، أبلغ وجهاء عائلات في قطاع غزة مسؤولين أمميين باجتماع عقد، قبل أسبوع، رفضهم التعاون مع "إسرائيل" في إدخال المساعدات إلا عبر الأجهزة الأمنية في قطاع غزة.
وأضافت مصادر صحفية، أن منسق أعمال حكومة "إسرائيل" بالقطاع تواصل شخصيًا مع وجهاء عائلات غزة، لكن تم رفض عرضه بالتعاون.
رفض تجمع عائلات وعشائر غزة أن تكون بديلًا عن أي نظام سياسي في قطاع غزة، جاء ذلك في أعقاب محاولات من سلطات الاحتلال الإسرائيلي لخلق كيان يكون بديلًا عن سلطة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع، الأمر الذي دفع الحركة للقول إن محاولات الاحتلال لخلق كيان مواز لن تنجح.
فقد قال تجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية إن القبائل ليست بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني، بل إنها مكوّن من المكوّنات الوطنية وداعمة للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وتجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية هو تجمع شعبي غير حكومي يضم ممثلين عن غالبية القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والشتات.
مخطط إسرائيلي
وجاء البيان في أعقاب الحديث عن توجه إسرائيلي لتقسيم قطاع غزة إلى مناطق، وتولي العشائر والعائلات مسؤولية تلك المناطق، خاصة توزيع المساعدات.
وكانت قناة "كان" الإسرائيلية قد كشفت في يناير/كانون الثاني الماضي عن خطة لجيش الاحتلال الإسرائيلي تتضمن تقسيم غزة إلى مناطق تحكمها العشائر، وتتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية فيها.
وقالت القناة إنه "سيتم تقسيم القطاع إلى مناطق ونواح، حيث ستسيطر كل عشيرة على ناحية، وستكون مسؤولة عن توزيع المساعدات الإنسانية"، مشيرة إلى أن هذه "العشائر المعروفة لدى الجيش وجهاز الأمن العام (شاباك) ستقوم بإدارة الحياة المدنية في غزة لفترة مؤقتة (من دون تحديد المدة)".
وأكد البيان حُرمة التعاطي مع "العدو الصهيوني" في إعادة تدوير نظام "روابط القرى"، أو إنشاء صحوات عشائرية تخدم المحتل الغاصب، وإن كل من يشارك في ذلك يعامل معاملة الاحتلال الصهيوني.
وشدد البيان على أن القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية جزء أصيل من فسيفساء المجتمع الفلسطيني، وهي داعمة للمقاومة الشاملة.
حماس تتوعد
في السياق ذاته، قال مسؤول أمني بحركة حماس إن سعي الاحتلال لاستحداث هيئات تدير غزة مؤامرة فاشلة لن تتحقق، مؤكدا أن قبول التواصل مع الاحتلال من مخاتير وعشائر للعمل بقطاع غزة خيانة وطنية، وأن الحركة لن تسمح بها.
وأوضح المسؤول الأمني أن حماس لن تسمح "للعدو بأن يعوض ما خسره في الميدان من خلال الألاعيب السياسية داخل قطاع غزة".
وأشار إلى أن الحركة "ستضرب بيد من حديد مَن يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة، ولن نسمح بفرض قواعد جديدة".
وتابع المسؤول الأمني بالحركة أن "كل محاولات زعزعة أمننا واستقرارنا في قطاع غزة ستبوء بالفشل ولن نسمح بذلك"، مؤكدا في القوت ذاته أن المقاومة "هي الضمانة الوحيدة لنا كشعب وبيئة حاضنة".
اجتماعات متواصلة
وفي السياق ذاته، كشف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة عن أن أطرافًا دولية عقدت -بتوجيه إسرائيلي- حتى اللحظة 12 اجتماعا مع مخاتير وعشائر في قطاع غزة، في إطار سعيهم للبحث عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
وأشار الثوابتة -في منشور على منصة إكس- إلى أن جميع العائلات التي عُرض عليها هذا الأمر أعلنت رفضها بشكل كامل لهذا العرض، على اعتبار رفض مخططات الاحتلال الرامية لضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية.